الدعاء للمريض من أعظم القربات وأسمى أشكال الدعم، فهو صلة بين العبد وربه، وتعبيرٌ عن المحبة والاهتمام، وفيه راحة للمريض وتخفيفٌ عنه، إن التوجه إلى الله تعالى بقلبٍ صادق ويقينٍ بالإجابة يزيد من طمأنينة المريض ويقوي عزيمته، ويبث في نفسه الأمل بأن الشفاء بيد الله وحده، وقد أرشدنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة إلى أفضل الأدعية والآداب في هذا الشأن.

أدعية شرعية مأثورة لشفاء المريض

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والبركة والشفاء بإذن الله.

1، أدعية من القرآن الكريم

ورد في القرآن الكريم آيات كريمة تحمل في طياتها الدعاء والشفاء، ومنها:

• دعاء نبي الله أيوب عليه السلام، وهو من أعظم الأدعية في إظهار الافتقار إلى رحمة الله:
  

  “أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”

  المصدر: [سورة الأنبياء: 83].

• قول الخليل إبراهيم عليه السلام، الذي يرسخ عقيدة أن الشافي هو الله وحده:
  

  “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ”

  المصدر: [سورة الشعراء: 80].

• آيات الشفاء العامة التي يُقرأ بها على المريض بقصد الرقية والتماس البركة:
  

  “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ”

  المصدر: [سورة الإسراء: 82].

2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية ورقى شرعية تُقال عند زيارة المريض أو للدعاء له، ومن أصحها:

• كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً يقول:
  

  “أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا.”

  المصدر: صحيح البخاري (5743)، وصحيح مسلم (2191)، (حديث صحيح).

• قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ:
  

  “أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ.”

  إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ.”المصدر: سنن أبي داود (3106)، وسنن الترمذي (2083)، (حديث صحيح).

• عند الشعور بالألم، يُسن للمريض أن يضع يده على موضع الألم ويقول:
  

  “بِاسْمِ اللهِ (ثلاث مرات)، ثم يقول سبع مرات: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ.”

  المصدر: صحيح مسلم (2202)، (حديث صحيح).

صيغ وأدعية عامة شائعة للمريض

إلى جانب الأدعية المأثورة، يتداول الناس صيغًا حسنة للدعاء للمريض، تحمل معاني طيبة في طلب الشفاء والعافية، يمكن الدعاء بهذه الصيغ وأمثالها، مع استحضار القلب واليقين بالله.

• اللَّهُمَّ يَا شَافِي، يَا مُعَافِي، نَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَى أَنْ تُعَافِي كُلَّ مَنْ أَلَمَّهُ الْمَرَضُ، اللَّهُمَّ خَفِّفْ عَنْهُمْ وَاجْبُرْ كَسْرَهُمْ وَهَوِّنْ عَلَيْهِمْ كُلَّ أَلَمٍ.
• اللَّهُمَّ يَا رَبَّ النَّاسِ، يَا مَنْ بِيَدِكَ الرَّحْمَةُ وَعِنْدَكَ الدَّوَاءُ، نَسْأَلُكَ أَنْ تُبَدِّلَ الْأَلَمَ رَاحَةً، وَالتَّعَبَ شِفَاءً، اللَّهُمَّ اشْفِ مَنْ طَالَ بِهِمُ السُّقْمُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُمُ الشِّفَاءُ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا.
• يَا اللَّهُ يَا مَنْ كَشَفْتَ الضُّرَّ عَنْ أَيُّوبَ، نَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ أَنْ تَشْفِي كُلَّ مَنْ يَئِنُّ مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنْ تُلْبِسَ كُلَّ مَرِيضٍ ثَوْبَ الْعَافِيَةِ.
• اللَّهُمَّ إِنَّ (فلان بن فلان) قَدْ أَصَابَهُ الْمَرَضُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنْهُ مَا يُعَانِيهِ، وَخَفِّفْ عَنْهُ أَلَمَهُ، وَامْنَحْهُ الصَّبْرَ وَالرِّضَا بِقَضَائِكَ.
• اللَّهُمَّ اشْفِ أُمِّي، فَهِيَ أَغْلَى مَا أَمْلِكُ، اللَّهُمَّ أَلْبِسْهَا ثَوْبَ الْعَافِيَةِ، وَأَزِلْ عَنْهَا الْأَلَمَ وَالتَّعَبَ، وَاحْفَظْهَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.

تنبيه هام وحكم الدعاء بصيغ غير مأثورة

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس ويجوز الدعاء بها لمعانيها الطيبة، ولكنها لم تثبت بنص محدد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها والأكمل هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.

وقد أجمع العلماء على جواز دعاء المسلم لنفسه أو لغيره بصيغ من عنده، بشرطين أساسيين:

1. ألا تحتوي هذه الصيغ على معانٍ باطلة أو تخالف الشريعة الإسلامية.
2. ألا يعتقد الداعي أن هذه الصيغة لها فضل خاص أو أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فالأفضل دائمًا البدء بالأدعية المأثورة، ثم يمكن للمرء أن يدعو بما يفتح الله عليه من الخير له ولمن يحب.

آداب زيارة المريض في الإسلام

زيارة المريض حق من حقوق المسلم على أخيه، ولها آداب عظيمة تعود بالخير على الزائر والمريض، ومن أهمها:

• اختيار الوقت المناسب: تجنب أوقات راحة المريض أو نومه.
• تقصير مدة الزيارة: الهدف هو الاطمئنان عليه والدعاء له دون إثقال أو إرهاق.
• الدعاء للمريض: وهو من أعظم مقاصد الزيارة، فادعُ له بالأدعية المأثورة.
• بث الأمل والتفاؤل: ذكّره بفضل الصبر على المرض، وأن المرض كفارة للذنوب، وبشّره بالشفاء بإذن الله.
• تجنب ما يزعجه: مثل التحدث بصوت مرتفع، أو الخوض في أخبار محزنة، أو سؤاله عن تفاصيل مرضه بشكل يحرجه.
• عدم اصطحاب الأطفال: خاصة إذا كان المكان غير مناسب أو كان المريض يحتاج إلى هدوء تام.

فضل الصبر على المرض

المرض ابتلاء من الله تعالى، وفيه حِكَم عظيمة وفضائل جليلة للمؤمن الصابر المحتسب، ومنها:

• تكفير الذنوب والخطايا: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.”

  (صحيح البخاري، 5641).

• رفعة الدرجات: قد تكون للمؤمن منزلة عند الله لا يبلغها بعمله، فيبتليه الله بالمرض ليبلغه تلك المنزلة بصبره.
• العودة إلى الله: المرض يوقظ القلب من غفلته، ويذكر العبد بضعفه وحاجته إلى ربه، فيدفعه إلى التوبة والإنابة.
• إدراك نعمة العافية: لا يعرف قيمة العافية إلا من فقدها، فالمرض يجعل الإنسان أكثر شكرًا لله على نعمة الصحة.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول الدعاء للمريض

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر