يوم عاشوراء هو يوم مبارك له مكانة عظيمة في الإسلام، فهو اليوم الذي نجّى الله فيه نبيه موسى -عليه السلام- وقومه من فرعون وجنوده، استشعاراً لهذه النعمة، يُستحب للمسلمين إحياء هذا اليوم بالطاعات التي ثبتت في الشريعة، وعلى رأسها الصيام، مع الإكثار من الدعاء والذكر والتقرب إلى الله تعالى، يهدف هذا المقال إلى تقديم الأدعية الصحيحة والمأثورة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في هذا اليوم الفضيل، مع توضيح المصادر الشرعية والابتعاد عن كل ما لم يثبت بدليل صحيح.
الأعمال المستحبة في يوم عاشوراء كما ورد في السنة
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاءٌ مخصوصٌ بيوم عاشوراء بصيغة محددة، وإنما الثابت هو فضل صيامه، فالدعاء في هذا اليوم وغيره من الأوقات الفاضلة يكون مفتوحاً للمسلم، يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، العمل الأساسي المستحب هو الصيام، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عاشوراء فقال:
“يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 1162.
لذا، فإن أعظم ما يتقرب به العبد في هذا اليوم هو الصيام اتباعاً للسنة، مع الإكثار من الدعاء العام، والذكر، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
أدعية قرآنية ونبوية عامة يُستحب الدعاء بها
يمكن للمسلم أن يدعو في يوم عاشوراء وغيره من الأيام المباركة بالأدعية الجامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي خير ما يُدعى به، ومن أمثلتها:
- دعاء جامع من القرآن:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[سورة البقرة: 201].
- دعاء الكرب والهم:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”
(صحيح البخاري، حديث رقم 6369).
- دعاء طلب العفو والعافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…”
(حديث صحيح، سنن أبي داود، حديث رقم 5074).
- دعاء نبي الله موسى عند الحاجة والافتقار: وهو مناسب لاستحضار معنى النجاة واللجوء إلى الله في هذا اليوم:
“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”
[سورة القصص: 24].
صيغ وأدعية عامة شائعة ليوم عاشوراء
تنتشر بين الناس بعض الصيغ الدعائية التي يربطونها بيوم عاشوراء، هذه الأدعية تتضمن معانٍ طيبة وجوامع للخير، ويمكن الدعاء بها في أي وقت كدعاء عام، ولكن لا يجوز تخصيصها بيوم عاشوراء أو اعتقاد أن لها فضلاً خاصاً في هذا اليوم لعدم ورود دليل على ذلك.
- اللَّهُمَّ في هَذا اليَومِ المُبَارَكِ، الَّذِي نَجَّيْتَ فِيهِ عَبْدَكَ مُوسَى وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنَا مِنَ الهَمِّ وَالغَمِّ، وَتُبَدِّلَ حَالَنَا إِلَى فَرَجٍ وَسَعَةٍ، وَتَحْفَظَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَبَلاءٍ.
- يَا الله، اجْعَلْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ بِدَايَةَ خَيْرٍ وَصَفْحَةٍ جَدِيدَةٍ، اغْفِرْ فِيهِ زَلَّاتِنَا، وَاسْتُرْ عُيُوبَنَا، وَعَافِ كُلَّ مَرِيضٍ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا، وَحَقِّقْ لَنَا مَا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا.
- اللَّهُمَّ يَا مُيَسِّرَ كُلِّ عَسِيرٍ، وَيَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَأَنْ تَقْضِيَ حَوَائِجَنَا وَتُيَسِّرَ أُمُورَنَا يَا كَرِيمُ.
تنبيه وإخلاء مسؤولية بخصوص الأدعية الشائعة
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أنها خاصة بيوم عاشوراء، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة، ويجوز الدعاء بأدعية عامة ذات معانٍ صحيحة في أي وقت دون تخصيصها بزمان أو مكان لم يرد به دليل.
ما حكم تخصيص يوم عاشوراء بدعاء معين؟
أجمع أهل العلم على أنه لم يرد في السنة النبوية الصحيحة دعاءٌ مخصصٌ ليوم عاشوراء، وعليه، فإن تخصيص هذا اليوم بدعاء معين واعتقاد أن له فضيلة خاصة يعد من الأمور المحدثة التي لا أصل لها في الشرع.
المشروع في هذا اليوم هو صيامه، والإكثار من الدعاء بشكل عام دون تحديد صيغة معينة، تماماً كما يُستحب الدعاء في سائر الأوقات الفاضلة (مثل الثلث الأخير من الليل، أو أثناء السجود، أو في يوم عرفة).
دعاء المظلوم في يوم عاشوراء
يوم عاشوراء هو يوم نصرة الحق على الباطل، حيث نصَرَ الله نبيه موسى -عليه السلام- وهو مستضعف على فرعون وهو في قمة طغيانه، لذلك، يجد المظلوم في هذا اليوم مناسبة عظيمة للتوجه إلى الله بقلب منكسر، راجياً النصرة والفرج، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب في كل وقت، ويزداد الرجاء في أوقات الإجابة كيوم عاشوراء.
يمكن للمظلوم أن يدعو بما يلي وبغيره من الأدعية الصحيحة:
- “رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ” [سورة العنكبوت: 30].
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟…” (من الدعاء المأثور في قصة الطائف، وإن كان في سنده مقال إلا أن معناه صحيح ويجوز الدعاء به).
- “يَا رَبِّ، كَمَا نَصَرْتَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَخُذْ لِي بِحَقِّي عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ، وَأَرِنِي فِيهِ عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة العنكبوت، الآية 30.
- سورة القصص، الآية 24.
- صحيح مسلم، حديث رقم 1162، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5074، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل عمل في يوم عاشوراء؟
أفضل عمل هو صيامه، وصيام يوم قبله (تاسوعاء) مخالفةً لليهود، وقد ثبت فضل صيامه في السنة الصحيحة بأنه “يكفر السنة الماضية”.
هل هناك دعاء صحيح مخصص ليوم عاشوراء؟
لا، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أي دعاء مخصص بصيغة معينة ليوم عاشوراء، ويُشرع للمسلم الدعاء بما يشاء من الأدعية العامة من القرآن والسنة.
هل الدعاء مستجاب في يوم عاشوراء؟
يوم عاشوراء من الأيام الفاضلة التي يُرجى فيها قبول الدعاء، لا سيما للصائم، ولكن لم يرد دليل يخصه باستجابة مؤكدة كما ورد في أوقات أخرى كساعة يوم الجمعة، إلا أن اجتماع شرف الزمان مع فضل عبادة الصيام يجعله وقتاً عظيماً للتوجه إلى الله.
