مكانة الأم في الإسلام عظيمة، فهي من أعظم النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها علينا، وقد أمر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ببرها والإحسان إليها، وجعل ذلك من أحب الأعمال إلى الله، فالأم هي رمز العطاء ومصدر الحنان، ووجودها بركة ورحمة في حياة أبنائها.
وقد حث الشرع على الدعاء للوالدين في حياتهما وبعد مماتهما، وهو من أعظم صور البر بهما، قال تعالى في محكم تنزيله:
“وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿٢٣﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” [الإسراء: 23-24].
وهذا الدعاء القرآني هو من أجمع وأفضل ما يدعو به المسلم لوالديه.
أدعية مأثورة وعامة للأم
الدعاء للأم من أجلّ القربات، خاصة في الأوقات المباركة مثل شهر رمضان، ويمكن للمسلم أن يدعو بما فتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة، بأسلوب طيب وبألفاظ حسنة، وفيما يلي بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها للدعاء للأم، مع التذكير بأن أفضل الدعاء ما كان مأثوراً في الكتاب والسنة.
صيغ وأدعية شائعة للأم
هذه بعض الأدعية التي يتداولها الناس، وهي تحمل معاني طيبة في طلب الخير للأم:
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ أُمِّي سَيِّدَةً مِنْ سَيِّدَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَاجْعَلِ الْحَوْضَ مَوْرِدًا لَهَا، وَالرَّسُولَ شَافِعًا لَهَا.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي بِرَّ أُمِّي، وَأَعِنِّي عَلَى طَاعَتِهَا وَإِرْضَائِهَا، وَلَا تَجْعَلْ فِي قَلْبِي مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ عُقُوقٍ.
- يَا رَبِّ، أَسْعِدْ أُمِّي بِكُلِّ مَا هُوَ جَمِيلٌ مِنْ عِنْدِكَ، اللَّهُمَّ اكْتُبْ لَهَا السَّعَادَةَ الدَّائِمَةَ، وَابْتِسَامَةً لَا تَغِيبُ، وَقَلْبًا لَا يَحْزَنُ.
- اللَّهُمَّ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ أَنْ تَفْتَحَ لِأُمِّي أَبْوَابَ الْخَيْرِ، وَتَرْزُقَهَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، وَتَمْلَأَ حَيَاتَهَا بِالطُّمَأْنِينَةِ وَالرِّزْقِ الْوَاسِعِ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَلْبَ أُمِّي خَالِيًا مِنْ كُلِّ هَمٍّ وَغَمٍّ، وَامْلَأْ حَيَاتَهَا بِالسَّعَادَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَارْزُقْهَا الْفَرَحَ وَرَاحَةَ الْبَالِ.
تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
إخلاء مسؤولية: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح مخصص عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الكلمات، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بما ليس فيه إثم أو قطيعة رحم، ولكن الأفضل هو التحري والالتزام بالمأثور.
الدعاء للأم بالصحة والعافية
الصحة والعافية من أجلّ النعم، والدعاء بهما للأم من أعظم صور البر والإحسان، يمكن الدعاء بالصيغ التالية التي تحمل معاني الخير والعافية:
- اللَّهُمَّ أَلْبِسْ أُمِّي ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَبَارِكْ لِي فِي عُمْرِهَا، وَاحْفَظْهَا لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَمَكْرُوهٍ.
- يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَحْمِيَ أُمِّي مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَتُبْعِدَ عَنْهَا مَتَاعِبَ الْحَيَاةِ، وَتَمْنَحَهَا رَاحَةَ الْقَلْبِ وَطُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ.
- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمِّي ذُنُوبَهَا، وَعَافِهَا وَاعْفُ عَنْهَا، وَأَكْرِمْ نُزُلَهَا، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ.
- يَا رَبِّ، اجْعَلْ عَيْنَ أُمِّي لَا تَرَى مِنَ الدُّمُوعِ سِوَى دُمُوعِ الْفَرَحِ، وَامْلَأْ حَيَاتَهَا بِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.
أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء
يستحب للمسلم تحري أوقات إجابة الدعاء، ففيها تزداد فرصة القبول بإذن الله، ومن هذه الأوقات التي دلت عليها النصوص الشرعية:
- أثناء السجود: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ”
(رواه مسلم).
- في الثلث الأخير من الليل: حيث ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، (متفق عليه).
- بين الأذان والإقامة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ”
(رواه الترمذي، حديث حسن صحيح).
- عند فطر الصائم: فقد ورد أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
- في شهر رمضان وليلة القدر: فشهر رمضان كله موسم خير، وليلة القدر هي ذروة هذا الخير، والدعاء فيها مستجاب بإذن الله.
- عند نزول المطر: لأنه وقت تنزل فيه الرحمات.
المصادر والمراجع
- سورة الإسراء، الآية 23.
- سورة الإسراء، الآية 24.
- حديث “أقرب ما يكون العبد…”، صحيح مسلم، حديث رقم 482، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث نزول الرب تبارك وتعالى، صحيح البخاري، حديث رقم 1145، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة”، سنن الترمذي، حديث رقم 212، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء للأم
- هل يوجد دعاء مخصص للأم في القرآن؟
- نعم، أفضل دعاء قرآني للوالدين (الأم والأب) هو قوله تعالى: “رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” [الإسراء: 24]، وهو دعاء جامع يشمل طلب الرحمة لهما جزاءً على تربيتهما.
- هل يجوز أن أدعو لأمي بكلماتي الخاصة (بالعامية)؟
- نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من الخير لوالديه بلغته وبأسلوبه الخاص، ما دام محتوى الدعاء لا يخالف الشرع، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب ويستجيب لمن دعاه بصدق وإخلاص.
- ما هو أفضل وقت للدعاء للأم؟
- كل الأوقات مناسبة للدعاء، ولكن يُستحب تحري أوقات الإجابة المذكورة أعلاه، مثل السجود، والثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي شهر رمضان، فهي أوقات تُرجى فيها الاستجابة بشكل أكبر.
