يَسعى المسلم دائمًا إلى نومٍ هانئٍ تُختتم به مشقة يومه، وتطمئن فيه نفسه بذكر الله تعالى، فالدعاء واللجوء إلى الله قبل النوم من أعظم أسباب الطمأنينة وراحة البال، وهو سبيلٌ لطلب خيرَي الدنيا والآخرة، واستقبال صباحٍ جديدٍ بتفاؤل ورجاء في فضل الله عز وجل.
أدعية ثابتة من السنة النبوية قبل النوم
إن خير ما يدعو به العبد هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة للخير، مباركة، وفيها تمام الاقتداء، ومن هذه الأذكار الصحيحة:
- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال:
“بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6324).
- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ:
اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.
فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ”، (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 247).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ:
بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6320).
أدعية عامة لطلب الفرج والسكينة
يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ الدعاء التي تحمل معاني طيبة، وتعبّر عن حاجته وافتقاره إلى ربه، ما دامت لا تحتوي على محظور شرعي، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها بنية طلب الخير والفرج:
- اللَّهُمَّ يَا رَبِّ، عَوِّضْنِي عَنْ كُلِّ أَلَمٍ كَتَمْتُهُ، وَعَنْ كُلِّ انْكِسَارٍ وَضَعْفٍ، أَسْأَلُكَ يَا اللهُ أَنْ تَرْزُقَنِي عِوَضَ الصَّابِرِينَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
- يَا رَبِّ، أَنْتَ تَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، فَتَقَبَّلْ كُلَّ رَجَاءٍ فِي قَلْبِي، يَا فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَيَا بَاسِطَ الرَّحْمَةِ عَلَى عِبَادِكَ.
- اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الرَّحْمَةِ، ارْزُقْنِي سَعَادَةً تُريحُ نَفْسِي، وَفَرَحًا يَدُومُ، وَابْتِسَامَةً لَا تَزُولُ، وَقَلْبًا سَلِيمًا لَا يَعْرِفُ الْحُزْنَ.
- اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي وَحِيدًا، فَأَنْتَ خَيْرُ الْحَافِظِينَ، أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تُحَقِّقَ لِي مَا أَتَمَنَّى، فَلَا مَلْجَأَ لِي إِلَّا إِلَيْكَ.
- يَا اللهُ يَا وَاسِعَ الْكَرَمِ، أَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، وَاجْعَلْ يَدِي عُلْيَا بِالْعَطَاءِ، وَلَا تَجْعَلْ حَاجَتِي إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.
- اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي، حَسْبِي أَنْتَ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
إخلاء مسؤولية: الصيغ المذكورة في هذا القسم هي أدعية عامة مما يتداوله الناس، ولم تثبت بسندٍ خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وهي الأولى بالاتباع والحرص عليها.
حكم تخصيص دعاء معين لجلب الأخبار السارة
لم يرد في الشريعة الإسلامية دعاءٌ محددٌ ومخصوص يُقال قبل النوم بهدف “جلب الأخبار السارة” أو “تحقيق أمنية معينة” في صباح اليوم التالي، إنما الإجابة والفرج وتحقيق الأمنيات هي من فضل الله تعالى وحده، يهبها لمن يشاء وقتما يشاء، استجابةً لدعاء عبده الصادق، أو لحكمةٍ يعلمها سبحانه.
والأصل هو أن يدعو المسلم بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، وأن يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة بيقين وإخلاص، مع الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، فهو سبحانه القائل في كتابه الكريم:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”
(سورة غافر: 60).
أهم السنن النبوية قبل النوم
حرص النبي ﷺ على مجموعة من السنن قبل النوم، وهي أعمال يسيرة ذات فضل عظيم، تجمع بين الذكر والتحصين والطمأنينة، ومن أبرز هذه السنن الموثوقة:
- الوضوء قبل النوم: لقول النبي ﷺ للبراء بن عازب: “إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ”، (صحيح البخاري).
- نفض الفراش: لقوله ﷺ: “إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ”، (صحيح البخاري).
- الاضطجاع على الشق الأيمن: لقوله ﷺ: “ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ”، (صحيح البخاري).
- قراءة آية الكرسي: فمن قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، (ثابت في صحيح البخاري).
- قراءة آخر آيتين من سورة البقرة: لقوله ﷺ: “مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”، (صحيح البخاري وصحيح مسلم).
- جمع الكفين وقراءة المعوذات: كان ﷺ يجمع كفيه ثم ينفث فيهما فيقرأ: “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ” و “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ” و “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ”، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، (صحيح البخاري).
- التسبيح والتحميد والتكبير: أن يقول “سبحان الله” (33 مرة)، و”الحمد لله” (33 مرة)، و”الله أكبر” (34 مرة)، (صحيح البخاري وصحيح مسلم).
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6324، 247، 6320، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء يقال قبل النوم؟
أفضل الأدعية هي ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل دعاء: “بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا” ودعاء: “اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ…”، لأنها تجمع بين التوحيد والتوكل والاستسلام لله، وهي من جوامع الكلم.
هل يجوز لي أن أدعو بصيغة من عندي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وبأي صيغة طيبة ليس فيها اعتداء أو إثم، ولكن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة التي تعد بنتائج معينة؟
البديل الصحيح هو الإكثار من الأدعية الصحيحة الواردة في السنة النبوية، وسؤال الله تعالى بصدق ويقين وتوكل، فالعبرة ليست بصيغة الدعاء المبتكرة، بل بصدق القلب وحسن الظن بالله تعالى، والالتزام بهدي نبيه ﷺ.




ادعية جميلة