إن تلاوة القرآن الكريم من أعظم القربات إلى الله تعالى، ويُشرع للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بعد التلاوة أو في أي وقت، راجياً الإجابة ببركة كلام الله، وفيما يلي بيان لبعض الأدعية الصحيحة والمأثورة، مع توضيح لما اشتهر بين الناس من أدعية منسوبة لسورة يس.
ما صح في فضل سورة يس؟
سورة يس من السور المكية العظيمة التي تركز على أصول العقيدة الإسلامية، وقد ورد في فضلها بعض الأحاديث النبوية التي يتفاوت العلماء في درجة صحتها، من المهم للمسلم أن يبني عبادته على ما ثبت بالدليل الصحيح، إليك بيان لأشهر ما ورد في فضلها:
- قراءتها على المحتضر: ورد حديث: «اقرؤوا على موتاكم يس»، وهو حديث ضعفه كثير من أهل العلم، بينما حسّنه بعضهم، وبناءً على ذلك، يرى بعض العلماء استحباب قراءتها على من حضرته الوفاة رجاء التخفيف عنه، لا بعد وفاته.
- حديث “يس قلب القرآن”: الحديث الذي ورد فيه أن “لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس” هو حديث ضعيف جداً أو موضوع، ولا يصح الاستدلال به.
والخلاصة أن فضل سورة يس يكمن في كونها جزءاً من كلام الله تعالى، وقارئها له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، كفضل سائر سور القرآن الكريم، أما تخصيصها بفضائل معينة لقضاء الحاجات أو تفريج الكروب فلم يثبت فيه حديث صحيح.
أدعية صحيحة من القرآن والسنة لقضاء الحوائج وتفريج الكروب
الأفضل للمسلم أن يدعو بالأدعية الجامعة الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن الدعاء بها في كل وقت وحين:
1، دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم)
وهو من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمع كل خير.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: [سورة البقرة: 201].
2، دعاء تفريج الكرب (دعاء ذي النون)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
المصدر: [سورة الأنبياء: 87]، والحديث أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
3، سيد الاستغفار (لطلب المغفرة والرحمة)
وهو أفضل صيغ الاستغفار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”
المصدر: صحيح البخاري.
4، دعاء قضاء الدين وزوال الهم
دعاء عظيم علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن عليه دين وهمّ.
“اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”
المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن.
صيغ شائعة تُنسب لسورة يس (مثل عدية يس)
تنتشر بين بعض الناس صيغ أدعية محددة يربطونها بسورة يس أو بتلاوتها، ويطلقون عليها أسماء مثل “دعاء سورة يس” أو “عدية يس”، من باب الأمانة العلمية، نورد بعض الأمثلة على هذه الصيغ المتداولة، مع التنبيه على حكمها الشرعي بعدها مباشرة.
- اللهم يا من إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون اجعل أمنيتي تتحقق…
- يا إلهي أنتَ وحدَكَ العليمُ بأحوالِ عبادِكَ وأنتَ القادرُ عليهم، أسألُكَ بفضلكَ وبحقِّ القرآنِ الكريمِ وبأسرارِ سورةِ يس أنْ تُلينَ لي قلوبَ عبادِكَ…
- اللهم بحق كرمك الخفي وبحق اسمك الأعظم يا عالم الغيب والأسرار..، اقض حاجتي ببركة هذه الآيات…
- سلام قولا من رب رحيم اللهم احفظنا بحفظك وأكرمنا بعطاياك وبارك لنا فيما رزقتنا…
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
إخلاء مسؤولية: الصيغ المذكورة أعلاه وغيرها مما يُعرف بـ “عدية يس” أو “دعاء سورة يس الخاص” هي صيغ وأدعية لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من أصحابه أو السلف الصالح، إن تخصيص دعاء معين لسورة معينة أو لوقت معين دون دليل شرعي يُعتبر من الأمور المحدثة التي ينبغي تجنبها.
الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها غنية عن الأدعية التي لم يثبت لها أصل شرعي.
أدعية عامة يمكن الدعاء بها في كل وقت
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يشاء من الأدعية الطيبة التي ليس فيها إثم أو قطيعة رحم، دون أن ينسبها إلى الشرع أو يخصص لها فضلاً لم يرد به دليل، وهذه أمثلة على أدعية عامة جامعة:
- اللهم إني أسألك اليُسر بعد العُسر، والفرج بعد الكرب، والرخاء بعد الشدة، اللهم اجعل لي من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية.
- يا رب، أسألك أن تحفظني من الذنوب، وترزقني البر والتقوى، وتمنحني الفوز بالجنة والنجاة من النار، وثقّل موازيني بالحسنات يوم ألقاك.
- اللهم يا كاشف الضر ويا مُفرج الكروب، نسألك فرجًا قريبًا، سبحانك يا من بيدك تدبير الأمور، يا مُيسر كل عسير، ويا راحم الضعيف، لا تردنا خائبين.
- اللهم إني أسألك العافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3563، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حكم حديث “اقرؤوا على موتاكم يس” – موقع إسلام ويب.
- حكم حديث “يس قلب القرآن” – موقع الإسلام سؤال وجواب.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
س1: هل دعاء “عدية يس” ثابت وصحيح؟
ج: لا، لم يثبت هذا الدعاء ولا غيره من الأدعية المخصصة لسورة يس بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو بأي دعاء طيب لا يخالف الشرع، دون تخصيص أو اعتقاد فضل معين لم يرد به دليل.
س2: ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة لسورة يس؟
ج: البديل الصحيح والأفضل هو اللجوء إلى الأدعية الثابتة في القرآن الكريم (مثل: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”) والسنة النبوية الصحيحة (مثل: دعاء الكرب، سيد الاستغفار)، هذه الأدعية جامعة ومباركة وكافية لكل حاجة.
س3: ما هو الوقت الأفضل للدعاء؟
ج: يُستجاب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات وأحوال أرجى للإجابة، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.
س4: هل يجوز لي أن أدعو بعد قراءة سورة يس؟
ج: نعم، يُشرع الدعاء بعد أي عمل صالح، ومن ذلك تلاوة القرآن، يمكنك بعد الانتهاء من قراءة سورة يس أو أي سورة أخرى أن ترفع يديك وتدعو الله بما تشاء من خيري الدنيا والآخرة، مستخدماً الأدعية المأثورة أو ما يجري على لسانك من دعاء طيب.


