تُعد ليلة الزفاف محطة فارقة في حياة الزوجين، يمتزج فيها الفرح بالرجاء، والتوجه إلى الله بالدعاء في هذه اللحظات هو خير بداية لحياة جديدة، فهو سبيل لطلب البركة، وتحصيل السكينة والطمأنينة، وبدء رحلة مشتركة بروحٍ ملؤها الأمل والتفاؤل.
ما ورد في السنة النبوية عند الدخول بالزوجة
لقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى آداب وأدعية مباركة تُقال في هذه الليلة، لتكون بداية الحياة الزوجية مبنية على ذكر الله وطلب عونه وتوفيقه.
الدعاء المأثور للزوج
يُسن للزوج إذا دخل بزوجته أن يضع يده على مقدمة رأسها، ويسمّي الله تعالى، ويدعو بالبركة، ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 2160، وحسّنه الألباني.
صلاة ركعتين معًا
يُستحب للزوجين أن يصليا ركعتين معًا ليلة الزفاف، وهو فعل مأثور عن السلف الصالح رضوان الله عليهم، وقد ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال لرجل تزوج: «إذا دخلت عليك امرأتك، فمرها فلتصلِّ خلفك ركعتين، وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم فيَّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير، وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير».
المصدر: مصنف ابن أبي شيبة، وصححه الألباني في “آداب الزفاف”.
وهذه الصلاة تعبير عن الشكر لله وبداية مباركة للحياة الزوجية، يصلي الزوج إمامًا بزوجته، ويدعوان بعدها بما يفتح الله عليهما من الخير.
أدعية من القرآن الكريم للبركة في الزواج والذرية
القرآن الكريم هو مصدر الخير والبركة، وفيه أدعية جامعة يمكن للزوجين أن يلهجا بها في كل وقت لطلب السعادة والذرية الصالحة، ومنها:
- دعاء لطلب الزوجة الصالحة والذرية الطيبة: وهو دعاء عباد الرحمن الذي يُعد من أجمع الأدعية للأسرة المسلمة.
 “وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” (سورة الفرقان، الآية: 74). 
- دعاء لطلب الذرية الطيبة المباركة: وهو دعاء نبي الله زكريا عليه السلام.
 “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ” (سورة آل عمران، الآية: 38). 
أدعية عامة للزوجين
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يمكن للزوجين الدعاء بما يشاءان من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة طيبة، الدعاء بابه واسع، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها:
- اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي زَوَاجِنَا، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا عَلَى خَيْرٍ، وَارْزُقْنَا المَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ وَالسَّكِينَةَ.
- رَبَّنَا اجْعَلْ هَذَا الزَّوَاجَ مِفْتَاحًا لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَسْعِدْ قُلُوبَنَا، وَوَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ زَوْجِي قُرَّةَ عَيْنٍ لِي، وَاجْعَلْنِي قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُ، وَارْزُقْنَا الرِّضَا وَالقَنَاعَةَ وَالحُبَّ فِيكَ وَلأَجْلِكَ.
- يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، أَكْرِمْنَا بِالذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَةِ، وَاجْعَلْ بَيْتَنَا عَامِرًا بِطَاعَتِكَ وَذِكْرِكَ.
- اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَأَبْعِدْ عَنَّا هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَكُلَّ شَرٍّ وَسُوءٍ، وَاجْعَلْ حَيَاتَنَا مَلِيئَةً بِالبَرَكَةِ وَاليُمْنِ.

من المقاصد السامية للزواج في الإسلام
شرع الله الزواج لتحقيق غايات نبيلة ومقاصد عظيمة تعود بالخير على الفرد والمجتمع، ومن أبرزها:
- تحقيق العفة والإحصان: يوفر الزواج إطارًا شرعيًا طاهرًا لإشباع الغرائز الفطرية، مما يحفظ المسلم والمسلمة من الوقوع في الفواحش ويساهم في بناء مجتمع أخلاقي.
- بقاء النوع الإنساني: يعد الزواج الوسيلة المشروعة لاستمرار النسل وعمارة الأرض، وتربية جيل مسلم صالح يعبد الله ويساهم في رقي أمته.
- تحصيل السكينة والمودة: يوفر الزواج بيئة من الاستقرار النفسي والطمأنينة، حيث يجد كل من الزوجين في الآخر سكنًا ومودة ورحمة، كما قال تعالى:
 “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” (الروم: 21). 
- بناء الأسرة المسلمة: الزواج هو اللبنة الأولى في بناء الأسرة التي تعد نواة المجتمع، والتي تُعنى بتربية الأبناء على القيم الإسلامية والأخلاق الحميدة.
- التعاون على أعباء الحياة: يقوم الزواج على الشراكة والتعاون بين الزوجين في مواجهة تحديات الحياة والعمل معًا على طاعة الله، مما يخفف الأعباء ويقوي الروابط.
إرشادات لحياة زوجية مباركة
لتحقيق زواج ناجح ومستقر، ينبغي على كل من الزوجين فهم حقوقه وواجباته والسعي لإسعاد الطرف الآخر ابتغاء مرضاة الله، إليك بعض الإرشادات الهامة:
للزوج:
- المعاملة بالحسنى: عامل زوجتك بلطف ورحمة، وتجاوز عن هفواتها، وتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم:
 “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا” (متفق عليه). 
- التقدير والشكر: أثنِ على زوجتك واشكرها على ما تبذله من جهد في بيتها، وشاركها في بعض المهام المنزلية، فإن ذلك يترك أثرًا طيبًا ويعزز المودة.
- التلطف في النداء والتعبير: نادها بأحب الأسماء إليها، وقدم لها الهدايا من حين لآخر، فإنها تجدد المحبة وتدخل السرور إلى قلبها.
للزوجة:
- الطاعة في المعروف: أطيعي زوجك فيما لا معصية فيه لله، فإن طاعته من أعظم أسباب التوفيق والبركة في الحياة الزوجية.
- حفظ الأمانة: كوني حافظة لبيته وماله وعرضه في غيابه، ولا تُدخلي بيته من يكره، فذلك من أعظم صور الأمانة.
- التزين والتجمل: اهتمي بمظهرك وتزيني لزوجك بما يحب، فإن ذلك مما يزيد الألفة ويعمق المحبة ويحصن كلا الزوجين.

المصادر والمراجع
- سورة آل عمران، الآية 38.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة الروم، الآية 21.
- سنن أبي داود، حديث رقم 2160، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- مصنف ابن أبي شيبة، (يمكن مراجعة الأثر في كتب شروح الحديث وكتب آداب الزفاف الموثوقة).
- صحيح البخاري وصحيح مسلم (متفق عليه) لحديث “استوصوا بالنساء خيرًا”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية ليلة الزواج
ما هو الدعاء الصحيح الذي يقوله الزوج في ليلة الزواج؟
الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يضع الزوج يده على مقدمة رأس زوجته ويقول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ”.
هل صلاة ركعتين في ليلة الزفاف واجبة؟
صلاة ركعتين معًا ليست واجبة، ولكنها فعل مستحب ومأثور عن بعض الصحابة كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهي بداية طيبة للحياة الزوجية فيها شكر لله وطلب للبركة والتوفيق.
هل هناك أدعية محددة من القرآن للزواج؟
لا توجد أدعية مخصصة لليلة الزفاف بحد ذاتها في القرآن، ولكن هناك أدعية قرآنية عظيمة يمكن الدعاء بها لطلب صلاح الأسرة والذرية، مثل دعاء عباد الرحمن: “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ…” (الفرقان: 74).
