يُعدُّ الدُّعاءُ للأولادِ في ليلةِ القدرِ والعشرِ الأواخرِ من أعظمِ صورِ الرعايةِ والمحبةِ، فهو سلاحُ المؤمنِ وأقوى رابطٍ يجمعُ بين قلوبِ أفرادِ الأسرة، إنَّ الالتجاءَ إلى الله تعالى في هذه الأوقاتِ المباركةِ، وذِكرَ الأبناءِ والزوجِ بأسمائهم، وسؤالَ اللهِ لهم الهدايةَ والصلاحَ والبركةَ، هو من أعظمِ الهدايا وأصدقِها تعبيرًا عن مشاعرِ الحبِّ الصادقةِ والحرصِ على مستقبلهم في الدنيا والآخرة.

الأصلُ في الدُّعاءِ هو الإخلاصُ واليقينُ بالإجابة، والالتزامُ بما وردَ في كتابِ اللهِ وسنةِ نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فهي جامعةٌ لخيري الدُّنيا والآخرة، نستعرضُ هنا مجموعةً من الأدعيةِ الموثوقةِ، مع بيانِ حكمِ بعضِ الصيغِ المنتشرةِ لتعمَّ الفائدة.

أدعية مأثورة من القرآن والسنة للأبناء والأسرة

إنَّ خيرَ ما يدعو به المسلمُ هو ما جاءَ في القرآنِ الكريمِ وثبتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعيةُ جامعةٌ للمعاني، عظيمةُ الأثرِ والبركة، ومن أعظم ما يُقال في هذا الباب:

• فضل الدعاء بظهر الغيب: الدعاءُ للغيرِ من أعظمِ أسبابِ استجابةِ الدعاءِ وقبوله، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
  

  “مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ”.

  [رواه مسلم].

• دعاء من القرآن لصلاح الذرية:
  

  “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”

  [آل عمران: 38].

• دعاء من القرآن للمداومة على الصلاة:
  

  “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ”

  [إبراهيم: 40].

• دعاء جامع من القرآن:
  

  “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”

  [الفرقان: 74].

أمثلة على الأدعية العامة المنتشرة للأبناء والأسرة

يتداولُ كثيرٌ من الناسِ صيغًا للدعاءِ تنبعُ من قلوبٍ محبةٍ وتعبّرُ عن حاجاتهم، وهذه الأدعيةُ، وإن لم ترد بلفظها في السنة، إلا أنه يجوز الدعاء بها ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، نورد هنا بعض الأمثلة الشائعة:

أدعية للأبناء

• اللَّهُمَّ يَا كَرِيمُ، إِنَّ أَبْنَائِي هُمْ زِينَةُ حَيَاتِي، فَارْزُقْهُمُ الصِّحَّةَ وَالسَّلَامَةَ، وَاصْرِفْ عَنْهُمْ مَا يُفْسِدُ دَرْبَهُمْ، وَاحْمِهِمْ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَمَآزِقِهَا.
• رَبِّ، لَا تَجْعَلْ لِأَوْلَادِي نَصِيبًا مِنْ سُوءٍ، وَوَفِّقْهُمْ دَائِمًا لِمَا فِيهِ الْبِرُّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْهُمْ سَبَبًا فِي سَعَادَتِنَا وَبَهْجَتِنَا.
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَبْنَائِي مِنْ حَفَظَةِ كِتَابِكَ، وَمِنَ الْعَامِلِينَ بِهِ، وَاجْعَلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِهِمْ وَنُورَ صُدُورِهِمْ.
• رَبِّ، أَسْتَوْدِعُكَ أَوْلَادِي، فَاحْفَظْهُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وَأَكْرِمْهُمْ بِلَحَظَاتِ فَرَحٍ لَا تُمْحَى مِنْ ذَاكِرَتِهِمْ، وَاصْرِفْ عَنْهُمْ كُلَّ بَلَاءٍ.
• رَبِّ، أَسْتَوْدِعُكَ صِحَّتَهُمْ وَرِزْقَهُمْ وَأَعْمَارَهُمْ، فَبَارِكْ لِي فِيهِمْ، وَلَا تُرِنِي فِيهِمْ أَمْرًا يُحْزِنُ قَلْبِي..

أدعية للزوج

• اللَّهُمَّ اجْزِ زَوْجِي عَنِّي خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَوَفِّقْهُ فِي مَسَاعِيهِ، وَسَهِّلْ لَهُ دُرُوبَهُ، وَارْزُقْهُ السَّعَادَةَ أَيْنَمَا كَانَ.
• رَبِّ، اجْعَلْ زَوْجِي رَجُلًا صَالِحًا، وَامْنَحْهُ مِنَ الْغُفْرَانِ وَالْعِتْقِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ نَصِيبًا، وَاجْعَلْ لَهُ فِي جَنَّتِكَ مَقَامًا عَالِيًا.
• اللَّهُمَّ يَا كَرِيمُ، اجْبُرْ كَسْرِي بِزَوْجِي وَسَخِّرْهُ لِي، وَاجْعَلْ حَيَاتَنَا تَنْعَمُ بِالْحُبِّ وَالنَّقَاءِ وَالْبَرَكَةِ.
• يَا رَبِّ، ارْزُقْ زَوْجِي النَّجَاحَ، وَأَعِنْهُ فِي كَافَّةِ أُمُورِهِ، وَامْلَأْ قَلْبَهُ بِالرِّضَا وَالسَّعَادَةِ، وَاحْفَظْهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ.
• اللَّهُمَّ اسْتَوْدَعْتُكَ زَوْجِي، فَهُوَ أَغْلَى أَمَانَةٍ لَدَيَّ، فَاحْفَظْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَبَارِكْ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَرِزْقِهِ وَصِحَّتِهِ..

تنبيه هام وحكم الدعاء بالصيغ العامة

تنبيه: هذه الصيغُ المذكورةُ أعلاه هي مما يتداوله الناسُ ويجمعُ معاني الخير، ولكنها لم تثبت بلفظها المخصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاءُ عبادةٌ، والأصلُ فيها الالتزامُ بما وردَ في القرآنِ الكريمِ والسنةِ الصحيحةِ، فهي كافيةٌ وشاملةٌ ومباركة.

حكم المسألة: يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية التي ليس فيها إثم أو قطيعة رحم، حتى وإن لم تكن مأثورة بلفظها، لأن باب الدعاء واسع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ويجوز أن يدعو بغير الأدعية المأثورة دعاء يحتاج إليه”، ولكن يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالمأثور.

مكانة الأبناء في الإسلام

الأبناءُ هم زينةُ الحياةِ وهبةٌ من الله تعالى، قال عز وجل في كتابه الكريم:

“الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا”

[الكهف: 46].

وتُعتبر تربيتهم على الصلاح والتقوى من أعظم المسؤوليات التي تقع على عاتق الوالدين، والدعاء لهم هو جزء أساسي من هذه التربية، وهو السلاح الأقوى الذي يعين على صلاحهم وحفظهم من كل سوء.

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل وقت للدعاء للأبناء؟

يُستحب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات تكون فيها الإجابة أرجى، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وفي الأوقات المباركة مثل شهر رمضان، وخصوصًا في العشر الأواخر وليلة القدر.

هل يجوز الدعاء باللغة العامية أو بأي صيغة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بلغته وبما يجول في خاطره من حاجات، ما دام أن معنى الدعاء صحيح ولا يحتوي على مخالفة شرعية، والأفضل الجمع بين الأدعية المأثورة من القرآن والسنة والدعاء بحاجات النفس الخاصة.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟

البديل الأفضل والأكمل هو الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل: “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ”، و”رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي”، فهي أدعية جامعة ومباركة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر