يُعدّ الدّعاء للوالدين من أعظم صور البرّ والإحسان إليهما، وهو حقٌ لهما على أبنائهما في حياتهما وبعد مماتهما، وتتأكد أهمية هذا الدعاء في الأوقات المباركة كليالي العشر الأواخر من رمضان، التي يُرجى فيها ليلة القدر، حيث تتنزل الرحمات وتُستجاب الدعوات بإذن الله تعالى، اغتنام هذه الفرصة للدعاء لهما هو وفاءٌ بحقهما العظيم وشكرٌ لفضلهما الذي لا يُحصى.

أدعية ثابتة للوالدين من القرآن الكريم والسنة النبوية

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة مباركة، تحمل في طياتها أكمل المعاني وأعمقها، ومن هذه الأدعية المأثورة للوالدين:

1، أدعية من القرآن الكريم

ورد في القرآن الكريم أدعية عظيمة مباشرة للوالدين، منها:

• دعاء نوح عليه السلام لوالديه والمؤمنين بالمغفرة:
  

  “رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ” [نوح: 28].

  .

• دعاء إبراهيم عليه السلام لوالديه بالمغفرة يوم الحساب:
  

  “رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ” [إبراهيم: 41].

  .

• الدعاء الجامع بطلب الرحمة لهما جزاءً على تربيتهما:
  

  “رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” [الإسراء: 24].

  .

• دعاء سليمان عليه السلام بشكر نعمة الله عليه وعلى والديه:
  

  “رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ” [النمل: 19].

  .

2، الدعاء للوالدين في السنة النبوية

حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على الدعاء للوالدين وبيّن أنه من العمل الذي لا ينقطع بعد الموت، وهو من أعظم ما يصل إليهما من برّ أبنائهما.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
  

  “إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”، (رواه مسلم، حديث صحيح).

  .

وهذا الحديث يؤكد على فضل دعاء الولد لوالديه وأثره المستمر، مما يجعله من أفضل القربات، لا سيما في ليلة القدر.

صيغ وأدعية جامعة مقترحة للوالدين

إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو لوالديه بما يفتح الله عليه من صيغ تجمع خيري الدنيا والآخرة، بأسلوب طيب لا يخالف الشرع، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن الاستئناس بها للدعاء للوالدين الأحياء منهم والأموات.

دعاء للوالدين الأحياء في ليلة القدر

• اللَّهُمَّ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، أَسْأَلُكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ أَنْ تَحْفَظَ وَالِدَيَّ بِحِفْظِكَ، وَأَنْ تُلْبِسَهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَأَنْ تَرْزُقَهُمَا طُولَ الْعُمُرِ عَلَى طَاعَتِكَ، وَتَخْتِمَ لَهُمَا بِالْحُسْنَى يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
• رَبِّ، بَارِكْ لِي فِي وَالِدَيَّ، وَارْزُقْهُمَا الرِّزْقَ الْوَاسِعَ، وَالْقَلْبَ الْمُطْمَئِنَّ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ الْمُتَقَبَّلَ، وَاجْعَلْهُمَا مِنْ أَسْعَدِ خَلْقِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
• اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى بِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّي، وَلَا تَجْعَلْ لَهُمَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلَا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا قَضَيْتَهَا لَهُمَا يَا كَرِيمُ.

دعاء للوالدين المتوفين في ليلة القدر

الدعاء للوالدين بعد وفاتهما هو أصدق صور البر والوفاء، وهو هدية ثمينة تصل إليهما في قبريهما.

• اللَّهُمَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، اغْفِرْ لِوَالِدَيَّ وَارْحَمْهُمَا، وَعَافِهِمَا وَاعْفُ عَنْهُمَا، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُمَا، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُمَا، وَاغْسِلْهُمَا بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِمَا مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
• يَا رَبِّ، اجْعَلْ قَبْرَ أَبِي وَأُمِّي رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَلَا تَجْعَلْهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ، اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُمَا دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِمَا، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِمَا، وَأَدْخِلْهُمَا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا سَابِقَةِ عَذَابٍ.
• اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى قُبُورِهِمَا الضِّيَاءَ وَالنُّورَ، وَالْفُسْحَةَ وَالسُّرُورَ، وَاجْزِهِمَا عَنِ الْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَعَنِ الْإِسَاءَةِ عَفْوًا وَغُفْرَانًا، وَاجْمَعْنَا بِهِمَا فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة

تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي أمثلة للدعاء بأسلوب عام، ولم تثبت كنصوص محددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة للخير، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من خير ما لم يكن فيه اعتداء.

أسئلة شائعة حول الدعاء للوالدين

ما هو أفضل دعاء للوالدين؟

أفضل الدعاء هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل قوله تعالى: “رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”، لأنه دعاء جامع مبارك علّمنا الله إياه.

هل يجوز الدعاء للوالدين بالعامية أو بأي صيغة أخرى؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو لوالديه بما يشاء من خير الدنيا والآخرة، بلغته وبأسلوبه الخاص، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب ويستجيب الدعاء بصدق وإخلاص، ما لم يكن في الدعاء إثم أو قطيعة رحم.

هل يصل ثواب الدعاء للوالدين المتوفين؟

نعم، بإجماع أهل العلم، يصل ثواب الدعاء والصدقة وغيرهما من الأعمال الصالحة إلى الميت، وهو من أعظم صور البر بالوالدين بعد وفاتهما، كما دل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر