حثّ الدين الإسلامي على صلة الرَّحم، وهي تشمل الأقارب من جهة الأب والأم، كالوالدين والإخوة، والأجداد والجدات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات وأبنائهم، وتُعد صلة الرحم من أعظم العبادات وأجلّ القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لما لها من أثر عظيم في تقوية الروابط الأسرية، ونشر المودة والرحمة، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وقد ورد في فضلها نصوص صريحة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فهي سببٌ للبركة في الرزق والعمر، ودليل على كمال الإيمان.

فضل صلة الرحم في القرآن والسنة

أولت الشريعة الإسلامية اهتماماً بالغاً بصلة الأرحام، وحذرت أشد التحذير من قطيعتها، وفيما يلي بعض الأدلة الشرعية التي تؤكد على أهميتها:

1، من القرآن الكريم

• الأمر بتقوى الله في الأرحام:
  

  “وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” [النساء: 1].

  .

• التحذير من قطيعة الرحم:
  

  “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ” [محمد: 22-23].

  .

• قرن الإحسان للوالدين بعبادة الله:
  

  “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ ..، وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” [الإسراء: 23-24].

  .

2، من السنة النبوية الشريفة

• صلة الرحم سبب لزيادة الرزق وطول العمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَن سرَّهُ أن يُبسطَ لَهُ في رزقِهِ، وأن يُنسأَ لَهُ في أثرِهِ، فليَصِلْ رَحِمَهُ” (حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم).

  .

• مكانة الرحم عند الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  

  “إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ مِن خَلْقِهِ، قالَتِ الرَّحِمُ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَهو لَكِ” (حديث صحيح، رواه البخاري).

  .

أدعية مأثورة من القرآن والسنة للأهل والأقارب

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومن هذه الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها لأهله وأرحامه:

• دعاء للوالدين: وهو من أعظم صور البر وصلة الرحم.
  

  “رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” [الإسراء: 24].

  .

• دعاء للزوجة والذرية:
  

  “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74].

  .

• دعاء جامع للشكر للوالدين وصلاح الذرية:
  

  “رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّतِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” [الأحقاف: 15].

  .

أمثلة على صيغ دعاء عامة لصلة الرحم

يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ طيبة تحمل معاني الخير لأهله وأقاربه، ومن الأمثلة على ذلك:

• اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لِأَرْحَامِي وَاصِلاً، وَلِوُدِّهِمْ حَافِظًا، وَأَعِنِّي عَلَى بِرِّهِمْ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَبَارِكْ لِي فِي صِلَتِهِمْ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
• يَا رَبِّ، أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَبْعِدْ عَنَّا الشِّقَاقَ وَالخِصَامَ وَقَطِيعَةَ الأَرْحَامِ.
• اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ، وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ، وَرُدَّ غَائِبَهُمْ، وَفَرِّجْ كُرُوبَهُمْ، وَاقْضِ حَوَائِجَهُمْ يَا قَاضِيَ الحَاجَاتِ.
• رَبِّ لَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا تَشْغَلْنَا عَنْ أَهْلِنَا وَأَرْحَامِنَا، وَاجْعَلْ صِلَتَنَا بِهِمْ قُرْبَةً إِلَيْكَ وَسَبَبًا لِرِضْوَانِكَ.
• اللَّهُمَّ احْفَظْ أَهْلِي وَأَقَارِبِي بِحِفْظِكَ، وَاكْلَأْهُمْ بِرِعَايَتِكَ، وَادْفَعْ عَنْهُمْ كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَاجْمَعْ شَمْلَهُمْ عَلَى طَاعَتِكَ وَمَحَبَّتِكَ.

تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشافية ومباركة.

الحكم الشرعي: يجوز للمسلم أن يدعو لنفسه وأهله وأرحامه بأي دعاء طيب لا يحتوي على إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء في الدعاء، حتى وإن لم يكن مأثوراً، ومع ذلك، يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، لأنها أجمع للخير وأعظم في البركة.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول دعاء صلة الرحم

ما هو أفضل دعاء لصلة الرحم؟

أفضل الأدعية هي تلك المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل دعاء “رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” للوالدين، و “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ”، هذه الأدعية تجمع بين البركة وصحة المصدر.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي للأهل والأقارب؟

نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة طيبة لم تخالف الشرع، كطلب الهداية والرزق والعافية للأرحام، لكن يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأولى والأفضل.

ما هو فضل الدعاء للأرحام؟

الدعاء للأرحام هو جزء من صلتهم، وهو من أعظم صور البر والإحسان، ويُرجى لمن يدعو لأقاربه بظهر الغيب أن يؤمّن ملك على دعائه ويقول: “ولك بمثل”، فيكون الدعاء نافعاً للداعي والمدعو له.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر