يُعد الشعور بالظلم والقهر عند التعرض للسرقة أمراً طبيعياً، فالسرقة ليست مجرد فقدان لممتلكات مادية، بل هي اعتداء على حق الإنسان وأمانه، وفي هذه الأوقات الصعبة، يجد المسلم في اللجوء إلى الله تعالى سلوى وطمأنينة، فالدعاء هو سلاح المؤمن، وبه يناجي ربه ويطلب منه العون والنصرة ورد الحقوق.
النهج الشرعي عند وقوع الظلم: دعاء المظلوم
إن من أعظم ما يمكن أن يلجأ إليه من سُرق منه شيء هو “دعاء المظلوم”، الذي ليس بينه وبين الله حجاب، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوة هذا الدعاء وأثره، وهو الأساس الذي ينبغي أن يعتمده كل من وقع عليه ظلم.
وقد ثبت في السنة النبوية الصحيحة ما يؤكد استجابة دعوة المظلوم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له:
“وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ”
المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم).
وهذا الحديث العظيم يؤصل لمبدأ قرآني وهو أن الله هو العدل، وأنه ناصر المظلومين ولو بعد حين، فالثقة بالله واليقين بأنه سيستجيب هي أولى خطوات استرداد الحق النفسي والمادي.
أدعية عامة يمكن للمظلوم الدعاء بها
لم يرد في السنة النبوية دعاء محدد بصيغة معينة لاسترجاع المسروقات، ولكن باب الدعاء واسع، يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ تجمع خيري الدنيا والآخرة، وتعبّر عن حاجته وشكواه إلى الله وحده، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها:
- اللَّهُمَّ يَا رَادَّ الضَّالَّةِ، وَيَا هَادِيَاً مِنَ الضَّلَالَةِ، رُدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي، (هذا الدعاء مأثور ويُذكر في باب رد الضالة، ويمكن الدعاء به بنية استرجاع المسروق).
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَبِمُلْكِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ، أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ مَا فُقِدَ مِنِّي، وَأَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ مَنْ ظَلَمَنِي.
- حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ.
- يَا رَبِّ، أَنْتَ تَعْلَمُ حَاجَتِي لِمَا فُقِدَ مِنِّي، وَتَعْلَمُ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي، فَاجْبُرْ كَسْرِي، وَرُدَّ إِلَيَّ حَقِّي، وَعَوِّضْنِي خَيْرَاً مِمَّا فَقَدْتُ.
- اللَّهُمَّ اهْدِ مَنْ أَخَذَ حَقِّي وَرُدَّهُ إِلَى الصَّوَابِ، وَإِنْ لَمْ تُرِدْ لَهُ الْهِدَايَةَ فَخُذْ لِي حَقِّي مِنْهُ عَاجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ، وَأَرِنِي فِيهِ عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
الاستعانة بأدعية الكرب والشدائد من القرآن والسنة
عند وقوع مثل هذه المصائب، يُستحب الإكثار من الأدعية الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية التي تُقال عند الكرب والهم، فهي جامعة ومباركة، ومنها:
- دعاء يونس عليه السلام: وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب.
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87] . 
- التفويض والتوكل على الله:
 “وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” [غافر: 44] . 
- دعاء الكرب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله عند الكرب.
 “لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ” المصدر: صحيح البخاري. 
تنبيه هام حول أدعية منتشرة لاسترجاع المسروقات
تنتشر بين الناس أحياناً صيغ أدعية معينة أو أعمال محددة يُزعم أنها مجربة لاسترجاع المسروقات أو للكشف عن السارق، من المهم التنبيه على ما يلي:
تنبيه هام: هذه الصيغ المنتشرة هي في الغالب مما يتداوله الناس كتجارب شخصية، ولم يثبت للكثير منها سند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، وإن كان لا بد من الدعاء بصيغة عامة، فلتكن خالية من التعدي أو الألفاظ التي لا تليق بمناجاة الله تعالى.
ما هو الحكم الشرعي في الدعاء على السارق؟
يجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه بقدر مظلمته، دون تعدٍ في الدعاء، والأفضل من ذلك هو العفو أو تفويض الأمر كله لله، فهو أحكم الحاكمين، كما يمكن الدعاء له بالهداية، وهذا من أعلى مراتب الإحسان، وإن كان عزيزاً على النفس وقت الغضب.
المصادر والمراجع
- حديث “واتق دعوة المظلوم”: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- دعاء الكرب “لا إله إلا الله العظيم الحليم”: صحيح البخاري، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة غافر، الآية 44.
أسئلة شائعة
هل يوجد دعاء معين ومخصص لاسترجاع المسروقات؟
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء بصيغة محددة مخصص فقط لاسترجاع شيء مسروق، ولكن يُشرع للمسلم أن يدعو بدعاء المظلوم وبأدعية الكرب العامة، وأن يسأل الله حاجته بأي صيغة مشروعة لا تعدي فيها.
ما هو أفضل ما يمكن فعله عند التعرض للسرقة؟
أفضل ما يمكن فعله هو الجمع بين الأسباب المادية والشرعية: أولاً، الصبر واحتساب الأجر عند الله، ثانياً، اتخاذ الإجراءات العملية الممكنة (مثل إبلاغ الجهات المختصة)، ثالثاً، الإكثار من الدعاء والتوكل على الله وتفويض الأمر إليه، مع اليقين بأنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
هل يجوز أن أدعو على السارق بالهلاك أو المصائب؟
يجوز الدعاء على الظالم بقدر ظلمه، ولكن الأكمل والأفضل هو الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في عفوه أو الدعاء بالهداية، أو الاكتفاء بقول “حسبي الله ونعم الوكيل” وتفويض الأمر إلى عدل الله وحكمته، فهذا أسلم للقلب وأعظم للأجر.
 
		

