يُعَدُّ الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وهو سلاح المؤمن الذي يلجأ إليه في كل أحواله، خاصة في أوقات الشدائد والنوازل، وفي ظل انتشار الأوبئة والأمراض، يصبح التضرع إلى الله تعالى لحفظ النفس والأهل والأوطان ضرورة إيمانية ووسيلة للطمأنينة، استجابةً لأمر الله تعالى في كتابه الكريم.
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” [غافر: 60].
إن لجوء العبد إلى ربه بالدعاء الصادق من أعظم أسباب دفع البلاء ورفعه، وفيما يلي بيان لأهم الأدعية الصحيحة الواردة في السنة النبوية، مع ذكر بعض الصيغ العامة التي يمكن الدعاء بها لحفظ الأوطان وسلامة أهلها.
دعاء التحصين من الأمراض والأوبئة من السنة النبوية
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بالله من الأمراض الخطيرة والأسقام السيئة، وقد ورد في ذلك دعاء صحيح وثابت، وهو من أجمع الأدعية في هذا الباب.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ”.
المصدر: سنن أبي داود، وحديث صحيح.
شرح موجز: في هذا الدعاء النبوي الشريف، يستعيذ المسلم بالله من أمراض محددة كانت معروفة بشدتها (البرص، الجنون، الجذام)، ثم يعمّم الاستعاذة لتشمل “سيئ الأسقام”، أي كل الأمراض الخبيثة والمستعصية والخطيرة، وهذا يشمل الأوبئة المنتشرة في عصرنا مثل فيروس كورونا وغيره.
أمثلة على صيغ دعاء عامة لحفظ الوطن
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يتداول الناس صيغًا للدعاء تحمل معاني طيبة في طلب الحفظ والسلامة للوطن وأهله، هذه الصيغ، وإن لم ترد بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم، يجوز الدعاء بها لأن معناها صحيح ولا يخالف الشريعة، ومن هذه الصيغ المنتشرة:
- اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا وَهَيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تُعِينُهُ عَلَى الْخَيْرِ.
- اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ، وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، وَشَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ لَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، نَسْتَوْدِعُكَ وَطَنَنَا وَأَهْلَهُ وَأَمْنَهُ وَاسْتِقْرَارَهُ، فَاحْفَظْهُ بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
- تَحَصَّنْتُ بِذِي الْعِزَّةِ، وَاعْتَصَمْتُ بِرَبِّ الْمَلَكُوتِ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا الْوَبَاءَ بِلُطْفِكَ يَا لَطِيفُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالسَّلَامَةَ وَالِاسْتِقْرَارَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِهَذَا الْوَطَنِ شَرًّا فَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ.
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه النصوص الكاملة، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ومع ذلك، يجوز الدعاء بمعانٍ صحيحة لم ترد بلفظها ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء.
أهمية الدعاء ودوره في صون الأوطان
للدعاء أثر عظيم في حياة المسلم، فهو يعزز صلته بالله ويزيد من يقينه وتوكله عليه، وعندما يتعلق الأمر بالوطن، يكتسب الدعاء أهمية خاصة لعدة أسباب:
- عبادة وطاعة: الدعاء للوطن وأهله وولاة أمره بالصلاح والهداية هو طاعة لله وامتثال لأمر رسوله، وفيه خير للفرد والمجتمع.
- تحقيق الأمن: الدعاء سبب لجلب الخير ودفع الشر، وهو من أقوى الأسباب لحلول الأمن والطمأنينة ورفع البلاء والأوبئة.
- تعزيز الانتماء: الدعاء للوطن يغرس في النفوس محبته والشعور بالمسؤولية تجاهه، ويوحد القلوب على هدف مشترك هو صلاح البلاد والعباد.
- نشر الإيجابية: في أوقات الأزمات، يبعث الدعاء الأمل في النفوس ويقوي العزائم، ويُشعر الجميع بأنهم تحت رعاية الله وحفظه.
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- حديث “اللهم إني أعوذ بك من البرص…”، (يمكن مراجعته في سنن أبي داود، رقم 1554، على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء للتحصين من الأمراض؟
أفضل الأدعية وأجمعها ما ورد في السنة النبوية الصحيحة، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ”.
هل يجوز الدعاء للوطن بصيغة من عندي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع ولا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم، والأفضل دائمًا هو الجمع بين الأدعية المأثورة من القرآن والسنة والدعاء بما يحتاجه الإنسان في أمور دينه ودنياه.
ما هو الوقت الأفضل للدعاء؟
الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات وأحوال تكون فيها الإجابة أرجى، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.


