صلاة العشاء هي الصلاة الخامسة المفروضة في اليوم والليلة، ولها مكانة عظيمة في الإسلام، فرضها الله تعالى رحمة بعباده، وجعل المحافظة عليها وعلى سائر الصلوات سببًا للطمأنينة وصلاح الحال، يبدأ وقتها من مغيب الشفق الأحمر إلى طلوع الفجر الصادق، وهي صلاة جهرية تتكون من أربع ركعات.
والدعاء بعد الصلوات المكتوبة من مواطن إجابة الدعاء، حيث يتقرب العبد من ربه بعد أداء الفريضة، ويسأله من خيري الدنيا والآخرة، ولم يثبت في السنة النبوية دعاء خاص بصلاة العشاء وحدها، بل تُقال بعدها الأذكار المشروعة بعد كل صلاة مكتوبة.
الأذكار والأدعية الصحيحة بعد الصلوات المكتوبة
يُستحب للمسلم بعد الانتهاء من كل صلاة مفروضة، بما في ذلك صلاة العشاء، أن يلتزم بالأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي حصن للمسلم وسبب لزيادة الأجر، ومن هذه الأذكار الصحيحة:
- أن يقول: “أَسْتَغْفِرُ اللهَ” (ثلاث مرات)، ثم يقول: “اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ”، (المصدر: صحيح مسلم).
- قراءة آية الكرسي (سورة البقرة: 255)، فمن قرأها دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت، (المصدر: حديث صحيح).
- التسبيح والتحميد والتكبير: يقول “سُبْحَانَ اللهِ” (33 مرة)، و“الْحَمْدُ لِلَّهِ” (33 مرة)، و“اللهُ أَكْبَرُ” (33 مرة)، ثم يختم المئة بقول: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، (المصدر: صحيح مسلم).
- الدعاء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”
(المصدر: سنن أبي داود، حديث صحيح).
أدعية مأثورة في صلاة الوتر
صلاة الوتر سنة مؤكدة، ووقتها بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويُشرع فيها دعاء القنوت، وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صيغ عظيمة للدعاء في قنوت الوتر، منها:
- ما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما أن يقول في قنوت الوتر:
“اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”
(المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن).
- ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ”
(المصدر: صحيح مسلم).
- دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القنوت:
“اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ مَنْ يَكْفُرُكَ”
(المصدر: مصنف ابن أبي شيبة، إسناده صحيح).
أمثلة على أدعية عامة لتيسير الأمور وقضاء الحاجات
يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بأي صيغة كانت، ما لم تتضمن إثمًا أو قطيعة رحم، وهذه بعض الصيغ العامة التي تجمع معاني الخير، ويمكن الدعاء بها في أي وقت:
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”، (من أذكار الصباح والمساء، حديث صحيح).
- “يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”، (من أذكار الصباح والمساء، حديث حسن).
- دعاء يونس عليه السلام:
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
[الأنبياء: 87]، وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب.
- “اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”، (المصدر: سنن الترمذي، حديث صحيح).
تنبيه هام: هذه الصيغ، باستثناء ما ذُكر مصدره، هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.
حكم صلاة العشاء وفضلها
صلاة العشاء فريضة عين على كل مسلم ومسلمة، وهي الصلاة الخامسة والأخيرة من الصلوات المفروضة، وتركها عمدًا من كبائر الذنوب، وللمحافظة عليها فضل عظيم، خاصة في جماعة، ومن ذلك:
- أجر قيام نصف الليل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ”
(المصدر: صحيح مسلم).
- علامة فارقة بين المؤمن والمنافق: كانت صلاتا العشاء والفجر من أثقل الصلوات على المنافقين، فالمحافظة عليهما دليل على صدق الإيمان.
- سبب لدخول الجنة والنجاة من النار: المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها من أعظم أسباب رضا الله ودخول جنته.
- نور للمسلم يوم القيامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”
(المصدر: سنن أبي داود، حديث صحيح)، وأشد الأوقات ظلمة هو وقت صلاة العشاء والفجر.
إن المواظبة على صلاة العشاء وأداء الأذكار والدعاء المأثور بعدها يعزز صلة العبد بربه، ويجلب الطمأنينة للقلب، ويفتح أبواب الخير والبركة في حياة المسلم.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته.
- صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل صلاتي الصبح والعشاء في جماعة.
- سنن الترمذي، كتاب الوتر، باب ما جاء في دعاء القنوت في الوتر.
- سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في فضل المشي إلى الصلاة.
- (يمكن مراجعة صحة الأحاديث المذكورة على مواقع موثوقة مثل موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هي الأذكار الصحيحة بعد صلاة العشاء؟
الأذكار الصحيحة بعد صلاة العشاء هي نفس الأذكار التي تُقال بعد كل صلاة مفروضة، مثل الاستغفار ثلاثًا، وقول “اللهم أنت السلام ومنك السلام…”، وقراءة آية الكرسي، والتسبيح والتحميد والتكبير 33 مرة لكل منهم.
هل يوجد دعاء محدد لصلاة العشاء فقط؟
لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص لصلاة العشاء بعينها، ولكن يُشرع للمسلم الدعاء بما يشاء من خير بعد أداء الأذكار المشروعة، فالدعاء بعد الصلاة المكتوبة من أوقات الإجابة المرجوة.
ما هو أفضل وقت لصلاة الوتر؟
يبدأ وقت صلاة الوتر بعد الانتهاء من صلاة العشاء وسنتها، ويمتد إلى طلوع الفجر، وأفضل أوقاتها هو الثلث الأخير من الليل لمن يثق بالاستيقاظ فيه، لقوله تعالى: “وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ” [آل عمران: 17].
