تُعد مرحلة فطام الطفل إحدى المحطات التربوية الهامة التي تمر بها الأم وصغيرها، وهي فترة انتقالية قد تحمل بعض التحديات العاطفية والجسدية لكليهما، فالرضاعة لا تمثل للطفل مصدراً للغذاء فحسب، بل هي أيضاً مصدر للشعور بالأمان والارتباط الوثيق بوالدته، لذا، فإن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وطلب العون والتيسير، إلى جانب اتباع الأساليب التربوية الصحيحة، هو خير معين لتجاوز هذه المرحلة بسلام وسكينة.
أدعية ثابتة من السنة النبوية لحفظ الطفل ورعايته
لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص بلفظه لمرحلة الفطام، ولكن وردت أدعية نبوية جامعة لحفظ الأبناء ورعايتهم وطلب الخير لهم في كل أحوالهم، وهي الأفضل والأكثر بركة، ويمكن للأم أن تدعو بها لطفلها في هذه الفترة وغيرها من الأوقات.
من أعظم ما يُحصّن به الطفل هو الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوّذ به الحسن والحسين رضي الله عنهما:
دعاء التحصين النبوي
أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ.
المصدر: صحيح البخاري (حديث صحيح)، (إذا كان الدعاء لطفلين أو أكثر، يُقال: “أعيذكم…”).
هذا الدعاء المبارك هو من أجمع الأدعية لحفظ الطفل من كل سوء، سواء من الشياطين أو الحشرات المؤذية أو العين الحاسدة، وهو مناسب جداً في المراحل الانتقالية التي قد يشعر فيها الطفل بالضعف أو القلق.
أمثلة على أدعية عامة يمكن الاستعانة بها
إلى جانب الأدعية الثابتة في السنة، يمكن للأم أن تدعو الله تعالى بما يفتح عليها من صيغ طيبة تعبر عن حاجتها، سائلةً المولى عز وجل التيسير والسكينة لها ولرضيعها، وهذه بعض الأمثلة المقترحة:
- اللَّهُمَّ يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، هَوِّنْ عَلَى صَغِيرِي هَذَا الانْتِقَالَ، وَاجْعَلْ فِطَامَهُ سَهْلاً يَسِيرًا، وَأَنْزِلْ عَلَى قَلْبِهِ السَّكِينَةَ وَالرِّضَا، وَاجْعَلْ لَهُ فِي غَيْرِ الرَّضَاعَةِ خَيْرًا وَبَرَكَةً.
- يَا رَبِّ، اسْتَوْدَعْتُكَ قَلْبَ طِفْلِي وَجَسَدَهُ، فَاحْفَظْهُ بِحِفْظِكَ الَّذِي لا يُرَامُ، وَاكْلَأْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنَامُ، وَاجْعَلْ هَذِهِ المَرْحَلَةَ بَرْدًا وَسَلامًا عَلَيْهِ.
- اللَّهُمَّ أَلْبِسْ طِفْلِي ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ، وَارْزُقْنِي الصَّبْرَ وَالحِكْمَةَ فِي التَّعَامُلِ مَعَهُ، وَاجْعَلْ هَذَا الفِطَامَ سَبَبًا لِقُوَّتِهِ وَنَمَائِهِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- رَبِّ، كَمَا خَلَقْتَهُ بِقُدْرَتِكَ، فَدَبِّرْ أَمْرَهُ بِرَحْمَتِكَ، وَأَلْهِمْ قَلْبَهُ الطُّمَأْنِينَةَ، وَأَعِنِّي وَأَعِنْهُ عَلَى تَجَاوُزِ هَذِهِ الفَتْرَةِ بِيُسْرٍ وَعَافِيَةٍ.
حكم تخصيص دعاء للفطام وتنبيه هام
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.
يجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، وهذه الصيغ العامة تندرج تحت هذا الباب، ولكن لا يجوز اعتقاد أن لها فضلاً خاصاً أو أنها سنة متبعة في هذا الموقف تحديداً.
دليل عملي ونصائح لتيسير مرحلة الفطام
إلى جانب الدعاء، من الضروري اتباع نهج عملي وتدريجي لمساعدة الطفل على التكيف، إليك أهم النصائح والإرشادات المستندة إلى الخبرات التربوية:
التمهيد والتدريج
الفطام المفاجئ قد يسبب صدمة نفسية للطفل، الأفضل هو البدء بتقليل عدد الرضعات بشكل تدريجي، خاصة الرضعات الليلية، مع تعويضها بوجبات غذائية مناسبة لعمره تمنحه الشعور بالشبع.
تقديم البدائل الصحية
عندما يطلب الطفل الرضاعة، يمكن تقديم الماء أو عصائر طبيعية مخففة (حسب عمره وتوصيات الطبيب)، هذا يساهم في إرواء عطشه وتقليل طلبه على الرضاعة.
الصبر والثبات على القرار
من الطبيعي أن يبكي الطفل أو يُظهر بعض العناد، على الأم أن تكون صبورة وحازمة في قرارها بلطف، مع تجنب التراجع الذي قد يربك الطفل ويطيل من أمد المرحلة.
زيادة الحنان والتواصل الجسدي
الطفل في هذه المرحلة يفقد مصدراً مهماً للشعور بالقرب، لذا، يجب على الأم تعويض ذلك بزيادة الاحتضان واللعب والتحدث معه، فهذا يعزز شعوره بالأمان ويؤكد له أن حبها لم يتغير.
تجنب الأخطاء الشائعة
يجب الحذر من بعض الممارسات الخاطئة والضارة التي قد تلجأ إليها بعض الأمهات، ومنها:
- وضع مواد مُنفرة: تجنبي وضع مواد مرة أو لاذعة (مثل الصبر أو القهوة) على الحلمة، فهذا يسبب للطفل إزعاجاً وقد يؤثر على شهيته وثقته.
- استخدام السكاكر كبديل: إلهاء الطفل بالحلويات والسكاكر سلوك ضار بصحته وأسنانه، وقد يؤسس لعادات غذائية سيئة.
- الابتعاد عن الطفل: الاعتقاد بأن ابتعاد الأم يسهل الفطام هو خطأ كبير، فالطفل يحتاج إلى دعم وحنان مضاعف في هذه الفترة تحديداً.
- تقديم حليب البقر مبكراً: لا ينصح بتقديم حليب البقر كشراب أساسي للطفل قبل إتمامه عامه الأول، لأن جهازه الهضمي قد لا يكون مستعداً له.
المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 3371، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
هل يوجد دعاء مخصص من السنة لفطام الطفل؟
لا، لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص بلفظه لمرحلة الفطام، ولكن يُشرع للمسلمة أن تدعو بالأدعية النبوية العامة لحفظ الأبناء، مثل دعاء التحصين “أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ…”، وأن تدعو الله بما يفتح عليها من خير لتيسير هذه المرحلة.
ما هو أفضل ما يقال عند فطام الرضيع؟
أفضل ما يقال هو الأدعية المأثورة من السنة النبوية التي فيها طلب الحفظ والعون والتيسير من الله، كما يمكن للأم أن تدعو بكلماتها الخاصة بصدق وإخلاص، سائلةً الله الصبر لها والسكينة لطفلها، مع عدم اعتقاد فضل خاص لهذه الصيغ.
كيف أساعد طفلي على تجاوز مرحلة الفطام بسهولة؟
يمكن مساعدة الطفل من خلال الجمع بين الدعاء والوسائل العملية: 1) التدريج في تقليل الرضعات، 2) تقديم وجبات صحية وبدائل مناسبة، 3) زيادة جرعة الحنان والاحتواء العاطفي، 4) التحلي بالصبر والثبات وتجنب الممارسات الخاطئة مثل وضع مواد منفرة أو الابتعاد عنه.

