الزواج سُنَّةٌ من سنن الله الكونية، ورزقٌ يسعى إليه الإنسان لتحقيق السكينة والاستقرار، ويُعدُّ الدعاء والتضرّع إلى الله تعالى من أعظم أسباب نيل هذا الرزق المبارك، حيث يلجأ العبد إلى ربه بصدقٍ ويقين، والله سبحانه هو الوهَّاب الكريم الذي لا يرد عبده إذا دعاه بإخلاص، إن الزواج الصالح يُعين العبد على أمور دينه ودنياه، ويحقق المودة والرحمة التي ذكرها الله في كتابه.
أدعية جامعة من القرآن والسنة لتيسير الأمور والزواج
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تحمل كل الخير، ومن هذه الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها بنية تيسير أموره كلها، بما في ذلك الزواج، ما يلي:
- دعاء عباد الرحمن (من القرآن الكريم): وهو من أجمع الأدعية للأسرة الصالحة.
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74]
.
- دعاء نبي الله موسى عليه السلام: دعاء عظيم يناسب من يشعر بالفقر والحاجة إلى فضل الله.
“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ” [القصص: 24]
.
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”
(المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2720).
- دعاء تفريج الكرب وتيسير الأمر:
“يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”
(المصدر: سنن النسائي، حديث حسن).
- دعاء طلب الهدى والعفاف:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”
(المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2721).
صيغ وأدعية شائعة بنية تيسير الزواج
يتداول الناس بعض الصيغ التي يدعون بها بنية قضاء حوائجهم وتيسير أمور الزواج، هذه الأدعية، وإن كانت معانيها حسنة، إلا أنه يجب التنبيه على أنها لم ترد بصيغتها المحددة في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، أَنْ تَرْزُقَنِي زَوْجًا صَالِحًا (أو زَوْجَةً صَالِحَةً) يُعِينُنِي عَلَى أَمْرِ دِينِي وَدُنْيَايَ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.”.
- “رَبِّ، إِنِّي أَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَأَخْشَى عَذَابَكَ، أَسْأَلُكَ بِخَوْفِي مِنْ أَنْ أَقَعَ فِي الْحَرَامِ، وَبِحِفْظِي لِجَوَارِحِي، أَنْ تَرْزُقَنِي الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَأَنْ تُيَسِّرَ لِي زَوْجًا (أو زَوْجَةً) يَكُونُ لِي قُرَّةَ عَيْنٍ.”.
- “يَا مُيَسِّرَ كُلِّ عَسِيرٍ، وَيَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، وَيَا صَاحِبَ كُلِّ فَرِيدٍ، يَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ.”.
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية وشاملة ومباركة، ويمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي لا تخالف الشرع، دون أن ينسبها للسنة أو يعتقد لها فضلاً خاصاً.
أدعية لإصلاح ذات البين بين الزوجين
الزواج ميثاق غليظ يقوم على المودة والرحمة، وعند وقوع الخلاف، يُشرع للزوجين السعي في الإصلاح واتخاذ الأسباب الشرعية لذلك، مع اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، فهو مقلّب القلوب، ومن الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها في هذا السياق:
- “اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.”.
- “اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَ زَوْجِي (أو زَوْجَتِي)، وَسَدِّدْ لِسَانَهُ، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِهِ.”.
- “يَا رَبِّ، يَا مُؤَلِّفَ الْقُلُوبِ، اجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي (أو زَوْجَتِي) عَلَى خَيْرٍ، وَاجْعَلْ بَيْنَنَا مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، وَاصْرِفْ عَنَّا فِتَنَ الشَّيْطَانِ.”.
ما حكم الدعاء للزواج من شخص معين؟
يجوز للمسلم والمسلمة أن يدعو الله تعالى أن ييسر له الزواج من شخص معين يراه مناسبًا، وذلك لأن الدعاء هو طلب الخير من الله في كل الأمور، ولكن الأكمل والأفضل أن يفوّض العبد أمره إلى الله، فيسأله أن يختار له الخير حيث كان، كأن يقول: “اللهم إن كان في زواجي من فلان (أو فلانة) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فيسّره لي وقدّره لي ثم بارك لي فيه، وإن كان فيه شرٌّ لي فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به”، وهذه الصيغة مستوحاة من دعاء الاستخارة، وهو أعظم ما يُستعان به في مثل هذه الأمور.
السمات المثلى للشريك الصالح في الإسلام
حث الإسلام على حسن اختيار الشريك، لأن عليه يقوم بناء الأسرة المسلمة، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أهم المعايير في ذلك:
- الدين والخلق: وهو الأساس الأول والأهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ”
(المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن)، وكذلك بالنسبة للمرأة، قال صلى الله عليه وسلم:
“فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ”
(المصدر: صحيح البخاري 5090، صحيح مسلم 1466).
- حسن المعاشرة: القدرة على التعامل بالمعروف والرحمة واللين، والبعد عن الغضب والفظاظة.
- تحمل المسؤولية: الوعي بمسؤوليات الزواج والأسرة والقدرة على القيام بها، من النفقة والرعاية والتربية.
- الأمانة والصدق: فالزوج الصالح أمين على عرضه وماله، وصادق في وعوده وأقواله.
- العفة وحفظ النفس: الحرص على غض البصر وحفظ الفرج والابتعاد عن كل ما يغضب الله تعالى.
آيات قرآنية عن الزواج والمودة
القرآن الكريم مليء بالآيات التي تبيّن مكانة الزواج وأهميته، ويمكن للمسلم قراءتها وتدبرها بنية طلب الهداية والتيسير:
-
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الروم: 21]
.
-
“وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” [الأنفال: 63]
.
-
“وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ” [القصص: 68]
.
المصادر والمراجع
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة القصص، الآية 24.
- سورة الروم، الآية 21.
- سورة الأنفال، الآية 63.
- سورة القصص، الآية 68.
- صحيح مسلم، حديث رقم 2720، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2721، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن النسائي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية للتحقق من درجة الحديث).
- سنن الترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية للتحقق من درجة الحديث).
- صحيح البخاري، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
- ما هو أفضل دعاء لتيسير الزواج؟
- أفضل الأدعية هي الأدعية الجامعة الواردة في القرآن والسنة، مثل دعاء
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ”
ودعاء
“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”
، والأهم من صيغة الدعاء هو الإخلاص واليقين بالله تعالى.
- هل هناك صلاة معينة لتيسير الزواج؟
- لم يرد في السنة النبوية صلاة مخصصة لتيسير الزواج، ولكن يُشرع للمسلم أن يصلي صلاة الحاجة، وهي ركعتان يدعو بعدهما الله بحاجته، وكذلك صلاة الاستخارة عند الإقدام على خطبة شخص معين.
- ما هي أوقات وأحوال استجابة الدعاء؟
- يُرجى استجابة الدعاء في أوقات وأحوال معينة، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، كما أن دعاء المظلوم والصائم والمسافر لا يُرد.
- هل الدعاء وحده كافٍ للزواج؟
- الدعاء ركن أساسي، ولكن لا بد من الأخذ بالأسباب المشروعة، مثل السعي للبحث عن الشريك المناسب عبر الأهل والمعارف الثقات، وتحسين السيرة والخلق، والاستعداد لتحمل مسؤوليات الزواج.

