يستعد المسلمون لاستقبال شهر رمضان المبارك، وتُعد الأيام الأخيرة من شهر شعبان فرصة ثمينة للتهيئة الإيمانية والروحية، من خلال الإكثار من العبادة والدعاء العام، وطلب العون من الله تعالى على إدراك الشهر الفضيل وحسن صيامه وقيامه، نستعرض هنا الأدعية الصحيحة والمأثورة، ونوضح حكم ما انتشر بين الناس من أدعية مخصصة لهذه الأيام.
أدعية صحيحة ومأثورة لاستقبال رمضان
الأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي خير الهدي وأجمع الأدعية للخير، ومن ذلك:
1، دعاء رؤية الهلال
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى الهلال (سواء هلال رمضان أو غيره) يدعو بدعاء جامع، وهو من أفضل ما يُستقبل به الشهر الجديد.
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ:
“اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ”.
المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن.
شرح موجز: دعاء عظيم يسأل فيه المسلمُ اللهَ أن يجعل هذا الشهر شهر بركة وإيمان وسلامة وإسلام.
2، الأدعية الجامعة من القرآن الكريم
يمكن للمسلم أن يدعو بالأدعية القرآنية الجامعة التي تسأل الله خيري الدنيا والآخرة، وهي مناسبة في كل وقت وحين، بما في ذلك أواخر شعبان.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”.
المصدر: سورة آل عمران، الآية 8.
صيغ دعاء شائعة تُقال في أواخر شعبان
تنتشر بين بعض الناس صيغ أدعية يدعون بها في أواخر شعبان، نوردها هنا للعلم بها، مع تنبيه مهم يتبعها.
- اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا تَبَقَّى مِنْ شَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ، وَأَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ بِقُلُوبٍ مُخْلِصَةٍ وَنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ.
- يَا رَبِّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ وَنَحْنُ وَمَنْ نُحِبُّ فِي صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ، لَا فَاقِدِينَ وَلَا مَفْقُودِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا مَا مَضَى وَأَعْتِقْ رِقَابَنَا مِنَ النِّيرَانِ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَا تَبَقَّى مِنْ أَيَّامِ شَعْبَانَ جَابِرَةً لِلْقُلُوبِ، سَاتِرَةً لِلْعُيُوبِ، مَاحِيَةً لِلذُّنُوبِ، مُفَرِّجَةً لِلْكُرُوبِ.
- اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي قَلْبِي رِيبَةٌ أَوْ شَكٌّ أَوْ قُنُوطٌ أَوْ غَفْلَةٌ، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللهُ أَنْ تُطَهِّرَ قَلْبِي وَتُبَدِّلَهُ بِإِيمَانٍ صَادِقٍ بِوَعْدِكَ وَحُسْنِ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ.
- إِلَهِي أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، تَعْفُو عَمَّنْ أَذْنَبَ، فَبِعَفْوِكَ وَجُودِكَ لَا تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِنَا، وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا، وَأَفِضْ عَلَيْنَا بِوَاسِعِ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
تنبيه هام وحكم تخصيص آخر شعبان بدعاء معين
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء مخصص لآخر ليلة من شعبان أو لأيامه الأخيرة على وجه الخصوص. إن تخصيص وقت معين بعبادة معينة (كدعاء محدد) لم يرد به دليل شرعي يُعد من الأمور المحدثة التي ينبغي تجنبها.
أما الصيغ المذكورة أعلاه، فمعانيها صحيحة في مجملها، ويمكن الدعاء بها وبغيرها من الأدعية الطيبة في أي وقت من الأوقات على سبيل الدعاء العام، دون تخصيصها بوقت محدد أو اعتقاد فضل خاص لها في هذا التوقيت، الدعاء عبادة عظيمة بابها مفتوح في كل حين، والأفضل دائمًا هو لزوم ما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، ففيه الكفاية والبركة.
مكانة شهر شعبان وأهم العبادات المشروعة فيه
لشهر شعبان منزلة عظيمة في الإسلام، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فضله وحث على اغتنامه، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ:
“ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ”.
المصدر: سنن النسائي، حديث حسن.
وهذا الحديث أصل في بيان فضل هذا الشهر وأهمية الاجتهاد فيه بالطاعة.
أهم العبادات المستحبة في شعبان
يُستحب للمسلم أن يكثر من الطاعات في هذا الشهر استعدادًا لرمضان، ومن أفضلها:
- الصيام: اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولتهيئة النفس على صيام رمضان.
- قراءة القرآن الكريم: لتعويد اللسان والقلب على كلام الله قبل شهر القرآن.
- التوبة النصوح: الإقلاع عن الذنوب والمعاصي والعزم على عدم العودة إليها، للدخول إلى رمضان بقلب سليم.
- الدعاء العام: الإكثار من الدعاء بأن يبلغنا الله رمضان ويعيننا على طاعته.
- الذكر والاستغفار: فبها تطمئن القلوب وتُغفر الذنوب.
يُعدُّ شهر شعبان فرصةً عظيمةً للاستعداد لشهر رمضان بالطاعات وفعل الخيرات، فاحرصوا على اغتنامه بأفضل الأعمال، ونسأل الله أن يكتب لنا جميعًا القبول والمغفرة والرحمة.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا رأى الهلال، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن النسائي، كتاب الصيام، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
هل هناك دعاء مخصص لآخر ليلة من شعبان؟
لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام دعاء مخصص لهذه الليلة، وتخصيصها بدعاء معين باعتقاد أن له فضلاً خاصاً يُعد من البدع المحدثة، ولكن الدعاء بشكل عام مشروع في كل وقت.
ما هو أفضل دعاء عند رؤية هلال رمضان؟
أفضل ما يُقال هو الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّ وَرَبُّكَ اللَّهُ”.
ما هي الأعمال المستحبة في أواخر شعبان؟
يُستحب للمسلم أن يجتهد في العبادات العامة التي كان يواظب عليها في شعبان، مثل الصيام (لمن لم يكن له عادة الصيام فلا يصم آخر يوم أو يومين)، وقراءة القرآن، والذكر، والاستغفار، والتوبة، استعدادًا لشهر رمضان.


