اللجوء إلى الله تعالى هو سبيل المؤمن للنجاة والحماية عند الشعور بالخوف أو التعرض للظلم، فالدعاء سلاحٌ عظيمٌ، وملجأٌ آمنٌ من بطش كل ظالمٍ أو متجبرٍ، ويحرص المسلم على الاستعانة بالله في كل أحواله، لا سيما عندما يخشى جور شخصٍ ذي سلطة، فيبحث عن أدعية ثابتة في الكتاب والسنة يستعين بها لرفع الظلم وتحصيل الأمان بعون الله.

أدعية صحيحة من القرآن والسنة عند الخوف من ظالم

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الكفاية والبركة، ومن هذه الأدعية:

1، دعاء عند لقاء العدو أو ذي السلطان

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خاف قومًا قال هذا الدعاء، وهو من أعظم ما يُستعان به على دفع الشرور.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ.

المصدر: سنن أبي داود، وصححه الألباني،
شرح موجز: “نجعلك في نحورهم” أي نجعلك في مواجهتهم لتردّهم عنا وتكفينا شرهم، و”نعوذ بك من شرورهم” أي نلتجئ إليك لتحمينا من أذاهم ومكرهم.

2، دعاء لطلب كفاية الله وحمايته

هذا الدعاء يتضمن تفويض الأمر كله لله، واليقين بأنه سبحانه كافٍ عبده من كل ما يهمه.

اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ.

المصدر: صحيح مسلم.
شرح موجز: دعاء مختصر وجامع، فيه يطلب العبد من ربه أن يكفيه شر أعدائه بالطريقة التي يشاءها سبحانه، فهو توكل مطلق على قدرة الله وحكمته.

3، دعاء نبي الله موسى عليه السلام

عندما خرج نبي الله موسى -عليه السلام- خائفًا من بطش فرعون وقومه، توجه إلى ربه بهذا الدعاء الصادق.

قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

المصدر: سورة القصص، الآية 21.

4، دعاء مأثور عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يدعو بهذا الدعاء إذا دخل على سلطان يخشى بطشه.

اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَأَحْزَابِهِ مِنْ خَلَائِقِكَ، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ يَطْغَى، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.

المصدر: الأدب المفرد للإمام البخاري، وصححه الألباني.
شرح موجز: “كن لي جارًا” أي كن لي حاميًا ومجيرًا، و”أن يفرط علي” أي أن يعجل عليّ بالعقوبة أو الأذى.

صيغ وأدعية عامة يمكن الاستئناس بها

إلى جانب الأدعية المأثورة، يتداول الناس بعض الصيغ العامة التي تحمل معاني طيبة في طلب الحماية والنجاة من الظلم، يمكن الدعاء بمثل هذه الصيغ ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ومن أمثلتها:

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَفَوِّضُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، فَأَنْتَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، يَا رَبِّ، اكْتُبْ لِي الْفَرَجَ بَعْدَ الضِّيقِ، وَالْيُسْرَ بَعْدَ الْعُسْرِ، وَارْفَعْ عَنِّي هَذَا الْبَلَاءَ.
• يَا مَالِكَ الْمُلْكِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ أَنْ تَصْرِفَ عَنِّي ظُلْمَ الظَّالِمِينَ، وَتَكْفِيَنِي شَرَّ مَنْ أَرَادَ بِي سُوءًا، يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ.
• اللَّهُمَّ أَنْتَ حَسْبِي فِي كُلِّ مَنْ ظَلَمَنِي وَأَرَادَ بِي مَكْرُوهًا، اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي، وَمَظْلُومٌ فَانْصُرْنِي، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِي إِلَّا بِكَ يَا مُعِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ.
• لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، اصْرِفْ عَنِّي كَيْدَ الظَّالِمِينَ وَرُدَّهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْنِي فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ.

تنبيه هام حول الأدعية غير المأثورة

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.

الحكم الشرعي في الدعاء بصيغ غير واردة

أجمع العلماء على جواز أن يدعو المسلم ربه بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالمأثور الوارد في القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة، لأنه من كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم.

إن الدعاء هو سلاح المؤمن في الشدائد، وملجأ كل ضعيف في مواجهة الظلم، يرفع الكرب، ويبث في القلب السكينة، ويقوي اليقين بالله، فمن اعتصم بالله كان في أمان، ومن استنصره نال العدل والنصر، فاللهم ارزقنا اليقين في حكمتك، وامنح قلوبنا الصبر والثبات، وردّ لنا حقوقنا بقدرتك وعزتك.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو الدعاء الصحيح عند الخوف من حاكم أو ظالم؟

من أصح الأدعية الواردة في السنة النبوية قول: “اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ” (رواه أبو داود وصححه الألباني)، وقول: “اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ” (رواه مسلم).

هل يجوز أن أدعو الله بأسلوبي الخاص لدفع الظلم؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ وبأسلوبه الخاص، بشرط ألا يحتوي الدعاء على إثم أو اعتداء، لكن يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.

ما هو أفضل وقت للدعاء على الظالم؟

دعوة المظلوم مستجابة ليس بينها وبين الله حجاب، ويمكن الدعاء في كل وقت، وتتحقق الإجابة في أوقات مخصوصة مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند نزول المطر، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر