عندما يواجه المؤمن ابتلاءً أو يمر بضيق، يكون الملجأ الأول والأخير هو الله سبحانه وتعالى، فهو القادر وحده على كشف الضر وتفريج الكروب، والدعاء هو أعظم وسيلة للصلة بالله، وهو عبادة خالصة تعبر عن افتقار العبد لربه، ويقينه برحمته وقدرته، وعندما يرفع الله البلاء، يأتي دور الشكر والحمد، اعترافًا بفضله وامتنانًا لعظيم لطفه وكرمه.
في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الثابتة في القرآن والسنة، مع بيان مصادرها، لتكون عونًا للمسلم في شكر الله على النجاة من المصائب والكروب.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية للنجاة والشكر
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة مباركة، فيها الخير والكفاية.
1، دعاء عند وقوع المصيبة
من السنة أن يسترجع المسلم عند وقوع المصيبة، طالبًا من الله الأجر والعوض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا.”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 918.
وهذا الدعاء أصله في قول الله تعالى:
“الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”
المصدر: [سورة البقرة: 156].
2، دعاء تفريج الكرب (دعاء ذي النون)
وهو من أعظم الأدعية لتفريج الهموم والكروب، وهو دعاء نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
المصدر: [سورة الأنبياء: 87].
وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:
“دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فإنَّهُ لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له.”
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3505 (حديث صحيح).
3، دعاء المكروب
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء عند الكرب الشديد، وهو من الأدعية الجامعة التي فيها التجاء كامل لله.
“اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.”
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 5090 (حديث حسن).
أدعية عامة وصيغ مأثورة للشكر عند النجاة
هناك العديد من صيغ الحمد والشكر العامة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها، وهي تعبر عن الامتنان لله على نعمه وتفريجه للكربات، وهذه بعض الأمثلة:
- الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، الحَمْدُ للهِ عَلَى لُطْفِهِ وَكَرَمِهِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الهَمَّ وَأَزَالَ الغَمَّ.
 - اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، لَكَ الحَمْدُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَلَكَ الحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
 - يَا رَبِّ، لَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى أَنَّكَ كُنْتَ مَعَنَا، وَأَعَنْتَنَا فِي أَشَدِّ الأَوْقَاتِ، وَنَجَّيْتَنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ كَرْبٍ عَظِيمٍ.
 - نَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ عَلَى نِعَمِكَ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَنَشْكُرُكَ عَلَى أَنْ جَعَلْتَ لَنَا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا.
 
تنبيه هام وحكم الأدعية المنتشرة
تنبيه: الصيغ المذكورة أعلاه هي من الأدعية العامة التي لم ترد بلفظها المحدد في السنة النبوية، الدعاء عبادة، والأصل فيها هو الاتباع والالتزام بما ثبت في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، ففيها الخير والبركة والكفاية، ولا يجوز نسبة أي دعاء لم يرد به دليل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو تخصيصه بفضل أو وقت معين لم يثبت شرعاً، والأدعية الثابتة هي الأفضل والأكمل.
فضل حمد الله وشكره على النجاة
إن شكر الله تعالى على نعمه، وخاصة نعمة النجاة من الكروب، هو بحد ذاته عبادة عظيمة تزيد من فضل الله على عبده، قال تعالى:
“وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”
المصدر: [سورة إبراهيم: 7].
فالشكر سبب لدوام النعم وزيادتها، ودليل على صدق إيمان العبد وحسن ظنه بربه.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 156.
 - سورة الأنبياء، الآية 87.
 - سورة إبراهيم، الآية 7.
 - صحيح مسلم، حديث رقم 918، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - سنن الترمذي، حديث رقم 3505، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء لشكر الله على النجاة من مصيبة؟
أفضل ما يقال هو الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل الإكثار من قول “الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات”، مع استشعار فضل الله ورحمته، كما أن سجود الشكر عبادة عظيمة ومستحبة عند حصول نعمة أو اندفاع نقمة.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية الطيبة التي ليس فيها اعتداء أو إثم، ما لم يعتقد أن لهذه الصيغة فضلًا خاصًا أو ينسبها للدين، والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة لأنها أجمع للخير وأبعد عن الخطأ.
ما معنى “اللهم أخلف لي خيرًا منها”؟
هذا جزء من الدعاء النبوي عند المصيبة، ومعناه أن العبد يسأل الله تعالى أن يعوضه بشيء أفضل مما فقده، سواء كان هذا العوض في الدنيا أو في الآخرة، وهو تعبير عن اليقين بأن خزائن الله لا تنفد، وأن كل قضاء له فيه حكمة وخير.
		
