يلجأ المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى بالدعاء وتلاوة القرآن الكريم، خاصة عند مروره بظروف صعبة وشعوره بالضيق والشدة، فلا يجد ملجأً إلا الله، راجيًا فرجه وتيسير أمره، ومن السور التي يواظب الكثيرون على قراءتها سورة الواقعة، لما شاع بين الناس عن فضلها في تيسير سبل الرزق وفتح أبواب الخير، إن التضرع إلى الله بالدعاء من أعظم العبادات، وسورة الواقعة من سور القرآن المباركة التي تحمل معاني عظيمة، وهو ما يدفع الكثيرين إلى قراءتها والبحث عن أدعية مقترنة بها أملًا في البركة وسعة الرزق.
حقائق ومعلومات أساسية حول سورة الواقعة
سورة الواقعة هي إحدى سور القرآن الكريم المكية، وتحمل في طياتها معاني جليلة حول يوم القيامة وأحوال الناس فيه، وفيما يلي معلومات تفصيلية وموثوقة عن هذه السورة المباركة:
- تصنيف السورة: سورة مكية، نزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
- موضعها في المصحف: تقع في الجزء السابع والعشرين، وهي السورة رقم 56 في ترتيب المصحف الشريف.
- عدد آياتها: تتكون من 96 آية.
- سبب التسمية: سُميت “الواقعة” لورود هذا اللفظ في مطلعها، في قوله تعالى:
 “إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ” [الواقعة: 1]، والواقعة اسم من أسماء يوم القيامة. 
صيغ أدعية شائعة تُنسب إلى سورة الواقعة
يتداول بعض الناس صيغًا متنوعة من الأدعية وينسبونها إلى سورة الواقعة، ويدعون بها بعد قراءتها طلبًا للرزق أو قضاء الحوائج أو غيرها من المقاصد، ورغم أن هذه الأدعية تحمل في طياتها معانٍ طيبة، إلا أنه من المهم توضيح حكم نسبتها إلى السورة، ومن أمثلة هذه الصيغ المنتشرة:
1، أدعية عامة للبركة وتفريج الكروب
- “اللهم يا من تخضع له الكائنات في السماوات والأرض، وكل شيء يسجد لجلال وجهك، ونورك يملأ الآفاق، ألهمني الصبر والثبات، واهدني إلى ما تحب وترضى.”.
- “يا الله يا من عدلك هو الميزان الحق، أزل عني الكرب والضيق، وامنح قلبي نورًا يضيء لي الطريق بفيض رحمتك.”.
- “اللهم يا عظيم الشأن، ويا عالم الغيب وما في الصدور، اجعل مستقبلي عامرًا بالخيرات، ومليئًا بالبركات، واسلك بي طريق الفلاح والصلاح.”.
- “يا كريم يا من بيده مقاليد الأمور، اغنني بحلالك عن حرامك، واملأ قلبي بالسكينة وجبر الخاطر، وأبعد عني حسد الحاسدين كما باعدت بين المشرق والمغرب.”.
2، أدعية لقضاء الحوائج وجلب الرزق
- “اللهم يا مالك الملك، ويا واسع الفضل والعطاء، اقضِ حاجتي، وأصلح شأني، وتولَّ أمري برحمتك يا أرحم الراحمين.”.
- “يا الله، ارزقني بحلالك ما يغنيني عن الحرام، وبارك لي فيما أعطيتني، وسُق إليَّ من الخير ما لا أتوقعه، واغنني بفضلك عمن سواك.”.
- “اللهم يا مقسم الأرزاق ويا ميسر الأمور، إن كان رزقي بعيدًا فقربه، وإن كان عسيرًا فسهّله، وإن كان قليلًا فكثّره، وإن كان كثيرًا فبارك لي فيه.”.
- “اللهم افتح لي أبواب رزقك بلا حساب، وأكرمني من خيرك الواسع، ولا تجعلني بحاجة إلى أحد من خلقك، ويسر لي كل أمر يعسر علي برحمتك وكرمك وجودك.”.
3، أدعية لتيسير الزواج ودفع الظلم
- “اللهم يا رب العالمين، ارزقني بالزوج الصالح الذي يكون سببًا في قربي منك وطاعتك، ويكون لي العون والسند في أمور ديني ودنياي.”.
- “يا ذا الجلال والإكرام، أسألك أن ترزقني زوجة صالحة تكون قرة لعيني، وحافظة لبيتي، وعونًا لي على طاعتك.”.
- “يا الله يا عادل يا من لا يضيع عندك حق، أنت القادر على كل شيء، فوضت أمري إليك، فبرحمتك ارزقني نصرًا وفرجًا من عندك، ورد عني ظلم من ظلمني.”.
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أنها خاصة بسورة الواقعة، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، ويجوز للمسلم أن يدعو بهذه الأدعية أو بغيرها من الأدعية الطيبة كدعاء عام في أي وقت، ولكن لا يجوز تخصيصها بسورة الواقعة أو اعتقاد أن لها فضلًا خاصًا عند قراءتها معها.
ما صحة تخصيص دعاء معين بسورة الواقعة؟ (الحكم الشرعي)
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء محدد يُقال بعد قراءة سورة الواقعة، إن تخصيص عبادة معينة (مثل دعاء بصيغة محددة) بوقت معين أو مكان معين أو حال معين (مثل قراءة سورة محددة) يحتاج إلى دليل شرعي صحيح، وهذا غير متوفر في هذه المسألة.
والمنهج الصحيح هو:
- قراءة السورة: يقرأ المسلم سورة الواقعة كغيرها من سور القرآن الكريم للتدبر ونيل الأجر.
- الدعاء العام: بعد الانتهاء من القراءة، يمكن للمسلم أن يرفع يديه ويدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، كطلب الرزق، أو سداد الدين، أو الزواج، أو غير ذلك، دون أن يعتقد أن هذا الدعاء له صيغة خاصة مرتبطة بالسورة.
فالأدعية المذكورة أعلاه هي أدعية طيبة في معانيها، ولكن الخطأ يكمن في نسبتها وتخصيصها بسورة الواقعة.
فضل سورة الواقعة في السنة النبوية
اشتهر بين الناس حديث يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في فضل سورة الواقعة، وهو:
“مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا”
درجة صحة الحديث: هذا الحديث رواه البيهقي وغيره، وقد ضعَّفه جمهور كبير من علماء الحديث، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، والدارقطني، والألباني، وعلى الرغم من ضعفه، فإن قراءة القرآن بشكل عام، بما في ذلك سورة الواقعة، هي من أعظم أسباب البركة والخير والرزق.
فالرزق بيد الله وحده، وقراءة القرآن والتقرب إلى الله بالطاعات من أسباب جلبه، دون الحاجة إلى الاعتماد على أحاديث لم تثبت صحتها.
نماذج من أثر اليقين في الدعاء (قصص وتجارب)
تنتشر بين الناس قصص وتجارب شخصية حول أثر المداومة على قراءة سورة الواقعة والدعاء بيقين، هذه التجارب، وإن كانت فردية، تُظهر أهمية الثقة بالله وحسن الظن به واليقين في إجابته للدعاء.
على سبيل المثال، تُروى قصة فتاة كانت تواظب على قراءة سورة الواقعة يوميًا بيقين تام في فضل الله، وتدعو الله أن يرزقها الزوج الصالح بعد أن تقدم بها العمر، وبفضل الله ثم بفضل صدقها في الدعاء واللجوء إليه، استجاب الله لدعائها ورزقها ما تمنت.
العبرة من هذه القصص ليست في تخصيص السورة بفضل معين، بل في قوة اليقين بالله والصدق في التوجه إليه بالدعاء، فالقرآن كله بركة، والدعاء هو مخ العبادة.
المصادر والمراجع
- سورة الواقعة، من القرآن الكريم.
- حديث فضل سورة الواقعة: رواه البيهقي في شعب الإيمان وغيره، وهو حديث ضعيف، (يمكن مراجعة حكمه على موسوعة الدرر السنية للحديث الشريف).
أسئلة شائعة حول دعاء سورة الواقعة
هل يوجد دعاء صحيح وثابت لسورة الواقعة؟
لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام دعاء محدد يُقال عند قراءة سورة الواقعة، والأدعية المنتشرة هي اجتهادات أو أدعية عامة لا يجوز تخصيصها بالسورة.
ما حكم حديث “من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا”؟
هو حديث ضعيف عند جمهور المحدثين، ولا يصح الاستدلال به على فضل خاص ومؤكد للسورة في منع الفقر، وإن كان القرآن كله خير وبركة.
ما هي الطريقة الصحيحة لطلب الرزق بسورة الواقعة؟
الطريقة الصحيحة هي أن يقرأ المسلم السورة بنية التقرب إلى الله وتدبر آياتها، ثم يدعو الله بعد ذلك بأي دعاء عام لطلب الرزق، دون أن يعتقد أن هناك صيغة دعاء معينة مرتبطة بالسورة.
هل يجوز الدعاء بالصيغ المنتشرة المنسوبة للسورة؟
نعم، يجوز الدعاء بها كأدعية عامة في أي وقت، لأن معانيها طيبة، الممنوع هو اعتقاد أنها أدعية خاصة بسورة الواقعة وأن لها فضلًا إذا قُرئت معها تحديدًا.
 
		

