يوم عرفة هو أحد أعظم أيام الله، وله مكانة جليلة في الإسلام، يُستحب صيامه لغير الحاج، حيث ورد عن النبي ﷺ فضل صيامه، فقد سُئل عن صوم يوم عرفة فقال:

“يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ”

(رواه مسلم)، الدعاء في هذا اليوم من أفضل القربات، إذ يجمع شرف الزمان وعظيم بركته.

خير الدعاء يوم عرفة: الدعاء المأثور عن النبي ﷺ

ورد في السنة النبوية الشريفة دعاءٌ محدد هو خير ما يُقال في هذا اليوم المبارك، وهو دعاء جامع للتوحيد والثناء على الله تعالى.

• عن النبي ﷺ أنه قال:
  

  “خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”

  (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

أدعية من القرآن الكريم يُستحب الدعاء بها يوم عرفة

القرآن الكريم مليء بالأدعية الجامعة التي دعا بها الأنبياء والصالحون، ويُستحب للمسلم أن يلهج بها في يوم عرفة، راجياً من الله القبول والإجابة، إليك باقة من هذه الأدعية القرآنية المباركة:

• “رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”

  [البقرة: 127].

• “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  [البقرة: 201].

• “رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”

  [البقرة: 250].

• “رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا”

  [البقرة: 286].

• “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”

  [آل عمران: 8].

• “رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  [آل عمران: 16].

• “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”

  [آل عمران: 38].

• “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”

  [آل عمران: 147].

• “رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ”

  [آل عمران: 193].

• “رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”

  [الأعراف: 23].

• “أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖ وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ”

  [الأعراف: 155].

• “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”

  [الأعراف: 151].

• “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ”

  [إبراهيم: 40].

• “رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ”

  [إبراهيم: 41].

• “رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي”

  [طه: 25-28].

• “رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا”

  [طه: 114].

• “أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”

  [الأنبياء: 83].

• “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”

  [الأنبياء: 87].

• “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”

  [الأنبياء: 89].

صيغ وأدعية عامة يمكن الدعاء بها

باب الدعاء واسع، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها في الدعاء:

• اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الطَّائِعِينَ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَانْقُلْنِي مِنْ ظُلْمَةِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى نُورِ الطَّاعَةِ، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي، وَاجْعَلْ غِنَاكَ يُغْنِينِي عَنْ كُلِّ خَلْقِكَ، وَأَنِرْ قَلْبِي بِالْإِيمَانِ، وَقَبْرِي بِالرَّحْمَةِ.
• يَا مَنْ تُزِيلُ الْعَثَرَاتِ وَتَقْضِي الْحَاجَاتِ، اقْضِ حَاجَتِي وَفَرِّجْ هَمِّي وَكَرْبِي، وَارْزُقْنِي رِزْقًا طَيِّبًا مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ، اللَّهُمَّ سَخِّرْ لِي الْأَرْزَاقَ وَبَارِكْ لِي فِيهَا، وَاحْفَظْنِي مِنَ التَّعَلُّقِ بِمَا لَيْسَ لِي، وَقِنِي الْهَمَّ، وَأَغْنِنِي عَنْ سُؤَالِ غَيْرِكَ، يَا رَبِّ ارْزُقْنِي رِزْقًا وَاسِعًا حَلَالًا طَيِّبًا وَبَارِكْ لِي فِيهِ.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهُمُومِ وَالذُّنُوبِ، وَأَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَكْرِمْنِي بِسِتْرِكَ وَعَفْوِكَ، وَاحْفَظْنِي وَأَهْلِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عُيُوبِي وَعَافِنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

أمثلة على صيغ دعاء منتشرة

تنتشر بين الناس بعض الصيغ الدعائية التي قد تكون مستوحاة من معاني القرآن الكريم ولكنها ليست نصوصًا قرآنية، من أمثلة ذلك:

• “ربنا آمنا بك وبما أنزلت فاغفر لنا ذنوبنا وارحمنا فإنك أرحم الراحمين.”.
• “ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غرامًا إنها ساءت مستقرًا ومقامًا.”.
• “اللهم ارزقنا من أزواجنا وذرياتنا ما تقر به أعيننا وأدم علينا السكينة واجعلنا قدوة لمن اتقى.”.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت كنصوص من القرآن أو السنة بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بما يفتح الله به على عبده من الأدعية الطيبة.

مكانة يوم عرفة وفضله العظيم

يوم عرفة من أفضل أيام السنة، وهو فرصة لكل مسلم يرغب في التقرب إلى الله وطلب مغفرته ورحمته، ومن أبرز فضائله الثابتة في السنة الصحيحة:

العتق من النار

• في يوم عرفة يُعتِق الله سبحانه وتعالى أعدادًا كبيرة من عباده من النار، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟”

  (رواه مسلم).

مغفرة الذنوب لصائمه

• من كرم الله على عباده أنه يغفر ذنوب سنتين لمن صام يوم عرفة إخلاصًا واحتسابًا، كما ثبت في الحديث:
  

  “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ”

  (رواه مسلم).

مباهاة الله بأهل الموقف

• يُباهِي الله عز وجل بأهل عرفات ملائكته، خاصة الحجاج الذين جاؤوا من كل مكان بقلوب صادقة يرجون رضاه، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي هَؤُلَاءِ جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا”

  (رواه أحمد وصححه الألباني).

الدلالات الروحية ليوم عرفة

يوم عرفة يوم مبارك يحمل دلالات روحانية عميقة تبرز قيمته ومكانته، ومن هذه المعاني الجليلة:

• إكمال الدين وإتمام النعمة: في هذا اليوم نزلت الآية الكريمة التي تعلن اكتمال رسالة الإسلام:
  

  “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”

  [المائدة: 3].

• يوم القسم الإلهي: أقسم الله سبحانه وتعالى به في كتابه، مما يعكس شرفه وعظمته، حيث يُعتقد أنه “الوتر” المذكور في قوله تعالى:
  

  “وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ”

  [الفجر: 3].

• يوم إجابة الدعاء: يفتح الله أبواب رحمته، ويَعظم رجاء استجابة الدعاء في هذا اليوم الذي تُرفع فيه الأيدي بإلحاح وسؤال.
• مضاعفة أجر الأعمال الصالحة: يعظم أجر الطاعات والعبادات التي تؤدى بصدق وإخلاص في هذا اليوم.
• تذكير بيوم القيامة: يحمل مشهد الوقوف بعرفة تذكيرًا بيوم الحشر، حين يقف الناس جميعًا بين يدي الله للحساب.
• رمز الوحدة والمساواة: يجتمع المسلمون على صعيد واحد بلا تمييز، فلا فرق بين غني وفقير، فالتقوى هي الميزان عند الله.

الأعمال المستحبة في يوم عرفة

يُستحب للمسلم أن يكثر من الأعمال الصالحة في هذا اليوم الفضيل لنيل المغفرة والرحمة، ومن أهمها:

• الإكثار من الدعاء: الإلحاح في الدعاء والتضرع إلى الله، فهو يوم تُرجى فيه الإجابة.
• الذكر والتكبير: الاجتهاد في ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، خاصة قول “لا إله إلا الله وحده لا شريك له…”.
• الاستغفار والتوبة: الإقبال على الاستغفار والتوبة الصادقة، فهي فرصة لمحو الذنوب.
• قراءة القرآن: الإقبال على تلاوة كتاب الله وتدبر معانيه.
• الأعمال الصالحة: الحرص على الصدقة وصلة الرحم والإحسان إلى الناس، فالأجور فيه مضاعفة.
• الصيام لغير الحاج: وهو من أفضل الأعمال التي تكفر الذنوب وترفع الدرجات.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول يوم عرفة

ما هو أفضل دعاء في يوم عرفة؟
أفضل الدعاء هو ما ورد عن النبي ﷺ: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

هل يجوز الدعاء بأدعية غير واردة في القرآن والسنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، والأفضل الجمع بين الأدعية المأثورة والدعاء بحاجات النفس الخاصة.

ما حكم صيام يوم عرفة؟
صيام يوم عرفة سنة مؤكدة لغير الحاج، ويكفر ذنوب سنتين: السنة التي قبله والسنة التي بعده، أما الحاج الواقف بعرفة، فلا يُسن له الصيام ليتقوى على الدعاء والذكر.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر