في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، وهي خير أيام الدنيا التي أقسم الله بها في كتابه الكريم، يتضاعف الأجر وتُفتح أبواب الرحمة، ويُستحب للمسلم أن يُكثر فيها من الأعمال الصالحة، وعلى رأسها الدعاء، ومن أعظم صور البر والوفاء هو الدعاء للوالدين، خاصةً الأم التي انتقلت إلى رحمة الله، فإن دعاء الولد الصالح يصل إليها ويرفع درجتها بإذن الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 1631.
لذا، فإن تخصيص دعوات صادقة للأم المتوفاة في هذه الأيام الفضيلة هو من أفضل ما يمكن أن يقدمه الابن أو الابنة لها.
أدعية قرآنية ونبوية جامعة للوالدين
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الأدعية الأكثر بركة والأرجى للقبول، يمكن الدعاء بها للأم المتوفاة بنية الرحمة والمغفرة لها:
- دعاء قرآني لطلب الرحمة للوالدين: وهو من أجمع الأدعية التي تجمع بين الاعتراف بفضلهما والدعاء لهما.
“رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”
المصدر: سورة الإسراء، الآية 24.
- دعاء قرآني لطلب المغفرة للمؤمنين عامة: ويشمل الوالدين ومن سبقونا بالإيمان.
“رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”
المصدر: سورة الحشر، الآية 10.
أمثلة لصيغ دعاء عامة للأم المتوفاة
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ طيبة تحمل معاني الرحمة والمغفرة، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية التي يمكن الاستئناس بها للدعاء للأم المتوفاة في هذه الأيام المباركة:
- اللَّهُمَّ يَا رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا مَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، اغْفِرْ لِأُمِّي وَلِجَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَوَسِّعْ لَهُمْ فِي قُبُورِهِمْ، وَاجْعَلْهَا نُورًا وَسُرُورًا، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَضَاعِفْ حَسَنَاتِهِمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ..
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْعُوكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا، أَنْ تُكْرِمَ أُمِّي فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِكَ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى، وَأَنْ تَجْعَلَ قَبْرَهَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَأَنْ تَتَقَبَّلَهَا فِي صُحْبَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكَ..
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ تَعْلَمُ مَا فِي الْقُلُوبِ، نَسْتَوْدِعُكَ أُمِّي وَنَسْأَلُكَ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَتَهَا مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تُبَارِكَ لَهَا فِي مَثْوَاهَا، وَتَجْعَلَ قَبْرَهَا مَسْكَنَ الطُّمَأْنِينَةِ، وَتَكْتُبَ لَهَا الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوَانَ بِفَضْلِكَ وَمَغْفِرَتِكَ يَا وَاسِعَ الْعَطَاءِ..
- يَا اللهُ، اغْفِرْ لِأُمِّي وَارْحَمْهَا، وَأَسْكِنْهَا أَعْلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهَا نَصِيبًا مِنْ رَحْمَتِكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ، وَاجْمَعْنَا بِهَا فِي جَنَّاتِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
- اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ قَبْرَ أُمِّي رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَأَنْ تُنَوِّرَ لَهَا فِيهِ، وَأَنْ تُبَدِّلَهَا دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهَا، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهَا، وَأَدْخِلْهَا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا سَابِقَةِ عَذَابٍ.
- أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ أَنْ تَجْعَلَ أُمِّي تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ، وَأَنْ تَجْعَلَهَا جَارَةً لِنَبِيِّكَ الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَأَنْ تُكْرِمَهَا بِرُؤْيَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ.
تنبيه وإخلاء مسؤولية
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس ويجوز الدعاء بها لمعانيها الطيبة، وهي لم تثبت بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، ويجوز للمرء أن يدعو بما شاء من خير ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم.
حكم الدعاء للميت بصيغ عامة غير مأثورة
أجمع أهل العلم على جواز الدعاء للميت المسلم بأي صيغة تحمل معنى طلب الرحمة والمغفرة له، حتى لو لم تكن هذه الصيغة واردة في القرآن أو السنة، فباب الدعاء واسع، والمهم هو الإخلاص وحضور القلب والتوجه إلى الله تعالى بأدب ورجاء، لا حرج في أن يعبر الإنسان عن مشاعره ويدعو لوالدته بما يفيض به قلبه من كلمات صادقة، طالما أن مضمون الدعاء لا يخالف الشرع.
صور مختارة لأدعية الأم المتوفاة في شهر ذي الحجة
في أيام ذي الحجة المباركة، يحرص الكثيرون على مشاركة صور الأدعية المؤثرة للأحبة الذين فارقونا، وخاصة الأم، هذه الصور تُعد وسيلة لتذكير الآخرين بالدعاء، ونشر الخير، وإهداء ثوابه لروح الفقيدة، إليك مجموعة من الصور التي تحمل أدعية للأم المتوفاة، يمكن مشاركتها في هذه الأيام الفضيلة.
المصادر والمراجع
- صحيح مسلم، حديث رقم 1631، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سورة الإسراء، الآية 24.
- سورة الحشر، الآية 10.
أسئلة شائعة حول الدعاء للأم المتوفاة
ما هو أفضل ما يمكن أن أقدمه لأمي المتوفاة في عشر ذي الحجة؟
أفضل ما تقدمه لها هو الدعاء الصادق بالمغفرة والرحمة ورفعة الدرجات، بالإضافة إلى الصدقة الجارية عنها (مثل حفر بئر، أو المساهمة في بناء مسجد)، وأداء الحج أو العمرة عنها إن كنت لم تحج عن نفسك.
هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى أمي المتوفاة؟
اختلف العلماء في مسألة وصول ثواب قراءة القرآن للميت، والراجح عند كثير من أهل العلم أنه يصل بإذن الله، خاصة إذا دعا القارئ بعد ختمه بأن يهب مثل ثواب قراءته للميت، والأولى هو الإكثار من الدعاء والصدقة، فهما مما ورد النص الصريح على وصولهما.
ما هو أفضل وقت للدعاء في أيام العشر من ذي الحجة؟
كل أيام العشر مباركة، والدعاء فيها مرجو القبول، وأفضلها على الإطلاق هو يوم عرفة لغير الحاج، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”، كما يُستحب الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود.
