الدعاء هو العبادة وجوهرها، وهو الصلة المباشرة بين العبد وربه، حيث يتوجه المؤمن إلى الله بقلبه راجيًا رحمته، طالبًا فضله، ومستعيذًا به من كل شر، وقد شرع الله تعالى لعباده هذه العبادة لتكون جسرًا مفتوحًا لا ينقطع، يجد فيه العبد الطمأنينة والسكينة، وليس هناك يومٌ إلا وهو فرصة للتقرب إلى الله، فالمسلم يحرص على اغتنام كل أوقاته بالذكر والدعاء والعمل الصالح، طالبًا من الله خيرَي الدنيا والآخرة.

أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية هي الأكمل والأشمل والأكثر بركة، يمكن للمسلم أن يدعو بها في كل وقت وحين، بما في ذلك يوم السبت وغيره من الأيام.

أدعية من القرآن الكريم

من الأدعية القرآنية الجامعة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها:

• دعاء طلب خيري الدنيا والآخرة:
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  (سورة البقرة، الآية 201).

• دعاء الثبات على الدين:
  

  “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”

  (سورة آل عمران، الآية 8).

أدعية من السنة النبوية الصحيحة

هذه مجموعة من الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تجمع خيري الدنيا والآخرة:

• دعاء سؤال الهدى والتقى: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول:
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”

  (رواه مسلم، حديث صحيح).

• دعاء الثبات على الدين: عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول:
  

  “يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”

  (رواه الترمذي، حديث حسن).

• دعاء الاستعاذة من العجز والكسل: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ”

  (رواه البخاري، حديث صحيح).

• دعاء صلاح الحال كله: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”

  (رواه مسلم، حديث صحيح).

دعاء منسوب للإمام زين العابدين

ينتشر بين الناس دعاء يُنسب للإمام زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله، ويُقرأ في يوم السبت، وهو مذكور في بعض الكتب ككتاب “مفاتيح الجنان”، ومن صيغته المتداولة:

• “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، بِسْمِ اللهِ كَلِمَةِ الْمُعْتَصِمِينَ، وَمَقالَةِ الْمُتَحَرِّزِينَ، وَأَعُوذُ بِاللهِ تَعالى مِنْ جَوْرِ الْجائِرِينَ، وَكَيْدِ الْحاسِدِينَ، وَبَغْيِ الظَّالِمِينَ، وَأَحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدِينَ.”.
• “اللّهُمَّ أَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَرِيكٍ، وَالْمَلِكُ بِلا تَمْلِيكٍ، لا تُضادُّ فِي حُكْمِكَ، وَلا تُنازَعُ فِي مُلْكِكَ.”.
• “أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَنْ تُوزِعَنِي مِنْ شُكْرِ نُعْماكَ ما تَبْلُغُ بِي غايَةَ رِضاكَ، وَأَنْ تُعِينَنِي عَلى طاعَتِكَ وَلُزُومِ عِبادَتِكَ وَاسْتِحْقاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنايَتِكَ.”.
• “وَتَرْحَمَنِي بِصَدِّي عَنْ مَعاصِيكَ ما أَحْيَيْتَنِي، وَتُوَفِّقَنِي لِما يَنْفَعُنِي ما أَبْقَيْتَنِي، وَأَنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْرِي، وَتَحُطَّ بِتَلاوَتِهِ وِزْرِي.”.
• “وَتَمْنَحَنِي السَّلامَةَ فِي دِينِي وَنَفْسِي، وَلا تُوحِشَ بِي أَهْلَ أُنْسِي، وَتُتِمَّ إِحْسانَكَ فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي كَما أَحْسَنْتَ فِيما مَضى مِنْهُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.”.

تنبيه هام: هذه الصيغة هي مما يتداوله بعض الناس، وهي منقولة في كتب ومصادر متأخرة، والدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة، ومع أن معاني هذا الدعاء في مجملها حسنة، إلا أن تخصيص يوم السبت به لم يثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه.

ما حكم تخصيص يوم السبت بدعاء معين؟

لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة ما يدل على تخصيص يوم السبت بعبادة معينة أو دعاء خاص به، كما هو الحال مع فضائل يوم الجمعة أو صيام الاثنين والخميس، وعليه، فإن تخصيص هذا اليوم بدعاء محدد على سبيل التعبد والاعتقاد بفضيلة خاصة له يُعد من الأمور المحدثة التي ينبغي تجنبها، والأولى للمسلم أن يدعو بالأدعية الثابتة من القرآن والسنة في كل وقت، فهي الخير والبركة.

أمثلة على صيغ الدعاء العامة (لطلب الرزق والحاجة)

يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، ما لم يعتقد أن لها فضلاً خاصاً أو أنها من السنة، هذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها في أي وقت:

• “اللَّهُمَّ يا مُيَسِّر كُلَّ عسير، ويا جابر كُلَّ كسير، ويا مُغني كُلَّ فقير، نسألك التيسير في كل أمورنا، والرزق الحلال الواسع، وصلاح الحال.”.
• “يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتكَ أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.”.
• “اللَّهُمَّ ارزقنا قلوبًا خاشعة، وألسنة ذاكرة، وأعينًا دامعة من خشيتك، اللَّهُمَّ إنا نسألك رزقًا طيبًا، وعلمًا نافعًا، وعملًا متقبلًا.”.
• “يا ذا الجلال والإكرام، نسألك أن ترزق قلوبنا الثبات على دينك، وأن تحفظنا من الزلل، وأن تجعل لنا ذريةً صالحةً تكون قرة عين لنا.”.
• “رَبِّ إنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.”.

نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الدعاء والأعمال، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

هل هناك دعاء خاص بيوم السبت ثابت عن النبي؟

لا، لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة أي دعاء مخصص ليوم السبت، والأفضل هو الدعاء بالأدعية العامة من القرآن والسنة في كل الأوقات.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟

البديل الصحيح والأفضل هو الحرص على الأدعية الواردة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، مثل أدعية “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، و “اللهم إني أسألك الهدى والتقى…”، فهي أدعية جامعة ومباركة وثابتة المصدر.

ما هي أفضل أوقات الدعاء؟

هناك أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، ولكن يمكن للمسلم الدعاء في أي وقت وحين.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر