دعاء مستجاب في نفس اللحظة مكتوب

يُعدُّ الدُّعاء من أعظم العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى الله عز وجل، وهو صلةٌ مباشرةٌ بين الخالق والمخلوق في كل الأحوال والأوقات، وللدعاء فضائل عظيمة وآثار مباركة، فهو مفتاح للبركة والرزق والتيسير في شؤون الحياة كلها، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فضل الدعاء، وحرص على تعليم أمته جوامع الكلم، ورغّب في تحرّي الأوقات التي هي مظنّة الإجابة، ومنها:

  • يوم عرفة: فهو من أفضل الأيام للدعاء، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:

    “خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ”

    (رواه الترمذي، حديث حسن).

  • الثلث الأخير من الليل: وهو وقت النزول الإلهي، حيث ثبت في الحديث الصحيح أن الله تعالى يقول:

    “مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟”

    (متفق عليه).

  • في السجود: حيث يكون العبد أقرب ما يكون من ربه، لقوله صلى الله عليه وسلم:

    “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ”

    (رواه مسلم).

أدعية صحيحة من القرآن والسنة يُرجى بها الإجابة

إنّ الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة هي خير ما يدعو به المسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، ومبنيّة على أكمل صيغ الأدب مع الله تعالى، وفيما يلي مجموعة من هذه الأدعية المباركة مع مصادرها:

  • دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    سورة البقرة، الآية 201..

  • دعاء لطلب العفو والمغفرة (خاصة في ليلة القدر):

    “اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”

    رواه الترمذي، حديث صحيح..

  • دعاء سيد الاستغفار:

    “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”

    رواه البخاري..

  • دعاء لطلب صلاح الأهل والذرية:

    “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”

    سورة الفرقان، الآية 74..

  • دعاء لطلب الثبات على الحق:

    “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ”

    سورة آل عمران، الآية 8..

  • دعاء للاستعاذة من علم لا ينفع:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا”

    رواه مسلم..

  • دعاء للاستعاذة من شر الجوارح:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي”

    رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح..

  • دعاء للاستعاذة من ميتة السوء:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا”

    رواه أبو داود، وصححه الألباني..

  • دعاء إبراهيم عليه السلام لطلب القلب السليم:

    “وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”

    سورة الشعراء، الآيات 87-89..

  • دعاء التوكل والاستسلام لله:

    “اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ”

    رواه مسلم..

أدعية مأثورة من القرآن والسنة مكتوبة بخط جميل

صيغ شائعة للدعاء

يتداول الناس بعض صيغ الدعاء التي لم ترد في نصوص شرعية محددة، ولكنها تحمل معاني طيبة في التوسل إلى الله وطلب الحاجات، ويمكن للمسلم أن يدعو بها أو بما يفتح الله عليه من الدعاء، ما لم تتضمن محذورًا شرعيًا، ومن أمثلة ذلك:

  • اللهم يا من لا مَلجأ ولا مَنجا منه إلا إليه، اغفر لي ذنوبي كلها، ما ظهر منها وما بطن، وأسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت، أن تجعلني ممن يتوكلون عليك حق التوكل، يا سامع الدعاء ويا قاضي الحاجات.
  • ربّ، أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلا، أن تغمرني بفيض رحمتك في حياتي، وفي قبري، ويوم العرض عليك، برحمتك التي وسعت كل شيء.
  • يا من وهبتنا النعم بغير حساب، أسألك أن تجعل ذريتي قرة عين لي، وأن تبارك لي في رزقي، وأن تغفر لي زلاتي، وأن تقبل توبتي، وتغسل حوبتي.
  • ربي إنني عبدك الضعيف، أخطأت وأسرفت، وأنا أقر بذنبي، وألجأ إلى رحمتك، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يا أرحم الراحمين.
  • اللهم إنني أستودعك نفسي وأهلي ومن أحب، وأنت خير الحافظين، فارزقنا عوضًا جميلًا عن كل ألم، وامنحنا فرجًا ورحمة من عندك، إنك على كل شيء قدير.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بأدعية من إنشاء المسلم شريطة ألا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو مخالفة شرعية.

أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء

بيّنت السنة النبوية الشريفة أوقاتًا وأحوالًا يكون فيها الدعاء أقرب للإجابة، ويُستحب للمسلم تحرّيها والاجتهاد فيها، ومنها:

  • أثناء السجود في الصلاة: لقوله ﷺ: “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ” (رواه مسلم).
  • بين الأذان والإقامة: لقوله ﷺ: “الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ” (رواه الترمذي، حديث حسن صحيح).
  • في جوف الليل وآخره: خاصة في الثلث الأخير من الليل، للحديث المتفق على صحته في فضل هذا الوقت.
  • ليلة القدر: وهي خير من ألف شهر، والدعاء فيها مرجو القبول.
  • يوم عرفة: لقوله ﷺ: “خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ” (رواه الترمذي، حديث حسن).
  • دعوة المظلوم: لقوله ﷺ: “وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ” (متفق عليه).
  • عند إفطار الصائم: فقد ورد في الحديث: “إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ” (رواه ابن ماجه، وحسنه بعض أهل العلم).
  • دعوة المسافر: لقوله ﷺ: “ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ” (رواه الترمذي، حديث حسن).
  • دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب: لقوله ﷺ: “دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ” (رواه مسلم).

فضل الدعاء وأوقات الاستجابة في الإسلام

فضائل الدعاء في الإسلام

للدعاء مكانة رفيعة في الإسلام وفضائل لا تُحصى، فهو جوهر العبادة ووسيلة لتعزيز الصلة بين العبد وربه، ومن أبرز فضائله:

  • أنه عبادة بحد ذاته: فالدعاء طاعة لله وامتثال لأمره، وينال به المسلم الأجر العظيم.
  • سبب لانشراح الصدر وطمأنينة القلب: فمناجاة الله تعالى تبعث السكينة في النفس، وتُشعر العبد بقرب الله ومعيته.
  • دليل على التوكل على الله: فالمسلم بدعائه يُظهر افتقاره إلى الله، ويُسلم أمره كله إليه، وهذا من أعظم مقامات الإيمان.
  • يدفع البلاء ويرفعه: فالدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب بإذن الله.
  • ينفي صفة الكِبر: فمن يترك الدعاء استكبارًا، فقد عرّض نفسه لغضب الله، قال تعالى:

    “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”

    [غافر: 60].

  • يقوي المحبة بين المؤمنين: خاصة عند الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، فهو ينمي الألفة ويزرع المودة في القلوب.

آداب الدعاء وأسباب القبول

للدعاء آداب ينبغي للمسلم أن يراعيها ليكون دعاؤه أقرب للقبول، ومن أهمها:

  • الإخلاص لله تعالى: بأن يكون القصد من الدعاء وجه الله وحده.
  • حضور القلب واليقين بالإجابة: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله سيستجيب له، لقوله ﷺ: “ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ” (رواه الترمذي).
  • البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي ﷺ: فهذا من أعظم أسباب قبول الدعاء.
  • الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال: فإن الله يحب العبد اللحوح في دعائه.
  • تحري الحلال في المأكل والمشرب: فهو من أهم أسباب استجابة الدعاء.
  • اجتناب الاعتداء في الدعاء: كالدعاء بإثم أو قطيعة رحم، أو طلب ما هو مستحيل عادةً.
  • خفض الصوت والتضرع والخشوع: لقوله تعالى:

    “ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”

    [الأعراف: 55].

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة

ما هو أفضل دعاء يمكن أن أدعو به؟

أفضل الدعاء هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لأنه جامع للمعاني ومبارك، ومن أجمع الأدعية دعاء: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.

هل يجوز أن أدعو باللغة العامية أو بما في قلبي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بلغته وبما يجول في خاطره من حاجات، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في الصدور ويسمع كل اللغات، الأهم هو صدق التوجه وحضور القلب.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة وغير الثابتة؟

البديل الصحيح هو الاكتفاء بالأدعية الواردة في القرآن والسنة، فهي كافية وشاملة لكل خير، كما يمكن للمسلم أن يصوغ دعاءً من عنده بأسلوب مهذب لا يخالف الشرع، يسأل فيه الله حاجته بصدق وإخلاص.

ماذا أفعل إذا دعوت ولم يُستجب لي؟

على المسلم أن يثق بأن الله لا يضيع دعاءه، فإجابة الدعاء تكون على ثلاثة أحوال كما ورد في الحديث: إما أن يُعجّل له دعوته، أو يدّخرها له في الآخرة، أو يصرف عنه من السوء مثلها، لذا، يجب الاستمرار في الدعاء مع حسن الظن بالله.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات