يحرص المسلم على استقبال يومه بذكر الله تعالى، ففي ذلك طمأنينة للقلب، وبركة في الوقت، وحفظ من الشرور، إن المداومة على أذكار الصباح والدعاء مع إشراقة كل يوم هي من أعظم أسباب التوفيق والسداد، وهي الصلة التي تمد العبد بالقوة لمواجهة أعباء الحياة بنفسٍ راضية وروحٍ متفائلة.

أدعية الصباح الثابتة عن النبي ﷺ

إن خير ما يبدأ به المسلم يومه هو الأدعية والأذكار التي وردت في السنة النبوية الصحيحة، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها من البركة ما يكفي العبد ويغنيه، ومن هذه الأدعية المباركة:

• دعاء شامل للوقاية من الشرور:عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ علّمه أن يقول:
  

  «اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ».

  المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح، يُقال هذا الدعاء في الصباح والمساء وعند النوم.

• دعاء سؤال العافية:يُستحب تكرار هذا الدعاء ثلاث مرات في الصباح وثلاث في المساء:
  

  «اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ».

  المصدر: سنن أبي داود، حديث حسن.

• دعاء سؤال العفو والعافية في الدين والدنيا:لم يكن النبي ﷺ يَدَعُ هذا الدعاء حين يمسي وحين يصبح:
  

  «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي».

  المصدر: سنن أبي داود وسنن ابن ماجه، حديث صحيح، (ومعنى “أُغتال من تحتي”: أي الخسف والموت فجأة).

صيغ منتشرة في فضل أذكار الصباح

يتداول بعض الناس صيغاً لأدعية الصباح، منها ما روي في بعض كتب الأثر، ومنها هذا الدعاء:

• “اللهمَّ أنتَ رَبِّي لا إلهَ إلَّا أنتَ عليكَ تَوكَّلتُ وأنتَ ربُّ العَرشِ العَظِيم، مَا شَاءَ اللهُ كَان وَمَا لَم يَشَأ لَم يَكُن ولا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ العَليِّ العَظِيم، أَعْلَمُ أنَّ اللهَ علَى كُلِّ شيءٍ قدِير وَأنَّ اللهَ قَد أَحَاطَ بكلِّ شيءٍ عِلمًا، اللهمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ نَفْسِي وَمِن شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أنتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتها إنَّ ربِّي علَى صِرَاطٍ مُستَقِيم”.

الحكم الشرعي ودرجة صحة الحديث

تنبيه هام: الدعاء المذكور أعلاه قد ورد في بعض كتب الأثر ورواه أبو داود وغيره، ولكن الحديث الذي ورد فيه ضعّفه أهل العلم والمحققون من المحدثين، والدعاء عبادة، والأصل فيها الاتباع والالتزام بما ثبت وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الأدعية الصحيحة التي أوردناها سابقاً غنى وكفاية وبركة عظيمة.

أدعية عامة للصباح (لتيسير الأمور والرزق)

يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع، خاصة في أمور الرزق والفرج وتيسير الأمور، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها:

• اللهم مع إشراقة هذا الصباح، أسألك من فضلك العظيم أن تيسر لي كل عسير، وأن تفتح لي أبواب رحمتك ورزقك، وأن تجعل يومي هذا مليئًا بالخير والبركة.
• يا رب، مع بداية هذا اليوم، أنزل على قلبي سكينة وطمأنينة، واكفني ما أهمني، وأغنني بفضلك عمن سواك، واملأ قلبي بالرضا واليقين.
• اللهم يا رزاق يا كريم، ارزقني رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه من حيث لا أحتسب، وسخّر لي أسباب الخير، ولا تجعل حاجتي عند أحد من خلقك.
• اللهم إني أستودعك يومي هذا، فاجعله في طاعتك، واحفظني فيه بحفظك يا من لا تضيع ودائعه، واجعل لي من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا.

تنبيه وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس وهي أدعية عامة بمعانٍ صحيحة، ولكنها لم تثبت بلفظها المحدد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأكمل والأفضل هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.

أهمية المداومة على أذكار الصباح

إن للمداومة على أذكار الصباح والدعاء فضائل عظيمة وآثارًا إيجابية على حياة المسلم، ومنها:

• صلة بالله متجددة: يبدأ المسلم يومه متوكلاً على الله، مستعيناً به، مما يقوي إيمانه ويجعله في معية الله طوال يومه.
• حصن من الشيطان: الأذكار هي الحصن الحصين الذي يحمي المسلم من وساوس الشيطان ومكائده، فلا يجد إليه سبيلاً.
• بركة في اليوم والرزق: ذكر الله من أعظم أسباب البركة في الوقت والعمل والرزق، ويفتح أبواب التوفيق من حيث لا يحتسب العبد.
• طمأنينة القلب وراحة النفس: يتحقق بذكر الله سكينة القلب وانشراح الصدر، كما قال تعالى:
  

  “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”

  [الرعد: 28].

• اتباع السنة النبوية: المداومة على أذكار الصباح والمساء هي اقتداء بالنبي ﷺ، وفي اتباعه كل الخير والفلاح في الدنيا والآخرة.

إن الحرص على دعاء طلوع النهار وأذكار الصباح هو استثمار يومي في علاقة العبد بربه، وهو زادٌ يعينه على تحمل مشاق يومه، ويمنحه القوة والطمأنينة، ويجعله محفوظًا بحفظ الله ورعايته.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو أفضل وقت لقول أذكار الصباح؟

يبدأ وقت أذكار الصباح من طلوع الفجر الصادق وينتهي بطلوع الشمس، ومن العلماء من يرى أن وقتها يمتد إلى نهاية وقت الضحى (قبل أذان الظهر بقليل)، والأفضل هو الإتيان بها بعد صلاة الفجر مباشرة وقبل طلوع الشمس.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة بصيغ من عنده، بشرط ألا يكون في الدعاء اعتداء أو إثم أو قطيعة رحم، وألا يخالف معناه أصول الشريعة، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالمأثور عن النبي ﷺ هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.

ما الفرق بين الدعاء المأثور والدعاء العام؟

الدعاء المأثور هو ما ورد نصه في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة، أما الدعاء العام فهو أي دعاء ينشئه المسلم بأسلوبه ولفظه الخاص، وكلاهما مشروع، ولكن المأثور له فضل خاص لأنه من كلام الله أو كلام نبيه ﷺ الذي أوتي جوامع الكلم.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر