تُعد الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة من أعظم أوقات العام فضلًا، حيث أقسم الله تعالى بها في كتابه الكريم، وهي أيام يُستحب فيها الإكثار من الأعمال الصالحة، وعلى رأسها الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، إن اغتنام هذه الأوقات المباركة، بما فيها يوم عرفة ويوم عيد الأضحى، بالدعاء الصادق هو من أعظم أسباب نيل الرحمات وتحقيق المقاصد، حيث يفتح الله أبواب فضله ويستجيب لعباده المخلصين.
أدعية من القرآن والسنة الصحيحة
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومنها ما يناسب هذه الأيام الفضيلة:
خير الدعاء: دعاء يوم عرفة
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن خير الدعاء هو دعاء يوم عرفة، وهو دعاء جامع للتوحيد والثناء على الله.
“خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.”
المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن.
دعاء الكرب وتفريج الهم
هذا الدعاء من الأدعية النبوية العظيمة التي تُقال عند الشعور بالهم والحزن، وهو مناسب لكل وقت.
“اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي.”
المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني.
دعاء ذي النون (يونس عليه السلام)
دعاء عظيم لتفريج الكروب، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.”
المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87.
أدعية قرآنية جامعة
يحتوي القرآن الكريم على أدعية مباركة تجمع خيري الدنيا والآخرة، ومنها:
-
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
-
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ.”
المصدر: سورة آل عمران، الآية 8.
صيغ وأدعية عامة شائعة في عيد الأضحى
بالإضافة إلى الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي فيها صلاح دينه ودنياه، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها في الدعاء:
- اللَّهُمَّ يَا رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، نَسْأَلُكَ بِلُطْفِكَ وَكَرَمِكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ أَنْ تَمْنَحَنَا سَعَادَةً لَا تَزُولُ، وَأَنْ تَغْمُرَنَا وَأَحْبَابَنَا وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ بِبَهْجَةِ هَذَا الْعِيدِ، وَأَنْ تَكْتُبَ لَنَا فَرَحَةً تَدُومُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- يَا رَبَّنَا، اجْعَلْ هَذَا الْعِيدَ فَاتِحَةَ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَاحْفَظْ بِلَادَنَا وَأَهْلِينَا، وَارْزُقْنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَحَقِّقْ لَنَا كُلَّ مَا نَرْجُوهُ مِنْ خَيْرٍ فِي دُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا.
- اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ وَالْجُودِ، اجْعَلْ هَذَا الْعِيدَ عِيدًا تُغْفَرُ فِيهِ ذُنُوبُنَا، وَتُسْتَرُ فِيهِ عُيُوبُنَا، وَتُقْبَلُ فِيهِ تَوْبَتُنَا، وَارْزُقْ قُلُوبَنَا السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ يَا كَرِيمُ.
- إِلَهِي، أَنْتَ الْمُدَبِّرُ لِكُلِّ الْأُمُورِ، وَأَرْزَاقُنَا كُلُّهَا بِيَدَيْكَ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَكْتُبَ لَنَا نَصِيبًا يُرْضِينَا وَيُغْنِينَا عَنِ الْحَاجَةِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَأَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت بلفظها المحدد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، أو الدعاء بما يفتح الله به على العبد من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم.
حكم تخصيص دعاء لصلاة عيد الأضحى
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء محدد يُقال في صلاة العيد نفسها أو بعدها مباشرة، العبادات توقيفية، والأصل فيها الاتباع، ولكن، يوم العيد هو يوم فرح وذكر وشكر لله، والدعاء فيه بشكل عام أمر مشروع ومستحب، كونه من الأيام المباركة، فيمكن للمسلم أن يدعو قبل الصلاة أو بعدها، أو في أي وقت من يوم العيد، بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة دون تخصيص صيغة معينة للصلاة.
أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء
هناك أوقات وأحوال تكون أقرب لإجابة الدعاء، ويجدر بالمسلم تحريها في هذه الأيام المباركة وغيرها:
- في الثلث الأخير من الليل: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ.”
(متفق عليه).
- أثناء السجود: لقوله صلى الله عليه وسلم:
“أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ.”
(رواه مسلم).
- يوم عرفة: وهو من أعظم أيام الدعاء، خاصة للحاج ولغيره من الصائمين والذاكرين.
- بين الأذان والإقامة: فإن الدعاء في هذا الوقت لا يُرد كما ورد في الحديث الصحيح.
- آخر ساعة من يوم الجمعة: وهي ساعة إجابة يُستحب تحريها.
- عند نزول المطر: حيث يُرجى أن تكون أبواب السماء مفتوحة للرحمة والدعاء.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- أحاديث نبوية شريفة من كتب الصحاح والسنن (صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن الترمذي، مسند أحمد)، (يمكن مراجعتها على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة
ما هو أفضل دعاء في يوم عرفة؟
أفضل الدعاء ما ورد في الحديث الصحيح: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، ويُستحب الإكثار منه مع الدعاء بما يشاء المسلم من أمور الدنيا والآخرة.
هل هناك دعاء مخصص لصلاة عيد الأضحى؟
لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص بصيغة معينة لصلاة العيد، ولكن الدعاء بشكل عام في يوم العيد مستحب لكونه من الأيام الفاضلة.
ما هو الوقت الأفضل للدعاء خلال أيام العشر من ذي الحجة؟
كل أوقات العشر مباركة، والدعاء فيها مرجو القبول، ويُستحب تحري أوقات الإجابة المعروفة مثل الثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود، وخاصة في يوم عرفة الذي هو أفضل أيام السنة للدعاء.

