إن من أعظم ما يتسلّح به المؤمن في كل شؤونه هو تقوى الله عز وجل والتوكل عليه، فبهما تُستجلب الأرزاق وتُفرّج الكروب، وقد بيّن الله هذا الأصل العظيم في كتابه الكريم، فقال سبحانه:
“وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)”
[سورة الطلاق: 2-3]
تدل هذه الآيات الكريمة على أن من لازم تقوى الله في أمره كله، فإن الله تعالى يكفيه ويجعل له من كل ضيق فرجًا، ومن كل هم مخرجًا، ويرزقه من طرق لا تخطر له على بال، وهذا اليقين هو خير ما يستقبِل به الطالب نتائج سعيه، موقنًا أن تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه.
أدعية من القرآن والسنة للنجاح والتوفيق العام
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، وعلى الرغم من عدم ورود دعاء مخصص لنتائج الامتحانات بعينه، إلا أن هناك أدعية قرآنية ونبوية عامة تنفع في هذا الباب وفي كل أمور الحياة، ومنها:
- دعاء نبي الله موسى عليه السلام: وهو دعاء عظيم لطلب تيسير الأمور وشرح الصدر، يقول الله تعالى على لسانه:
“رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)”
[سورة طه: 25-28].
- دعاء طلب الخير في الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[سورة البقرة: 201].
- دعاء تيسير الأمور: وهو دعاء نبوي جامع يُستحب الدعاء به لتسهيل كل عسير.
“اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا”
(رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني).
أمثلة على أدعية عامة ومنتشرة للنجاح
يتداول الناس بعض الصيغ للدعاء عند انتظار النتائج، وهي في مجملها تحمل معانٍ طيبة في طلب التوفيق من الله، يمكن للمسلم أن يدعو بها أو بما يفتح الله عليه من الدعاء، مع استحضار أن هذه الصيغ لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوصها.
- “اللَّهُمَّ يَا ذَا الْجُودِ الْوَاسِعِ وَالْخَيْرِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ، نَرْجُوكَ بِعَظَمَةِ جُودِكَ أَنْ تُفِيضَ عَلَيْنَا مِنْ عَطَايَاكَ الَّتِي تَسُرُّ قُلُوبَنَا، وَتَمْلَأُ دُنْيَانَا بِالنَّجَاحِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ.”.
- “اللَّهُمَّ نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ نَتَائِجَ اجْتِهَادِنَا خَيْرًا لَنَا، وَأَنْ تُدْخِلَ السَّعَادَةَ إِلَى قُلُوبِنَا، وَتُبَارِكَ لَنَا فِي جُهُودِنَا، وَتُتِمَّ نَجَاحَنَا بِالْيُسْرِ وَالْقَبُولِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.”.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ التَّوْفِيقَ وَالْهِدَايَةَ، وَالرُّشْدَ وَالْإِعَانَةَ، وَالرِّضَا وَالصِّيَانَةَ، وَالْحُبَّ وَالْإِنَابَةَ، وَالدُّعَاءَ وَالْإِجَابَةَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا نُورًا فِي الْقَلْبِ، وَزِينَةً فِي الْوَجْهِ، وَقُوَّةً فِي الْعَمَلِ.”.
- “اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ حِكْمَتِكَ، وَانْشُرْ عَلَيَّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِالنَّجَاحِ وَالتَّوْفِيقِ، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.”.
تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ
تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذا التخصيص، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وتحمل جوامع الكلم.
الحكم الشرعي: يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء أو إثمًا أو قطيعة رحم، فالدعاء بهذه الصيغ العامة التي تحمل معاني طيبة جائز من هذا الباب، ولكن مع عدم نسبتها إلى السنة أو اعتقاد فضل خاص لها لعدم ورودها.
أهمية الدعاء عند انتظار النتائج
تُعد لحظات انتظار النتائج من أكثر الأوقات التي يشعر فيها الإنسان بالقلق والترقب، حيث تتعلق بها آماله وطموحاته المستقبلية، وفي هذه الأوقات، يظهر أثر الدعاء جليًا في تحقيق الطمأنينة والسكينة القلبية، فالدعاء هو تفويض الأمر كله لله تعالى، والرضا بقضائه وقدره، والثقة بأنه سبحانه سيختار لعبده ما هو خير له، وإن خالف ظاهره ما يتمناه.
إن اللجوء إلى الله في هذه اللحظات هو عين العبادة، وهو اعتراف من العبد بحاجته وفقره إلى ربه، ويقينه بأن مفاتيح الأمور كلها بيده سبحانه.
المصادر والمراجع
- سورة الطلاق، الآيات 2-3.
- سورة طه، الآيات 25-28.
- سورة البقرة، الآية 201.
- حديث “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول دعاء النجاح
هل ورد دعاء مخصص للنجاح في الامتحانات عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
لم يرد في السنة النبوية الصحيحة دعاء مخصص يُقال عند الامتحانات أو انتظار نتائجها تحديدًا، ولكن، يُشرع للمسلم أن يدعو بالأدعية العامة لطلب التوفيق وتيسير الأمور، مثل الأدعية المذكورة من القرآن والسنة في هذا المقال.
ما هو أفضل وقت للدعاء بالنجاح والتوفيق؟
يمكن الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، استغلال هذه الأوقات المباركة يزيد من رجاء الإجابة.
هل يجوز أن أدعو بالنجاح بلهجتي العامية أو بأسلوبي الخاص؟
نعم، يجوز الدعاء بالصيغة التي يفتح الله بها على عبده وباللغة التي يتقنها، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب ويسمع كل اللغات واللهجات، المهم أن يكون معنى الدعاء صحيحًا، وألا يحتوي على ما يخالف الشرع.

