الدعاء للمريض من أعظم القربات وأصدق صور التراحم بين المسلمين، وهو سلاح المؤمن الذي يلجأ به إلى الله تعالى طالباً العون والشفاء، إن التوجه إلى الخالق في أوقات الابتلاء والمرض يعكس عمق الإيمان واليقين بقدرته ورحمته، وهو عبادة بحد ذاتها تُظهر افتقار العبد لربه وتعلقه به، نستعرض هنا مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي يُستحب الدعاء بها للمريض، مع التأكيد على أهمية الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
أدعية ثابتة من السنة النبوية لشفاء المريض
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوتي جوامع الكلم، ودعاؤه هو خير الدعاء وأكمله وأنفعه، ومن الأدعية الصحيحة الثابتة في السنة النبوية لعيادة المريض وطلب الشفاء له:
- عن عائشة رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ:
 “بِاسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا.” (متفق عليه: رواه البخاري، حديث 5745، ومسلم، حديث 2194). 
- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً يمسح عليه بيده اليمنى ويقول:
 “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا.” (متفق عليه: رواه البخاري، حديث 5675، ومسلم، حديث 2191). 
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 “مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ.” (رواه أبو داود والترمذي، وهو حديث صحيح). 
صيغ وأدعية عامة يمكن الدعاء بها للمريض
إلى جانب الأدعية النبوية المحددة، يجوز للمسلم أن يدعو للمريض بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع، ما دامت تحمل معاني صحيحة وتضرعاً إلى الله، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الاستئناس بها:
| دعاء لتخفيف الألم | اللَّهُمَّ يا مُخَفِّفَ الآلامِ ومُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، نَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تُخَفِّفَ عَنْهُ أَلَمَهُ، وَأَنْ تُلْبِسَهُ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. | 
| دعاء للشفاء التام | اللَّهُمَّ اشْفِهِ شِفَاءً تَامًّا لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، اللَّهُمَّ رُدَّ إِلَيْهِ عَافِيَتَهُ وَاحْفَظْهُ بِحِفْظِكَ، وَاكْلَأْهُ بِرِعَايَتِكَ، وَأَعِدْهُ إِلَى أَهْلِهِ سَالِمًا مُعَافًى يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. | 
| دعاء للمريض في غيابه | اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَوْدِعُكَ فُلَانًا (يُذكر اسمه)، فَاحْرُسْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاشْمَلْهُ بِرَحْمَتِكَ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِ شِفَاءً مِنْ عِنْدِكَ يُزِيلُ كُلَّ بَأْسٍ وَيَرْفَعُ كُلَّ ضُرٍّ. | 
| دعاء للمريض في المستشفى | اللَّهُمَّ يَا مُؤْنِسَ كُلِّ غَرِيبٍ، وَيَا صَاحِبَ كُلِّ وَحِيدٍ، كُنْ لَهُ مُؤْنِسًا وَمُعِينًا، وَاجْعَلْ مَا يُصِيبُهُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِ، وَأَخْرِجْهُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ مَشْفِيًّا مُعَافًى بِقُوَّتِكَ يَا قَدِيرُ. | 
حكمة الابتلاء بالمرض وفضل الصبر عليه
الابتلاء بالمرض هو سنة من سنن الله في خلقه، يحمل في طياته حِكَماً عظيمة وفوائد جليلة للمؤمن الصابر المحتسب، فالمرض فرصة لتكفير الذنوب، ورفع الدرجات، وتقوية الصلة بالله عز وجل.
إنَّ الألم الذي يشعر به المؤمن في الدنيا ليس نهاية المطاف، بل هو جسر يعبر به إلى أجر عظيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بيّن هذه الحقيقة بقوله:
“الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ.”
(رواه مسلم، حديث 2956)، وهذا الحديث يعلّمنا أن المؤمن ينظر إلى مصائب الدنيا، ومنها المرض، على أنها اختبارات مؤقتة تهيئه لنعيم الآخرة الدائم.
كما أن الابتلاء علامة على محبة الله لعبده ورغبته في تطهيره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ.”
(رواه البخاري، حديث 5645)، فإذا قابل العبد هذا الابتلاء بالرضا والصبر، نال الأجر العظيم الذي وعد الله به الصابرين في قوله تعالى:
“إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ”
[الزمر: 10]، وهذه الآية الكريمة تبين أن جزاء الصبر لا حدود له، فهو فضل مفتوح من الله الكريم لمن رضي بقضائه وصبر على بلائه.
أدعية إضافية للمريض لطلب الشفاء والعافية
الدعاء عبادة عظيمة، وبابه واسع، وهذه بعض الصيغ الإضافية التي يمكن للمسلم أن يناجي بها ربه لشفاء المريض:
- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، نَسْأَلُكَ أَلَّا تَدَعَ لِمَرِيضِنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا سَقَمًا إِلَّا شَفَيْتَهُ وَعَافَيْتَهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ يَا مُيَسِّرَ كُلِّ عَسِيرٍ، وَيَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، وَيَا مُؤَمِّنَ كُلِّ خَائِفٍ، نَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الشَّافِي أَنْ تُنْزِلَ عَلَى مَرِيضِنَا شِفَاءً مِنْ عِنْدِكَ، وَرَحْمَةً مِنْ لَدُنْكَ، تُغْنِيهِ بِهَا عَمَّنْ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتُنَا وَرَجَاؤُنَا، فَلَا تَكِلْهُ إِلَى نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
- اللَّهُمَّ خُذْ بِيَدِهِ، اللَّهُمَّ احْرُسْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْفِهِ بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاحْفَظْهُ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَاكْلَأْهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَارْحَمْهُ بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ، فَأَنْتَ ثِقَتُهُ وَرَجَاؤُهُ، يَا كَاشِفَ الْهَمِّ، يَا مُفَرِّجَ الْكَرْبِ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ.
خاتمة: اليقين بالله مفتاح الشفاء
في ختام حديثنا، نؤكد على أن أساس استجابة الدعاء هو اليقين الراسخ بالله تعالى، وحسن الظن به، والتسليم الكامل لقضائه وقدره، يجب على المؤمن أن يدرك أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن الله أرحم به من أمه وأبيه، فليصبر وليحتسب، وليُكثر من الدعاء لنفسه ولإخوانه المرضى، فإن الدعاء يرفع البلاء، ويجلب الرحمة، ويفتح أبواب الشفاء بإذن الله تعالى.
المصادر والمراجع
- سورة الزمر، الآية 10.
- صحيح البخاري، حديث رقم 5745، 5675، 5645، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2194، 2191، 2956، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود وسنن الترمذي، حديث “أسأل الله العظيم…”، (صححه الألباني وغيره).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء يقال للمريض؟
أفضل الدعاء هو ما ورد في السنة النبوية الصحيحة، ومن أجمعها وأشهرها: “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا”، وكذلك تكرار “أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ” سبع مرات.
هل يجوز أن أدعو للمريض بصيغة من عندي؟
نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة طيبة ليس فيها اعتداء أو مخالفة شرعية، ما دام الداعي يتضرع إلى الله بصدق وإخلاص، والأفضل دائمًا هو الجمع بين الأدعية النبوية المأثورة والدعاء بما يفيض به قلبك.
ما هي أوقات استجابة الدعاء التي يُنصح بالدعاء فيها للمريض؟
يُستحب تحري أوقات وأحوال إجابة الدعاء، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة (خاصة آخر ساعة منه)، وعند نزول المطر، كما أن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب بإذن الله.
 
		
