الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو سلاح المؤمن الذي يلجأ به إلى الله تعالى في كل شؤونه، طالبًا العون والتيسير، والزواج من أعظم النعم التي يمنّ الله بها على عباده، فهو سكن ومودة ورحمة، وتحصين للنفس، وبناء لأسرة مسلمة، لذا، فإن التوجه إلى الله بالدعاء الصادق لتيسير الزواج والعثور على الشريك الصالح هو من أفضل الأسباب التي ينبغي للمسلم والمسلمة الأخذ بها، مع اليقين بأن الله سبحانه هو مقدّر الأرزاق وميسّر الأمور.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة لتيسير الزواج
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، ومن الأدعية الصحيحة التي يُستحب الدعاء بها بنية تيسير الزواج الصالح:
1، دعاء نبي الله موسى عليه السلام
هذا الدعاء المبارك دعا به نبي الله موسى عليه السلام حين كان وحيداً فقيراً، فآواه الله ورزقه الزوجة الصالحة والعمل، وهو دعاء جامع لكل خير يطلبه العبد من ربه.
“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”
المصدر: سورة القصص، الآية 24.
2، الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة
هذا الدعاء من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يشمل طلب “الحسنة” في الدنيا، ومن أعظمها الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح والذرية الطيبة.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
3، دعاء الاستخارة
صلاة الاستخارة ودعاؤها هي السنة النبوية الصحيحة عند الإقدام على أمر مهم كالزواج، فإذا تقدم شخص للخطبة، أو عزم الشاب على التقدم لفتاة، يُسن له أن يصلي ركعتين ثم يدعو بدعاء الاستخارة، مفوضًا أمره لله ليختار له الخير.
“اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -ويسمي حاجته- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ.”
المصدر: صحيح البخاري، وهو حديث صحيح.
صيغ وأدعية عامة شائعة لتيسير الزواج
تنتشر بين الناس بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد في القرآن أو السنة الصحيحة، ولكنها تحمل معاني طيبة ولا تحتوي على محظور شرعي، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم، مع الاعتقاد الجازم بأن الأدعية المأثورة هي الأفضل والأكمل.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الزَّوْجَ الصَّالِحَ التَّقِيَّ الَّذِي يَخَافُكَ، وَيُعَامِلُنِي بِرَحْمَةٍ وَمَوَدَّةٍ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَرِيكَ حَيَاةٍ يَكُونُ مُحِبًّا لَكَ وَلِرَسُولِكَ، نَاجِحًا فِي حَيَاتِهِ، أَكُونُ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ وَقَلْبٍ، وَيَكُونُ لِي قُرَّةَ عَيْنٍ وَقَلْبٍ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ تَأَخُّرِ الزَّوَاجِ وَالْبَوَارِ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُيَسِّرَ لِي زَوْجًا (أَوْ زَوْجَةً) تَرَاهُ خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ، وَتَجْعَلَهُ لِي عِوَضًا طَيِّبًا مُبَارَكًا.
- يَا رَبِّ بِحِكْمَتِكَ وَلُطْفِ تَدْبِيرِكَ، دَبِّرْ لِي أَمْرِي، وَيَسِّرْ لِي زَوَاجًا مُبَارَكًا تَرْضَاهُ لِي، وَأَبْعِدْ عَنِّي كُلَّ شَرٍّ وَسُوءٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
- اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، أَنْ تَرْزُقَنِي الزَّوْجَ الصَّالِحَ الَّذِي يَكُونُ لِي سَنَدًا فِي الْحَيَاةِ وَيُعِينُنِي عَلَى طَاعَتِكَ.
- يَا مَالِكَ الْمُلْكِ، يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، ارْزُقْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ مَا يُغْنِينِي عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ، وَارْزُقْنِي زَوَاجًا يَكُونُ لِي سَكِينَةً وَطُمَأْنِينَةً.
حكم هذه الأدعية ومدى صحتها
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ولا حرج في الدعاء بمعانٍ طيبة لم ترد بلفظها ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء أو مخالفة شرعية، ولكن يبقى الأفضل والأكمل هو لزوم المأثور.
أدعية يُرجى بها تيسير أمور الخطوبة
يواجه بعض الشباب تحديات قد تؤخر إتمام أمور الخطوبة والزواج، والتضرع إلى الله تعالى هو السبيل لتيسير كل عسير، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الدعاء بها:
- اللَّهُمَّ يَا رَجَاءَ السَّائِلِينَ، وَيَا مُفَرِّجَ كَرْبِ الْمَكْرُوبِينَ، أَسْأَلُكَ يَا وَاسِعَ الْعَطَاءِ أَنْ تَرْزُقَنِي بِالزَّوْجِ الصَّالِحِ الَّذِي يَكُونُ لِي سَكَنًا وَرَحْمَةً، وَتَجْعَلَ بَيْنَنَا الْمَوَدَّةَ وَالسَّكِينَةَ، وَأَغْنِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ.
- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. (يُكثر من هذا الذكر والدعاء، فهو من أسباب كشف الكروب كما ورد في قصة نبي الله يونس عليه السلام).
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، يَا وَاسِعَ الرِّزْقِ، ارْزُقْنِي زَوْجًا يَكُونُ لِي قُرَّةَ عَيْنٍ، وَاجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ خَلْقِكَ لِي فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَخُلُقِهِ.
- يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ مِنْ جُودِكَ وَعَطَائِكَ وَبَرَكَتِكَ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي قَلْبِهِ عَزِيزَةً، وَأَنْ تَجْعَلَنِي سَعَادَتَهُ وَرَاحَتَهُ، وَأَنْ تُبْعِدَ عَنْ قُلُوبِنَا كُلَّ سُوءٍ وَهَمٍّ.
الشروط الشرعية المعتمدة للزواج في الإسلام
الزواج في الإسلام عقد عظيم له أركانه وشروطه التي تضمن صحته وتحقق مقاصده من المودة والرحمة وبناء أسرة مستقرة، وحتى يكون العقد صحيحًا شرعًا، لا بد من توفر الشروط التالية:
- تعيين الزوجين: أن يكون كل من الزوج والزوجة معروفًا ومحددًا، خاليًا من أي جهالة.
- رضا الطرفين: يجب تحقق رضا الزوج والزوجة وقبولهما بالعقد دون أي إجبار أو إكراه.
- وجود الولي: لا يصح نكاح المرأة إلا بولي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا نكاح إلا بولي” (حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي)، والولي هو الأقرب من عصبتها (الأب ثم الجد ثم الابن ثم الأخ…).
- الشهادة على العقد: يشترط حضور شاهدين مسلمين، بالغين، عاقلين، عدلين، لإعلان النكاح وإثباته.
- الخلو من الموانع الشرعية: ألا يكون هناك مانع شرعي يمنع الزواج، كأن تكون المرأة في فترة العدة، أو وجود حرمة بسبب النسب أو الرضاع أو المصاهرة.
المصادر والمراجع
- سورة القصص، الآية 24.
- سورة البقرة، الآية 201.
- حديث دعاء الاستخارة، صحيح البخاري، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “لا نكاح إلا بولي”، سنن أبي داود وسنن الترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء لتيسير الزواج؟
أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء نبي الله موسى عليه السلام: “رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”، والدعاء الجامع: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً…”، بالإضافة إلى دعاء الاستخارة عند الإقدام على الأمر.
هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة تحمل معاني طيبة ولا تخالف الشرع، كأن يسأل العبد ربه الزوج الصالح بصفات معينة، ولكن الأفضل والأكمل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنها أجمع للخير وأعظم في البركة.
ما هي أوقات استجابة الدعاء؟
يُستحب تحري أوقات وأحوال إجابة الدعاء، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.
 
		
