ماء زمزم نعمةٌ عظيمة وفضلٌ من الله تعالى، فهو ماءٌ مباركٌ له مكانة خاصة في قلوب المسلمين، يُستحب الدعاء عند شربه التماساً لبركته ورجاءً للإجابة، وقد ورد في فضله قول النبي صلى الله عليه وسلم:

“إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ”

أي أنها تغني شاربها عن الطعام، (رواه مسلم، حديث رقم 2473).

دعاء مأثور عن السلف عند شرب ماء زمزم

الدعاء الثابت عند شرب ماء زمزم هو ما ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث كان إذا شرب من ماء زمزم قال:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ”.

وهذا الأثر يُعد من الأدعية المأثورة عن السلف الصالح، ويجوز للمسلم الدعاء به أو بأي دعاء آخر فيه خير الدنيا والآخرة، عملاً بالحديث الشريف: “مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ” (رواه ابن ماجه وحسّنه جمع من أهل العلم).

صيغ دعاء شائعة عند شرب ماء زمزم

ينتشر بين الناس بعض صيغ الأدعية التي تُقال عند شرب ماء زمزم لطلب أمور محددة كالرزق أو الزواج، هذه الصيغ لم ترد في السنة النبوية، ولكن يجوز الدعاء بها وبغيرها ما دام معناها صحيحاً ولا تحتوي على محظور شرعي، ومن أمثلتها:

• لطلب الرزق: “اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ يَا رَزَّاقُ يَا كَرِيمُ، بَارِكْ لِي فِي رِزْقِي، وَأَوْزِعْنِي شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ الْخَيْرِ، وَاغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”.
• لطلب الزواج: “اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي زَوْجًا صَالِحًا (أو زَوْجَةً صَالِحَةً) تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي، وَيَكُونُ عَوْنًا لِي عَلَى طَاعَتِكَ، وَارْزُقْنِي مَعَهُ حَيَاةً طَيِّبَةً يَمْلَؤُهَا الْوَدُّ وَالرَّحْمَةُ”.
• للحامل وطلب الذرية: يمكن الدعاء بالآية الكريمة:
  

  “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ” [الأنبياء: 89]

  ، مع إضافة: “اللَّهُمَّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، والأفضل للمسلم أن يدعو بما في قلبه من حاجات بصدق وإخلاص.

ما صحة حديث “ماء زمزم لما شُرب له”؟

حديث “مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ” هو حديث مشهور، وقد رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما، وقد اختلف أهل العلم في درجة صحته، فمنهم من ضعّفه، ومنهم من حسّنه أو صححه لكثرة طرقه وشواهده، وهو ما ذهب إليه جمع من المحققين، والعمل بهذا الحديث مستحب، فيدعو المسلم عند شربه بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بنية صادقة ويقين بالإجابة.

آداب شرب ماء زمزم

يُستحب للمسلم عند شرب ماء زمزم اتباع الآداب النبوية العامة للشرب، والتي تزيد من بركة هذا العمل، ومنها:

• استحضار النية: أن ينوي عند شربه تحقيق حاجة معينة، كالشفاء من مرض، أو طلب العلم، أو سعة الرزق.
• التسمية: أن يقول “بسم الله” قبل الشرب.
• الشرب باليد اليمنى: اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
• استقبال القبلة: وهو من الآداب التي ذكرها بعض أهل العلم لزيادة الفضل.
• الشرب جالسًا: وهو الأفضل، ويجوز الشرب قائماً.
• التنفس ثلاثًا: أن يشرب على ثلاث دفعات، ويتنفس خارج الإناء بينها.
• الدعاء: أن يدعو الله تعالى قبل الشرب أو بعده بما يحب من الدعاء.
• التضلُّع: وهو الشرب حتى يرتوي تماماً ويمتلئ جنبه، وهو من السنة الفعلية التي نُقلت عن بعض الصحابة.
• حمد الله: أن يقول “الحمد لله” بعد الانتهاء من الشرب.

بركة ماء زمزم والتماس الشفاء به

ماء زمزم ماءٌ مبارك، أصله معجزة إلهية، وقد جعله الله سببًا للشفاء والبركة، يُنصح المسلم بشربه بنية الاستشفاء من الأمراض الجسدية والروحية، ثقةً بالله تعالى ويقينًا ببركة هذا الماء، ومن الفوائد المرجوة بإذن الله عند شربه بنية صادقة:

• يُعد مصدرًا للطاقة والحيوية للجسم.
• يُرجى به الشفاء من الأمراض والأسقام بإذن الله تعالى.
• يُعين على تقوية الجسم وتعزيز مناعته ببركته.
• يُستخدم لغسل العين والوجه التماسًا للنور والبركة.
• يُروى أنه يساهم في تحسين الهضم وإراحة الجهاز الهضمي.
• يُشرب بنية صلاح القلب والذرية والرزق، فالله سبحانه هو الموفق والمعطي.

والأهم من ذلك كله هو اليقين بأن الشافي هو الله وحده، وأن ماء زمزم سبب مبارك جعله الله لمن شاء من عباده.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو الدعاء الصحيح عند شرب ماء زمزم؟

أصح ما ورد هو دعاء الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ”، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خير، فماء زمزم لما شُرب له.

هل صحيح أن الدعاء مستجاب عند شرب ماء زمزم؟

نعم، يُرجى إجابة الدعاء عند شربه، استنادًا لحديث “ماء زمزم لما شُرب له”، مع ضرورة إخلاص النية وحسن الظن بالله تعالى، فهو من أوقات وأحوال إجابة الدعاء المباركة.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة للرزق أو الزواج؟

البديل الأفضل هو الدعاء بما ورد في القرآن والسنة، أو أن يدعو المسلم بأسلوبه الخاص وبما في قلبه من حاجات، فالأدعية المنتشرة ليست ملزمة ولا أفضل من الدعاء الصادق النابع من القلب.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر