يُستحب للمسلم أن يحرص على ذكر الله تعالى وتسبيحه في أذكار المساء، والتي يبدأ وقتها من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وينبغي له أن يستغفر ربه عن أي تقصير بدر منه خلال يومه، فالاستغفار من مفاتيح الرزق وأسباب محو الذنوب، وهو يرقق القلب ويزيل عنه الغفلة، ولهذا، ينبغي للعبد أن يكون على صلة دائمة بربه، مستعيناً به في كل حين، ولا سيما في أوقات الإجابة التي يرجو فيها تحقيق أمرٍ أو قضاء حاجة.
أدعية وأذكار عند غروب الشمس من السنة النبوية الصحيحة
الوقت قبيل غروب الشمس من الأوقات المباركة التي حثت السنة النبوية على إحيائها بالذكر والدعاء، والأصل في ذلك هو الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في “أذكار المساء”، وهي كافية وشاملة، من أبرز هذه الأذكار:
1، سيد الاستغفار
وهو أعظم صيغ الاستغفار، ومن قاله في المساء موقناً به فمات من ليلته دخل الجنة، عن شدَّاد بن أوسٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
“سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”.
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6306.
2، دعاء “اللهم إنك عفو”
على الرغم من أن هذا الدعاء اشتهر في ليلة القدر، إلا أنه دعاء جامع وعظيم يمكن للمسلم أن يدعو به في كل وقت، بما في ذلك وقت الغروب، لمعناه الجليل وحاجة العبد الدائمة لعفو الله.
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”.
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3513 (حديث حسن صحيح).
أدعية عامة وصيغ شائعة عند الغروب
يتداول بعض الناس صيغًا وأدعية محددة لوقت الغروب، وهي أدعية حسنة في معانيها العامة، ولكن لم يثبت تخصيصها لهذا الوقت بعينه في السنة النبوية الصحيحة، يمكن الدعاء بها وبغيرها من الأدعية العامة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة دون اعتقاد أن لها فضلاً خاصاً في هذا التوقيت، ومن أمثلتها:
- اللَّهُمَّ يَا رَبَّنَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنَا وَنَحْنُ عِبَادُكَ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، مُتَمَسِّكُونَ بِعَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْنَا، اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ.
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ تَرْزُقُ السَّائِلِينَ، وَتُغْنِي بِرَحْمَتِكَ الْمَسَاكِينَ، يَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينِ، يَا خَيْرَ النَّاصِرِينَ، وَيَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مِنْ فَضْلِكَ رِزْقًا طَيِّبًا وَاسِعًا.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَمِنْ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أَمْسَى ظُلْمِي مُسْتَجِيرًا بِعَفْوِكَ، وَأَمْسَى خَوْفِي مُسْتَجِيرًا بِأَمَانِكَ، وَأَمْسَى ذُلِّي مُسْتَجِيرًا بِعِزِّكَ، وَأَمْسَى وَجْهِيَ الْفَانِي مُسْتَجِيرًا بِوَجْهِكَ الْبَاقِي، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَيَا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَى، جَلِّلْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَأَلْبِسْنِي عَافِيَتَكَ، وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّ جَمِيعِ خَلْقِكَ.
الحكم الشرعي وتنبيه هام
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أنها مخصصة لوقت الغروب، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، وتخصيص دعاء معين في وقت معين بلا دليل شرعي قد يدخل في باب البدع الإضافية.
أوقات يُرجى فيها استجابة الدعاء
هناك أوقات مباركة يكون فيها الدعاء أقرب إلى الإجابة، وقد أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الحكمة تحري هذه الأوقات والإكثار من الدعاء فيها:
- الثلث الأخير من الليل: وهو وقت النزول الإلهي، حيث ينادي الله تعالى: “هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟”.
- بعد الصلوات المكتوبة: فالدعاء دبر الصلوات من المواطن التي يُستجاب فيها الدعاء.
- بين الأذان والإقامة: فالدعاء في هذا الوقت لا يُرد كما ورد في الحديث الصحيح.
- آخر ساعة من يوم الجمعة: وهي ساعة إجابة على أرجح أقوال العلماء، وكثير منهم رجح أنها الساعة التي تسبق غروب الشمس.
- عند نزول المطر: فهو وقت رحمة وتتنزل فيه البركات.
إرشادات لتعزيز القرب من الله
لتعزيز صلة العبد بربه، يُنصح بالآتي:
- التوبة الصادقة: المبادرة إلى التوبة من كل ذنب وعدم التسويف، فباب الله مفتوح للتائبين.
- طلب العلم الشرعي: فالعلم ينير البصيرة ويقود إلى العمل الصالح ويزيد من خشية الله.
- الإكثار من ذكر الله: فبذكر الله تطمئن القلوب، وهو من أيسر العبادات وأعظمها أجراً.
- المحافظة على العبادات: الالتزام بالفرائض والإكثار من النوافل، خاصة الصلاة والصيام والصدقة.
- تدبر القرآن الكريم: فهو حبل الله المتين، وتلاوته وتدبر معانيه تمنح الطمأنينة وتضاعف الأجر.
- بر الوالدين وصلة الأرحام: فهما من أعظم أسباب البركة في الرزق والعمر.
- التحلي بحسن الخلق: كالصبر وكظم الغيظ والعفو عن الناس، فهي من صفات المتقين.
المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3513، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء يقال عند غروب الشمس؟
أفضل ما يقال عند غروب الشمس هو “أذكار المساء” الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسها “سيد الاستغفار”، بالإضافة إلى الأدعية الأخرى الواردة في السنة الصحيحة.
هل هناك دعاء خاص يسمى “دعاء غروب الشمس”؟
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء مخصص بصيغة معينة يسمى “دعاء غروب الشمس”، والصواب هو الالتزام بأذكار المساء العامة، أو الدعاء بما يفتح الله به على عبده من خيري الدنيا والآخرة دون تخصيص صيغة معينة واعتقاد فضلها.
ما هو الوقت الصحيح لأذكار المساء؟
يبدأ وقت أذكار المساء، على الراجح من أقوال أهل العلم، من بعد صلاة العصر ويمتد إلى غروب الشمس، وبعضهم يوسعه إلى ما بعد صلاة المغرب.


