دعاء لقضاء الحاجة وتيسير الأمور في نفس اليوم مكتوب

يلجأ المسلم إلى ربه في كل أحواله، في السراء والضراء، متضرعًا إليه بقلبٍ مخلصٍ لييسر له أمره ويحقق له غايته، فالدعاء هو حبل الوصل بين العبد وخالقه، وهو من أعظم العبادات التي تقوي الإيمان وتسكب في القلب الطمأنينة، فيزداد يقين العبد بأن فرج الله قريب مهما اشتدت الكروب، وعندما يرجو العبد أمرًا أو يسأل حاجة، فإن الدعاء هو سبيله للتوجه إلى الله تعالى، طالبًا منه العون والتيسير وتفريج الكرب.

أدعية ثابتة من السنة لتيسير الأمور وقضاء الحاجة

ورد في السنة النبوية الشريفة أدعية جامعة ومباركة لتيسير الأمور وتفريج الكروب، يُستحب للمسلم أن يدعو بها بيقين وحضور قلب، من هذه الأدعية الصحيحة:

  • “اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا”.

    المصدر: رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني، وهو دعاء عظيم يُقال عند استصعاب الأمور.

  • “يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”.

    المصدر: رواه النسائي في السنن الكبرى، وحسنه الألباني، وهو من أذكار الصباح والمساء، وفيه تفويض كامل للأمر لله.

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”.

    المصدر: رواه البخاري في صحيحه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء الذي يجمع الاستعاذة من معوقات الدين والدنيا.

  • دعاء ذي النون (يونس عليه السلام) الذي ورد في القرآن الكريم، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:

    “دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ”.

    المصدر: رواه الترمذي وأحمد، وصححه الألباني.

أدعية مأثورة لتيسير الأمور وقضاء الحاجة من القرآن والسنة

صيغ وأدعية عامة يمكن الدعاء بها

إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ تجمع خيري الدنيا والآخرة، ما دامت لا تحتوي على محظور شرعي، وهذه بعض الأمثلة:

  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، الْمَنَّانُ، يَا بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، (هذه الصيغة جزء من حديث صحيح ورد فيه أن النبي ﷺ قال: “لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى” – رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني).
  • اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ، (هذا الدعاء مأثور عن بعض السلف كعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قنوت الوتر).
  • اللهم يا مُيَسِّرَ كُلِّ عسير، ويا جابر كُلِّ كسير، ويا صاحب كُلِّ فريد، ويا مُغْنِيَ كُلِّ فقير، يسِّر لي كل عسير، فإن تيسير العسير عليك يسير.

صيغ شائعة تُنسب لقضاء الحاجة

تنتشر بين الناس بعض الصيغ والأدعية المخصوصة لقضاء الحاجة أو تيسير الزواج، والتي لم ترد في مصادر السنة المعتبرة، يمكن للمسلم أن يدعو بها على سبيل الدعاء العام، مع التنبيه على عدم نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقاد فضل خاص بها.

  • دعاء لتيسير الزواج: “اللّهم إنّي أسألك تيسير الزواج وأن تجعل لي نصيبًا من الرجال يكون أعفّهم نفسًا وأحسنهم دينًا وأوسعهم رزقًا، وترزقني منه ذرية طيّبة صالحة تقر بها عيني في حياتي وبعد مماتي.”.
  • دعاء لقضاء الحاجة: “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم يا جامع الشتات، ويا مخرج النبات، ويا محيي العظام الرفات، ويا مجيب الدعوات، ويا قاضي الحاجات، فرّج كربي ويسّر أمري.”.
  • دعاء منسوب لأهل البيت: “اللهم يا مُيَسِّرَ العسير ويا مُلَيِّنَ الحديد ويا مُنجِزَ الوعيد، أخرجني من الضيق وافتح لي أبواب الفرج، بك أدفع عن نفسي ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.”.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة في هذا القسم هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، يجوز الدعاء بهذه الصيغ العامة من غير اعتقاد أنها سنة أو أن لها فضلاً خاصاً، أما الأدعية الثابتة فهي الأفضل والأكمل.

كيفية أداء صلاة الحاجة وحكمها

صلاة الحاجة هي صلاة نافلة يؤديها المسلم عندما تكون له حاجة عند الله تعالى أو عند أحد من خلقه، ليتوجه إلى الله طالبًا العون والتيسير.

ورد في شأنها حديث فيه مقال بين أهل العلم، فمنهم من حسّنه ومنهم من ضعّفه، وهو أن يتوضأ المسلم فيُحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين، ثم يثني على الله تعالى ويصلي على النبي ﷺ، ثم يدعو بالدعاء المأثور:

  • دعاء صلاة الحاجة:

    “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ”.

    المصدر: رواه الترمذي وابن ماجه، والحديث في سنده ضعف، ولكن يجوز العمل به في فضائل الأعمال والدعاء عند كثير من أهل العلم.

إرشادات هامة في الدعاء

لتحري إجابة الدعاء، يُنصح المسلم بالآتي:

  • الإخلاص وحضور القلب: أن يكون الدعاء خالصًا لله تعالى، مع استشعار عظمته والافتقار إليه.
  • اليقين بالإجابة: أن يدعو وهو موقن بأن الله سيستجيب له، كما قال النبي ﷺ: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”.
  • البدء بالحمد والثناء: أن يبدأ دعاءه بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويختم بذلك.
  • تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.

فضل الدعاء وآداب قضاء حوائج الناس

فضل السعي في قضاء حاجات الناس

حث الإسلام على التعاون والتكافل، وجعل السعي في قضاء حوائج المسلمين من أعظم القربات إلى الله تعالى، وهذا المبدأ يعزز التماسك المجتمعي وينشر المحبة بين أفراده.

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم الأجر العظيم لمن يسعى في خدمة إخوانه، فقال:

“مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”.

المصدر: رواه مسلم في صحيحه.

كما أمر الله تعالى بالتعاون على الخير في كتابه الكريم:

“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” [المائدة: 2].

آيات قرآنية للاستعانة بها عند الشدائد

القرآن الكريم هو شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وتلاوة آياته بتدبر تبعث على الطمأنينة وتفتح أبواب الفرج، من الآيات التي يستأنس بها عند الكرب والحاجة:

  • قوله تعالى:

    “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” [آل عمران: 173-174].

    .

  • دعاء نبي الله يونس عليه السلام:

    “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ” [الأنبياء: 87-88].

    .

  • قول المؤمن من آل فرعون:

    “وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا” [غافر: 44-45].

    .

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة

ما هو أفضل دعاء لتيسير الأمور؟

من أفضل الأدعية وأجمعها ما ثبت في السنة الصحيحة، مثل: “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً”، و “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين”، والأهم هو الدعاء بقلب حاضر ويقين بالإجابة.

هل صلاة الحاجة ثابتة وصحيحة؟

صلاة الحاجة ورد فيها حديث اختلف العلماء في درجة صحته بين الحسن والضعيف، وقد أجاز العمل به كثير من أهل العلم من باب فضائل الأعمال، فيصلي المسلم ركعتين ثم يدعو الله بحاجته بالدعاء المذكور أو بغيره من الأدعية.

هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ولكن يجب عدم اعتقاد أن هذه الصيغ لها فضل خاص أو أنها سنة عن النبي ﷺ، فالأفضل دائماً هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات