يشعر المسلم بروحانية شهر رمضان المبارك عند إخلاصه في العبادات وحرصه على استثمار أوقاته في الطاعات، ومن أعظم هذه العبادات قيام الليل، المتمثل في صلاة التراويح، حيث يقف العبد بين يدي ربه متضرعًا ومناجيًا، ويُستحب للمصلي أن يكثر من الدعاء في صلاته، طالبًا من الله تعالى القبول والمغفرة والعتق من النيران.
أدعية ثابتة في صلاة التراويح من السنة النبوية
وردت عن النبي ﷺ أدعية صحيحة تُقال في مواضع محددة من الصلاة، ومنها صلاة التراويح، وهي أفضل ما يدعو به المسلم لثبوتها وصحتها.
- دعاء الاستفتاح في الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ كان يسكت بين التكبير والقراءة، فسأله عن ذلك، فقال:
“اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِن خَطَايَايَ كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِن خَطَايَايَ بالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ.”
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 744؛ صحيح مسلم، حديث رقم 598).
- الدعاء في الركوع والسجود: عن عائشة رضي الله عنها قالت، كان النبي ﷺ يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:
“سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي.”
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 794؛ صحيح مسلم، حديث رقم 484).
- الدعاء بين السجدتين: عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ كان يقول بين السجدتين:
“اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي.”
(المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 284، وقال: حديث حسن غريب، وصححه الألباني).
- دعاء القنوت في الوتر: وهو من أشهر الأدعية التي تُقال في ختام صلاة التراويح، وقد علّمه النبي ﷺ للحسن بن علي رضي الله عنهما:
“اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ.”
(المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 1425، وصححه الألباني).

أدعية من القرآن الكريم
القرآن الكريم هو كلام الله، والدعاء بآياته من أعظم القربات، وهذه بعض الأدعية القرآنية الجامعة التي يُستحب الدعاء بها في كل وقت، وخاصة في مواطن الإجابة كالسجود في صلاة التراويح.
-
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”
(سورة البقرة، الآية: 201).
-
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.”
(سورة آل عمران، الآية: 8).
-
“رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ.”
(سورة إبراهيم، الآيتان: 40-41).
أمثلة على أدعية عامة ومنتشرة
هذه مجموعة من الصيغ الدعائية العامة التي يتداولها الناس ويُدعى بها في صلاة التراويح وغيرها، وهي تتضمن معاني طيبة في طلب الخير من الله تعالى.
- اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.
- اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنَا، وَبِكَ آمَنَّا، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَبِكَ خَاصَمْنَا، وَإِلَيْكَ حَاكَمْنَا، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، وَمَا أَسْرَرْنَا وَمَا أَعْلَنَّا، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.
- يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ.
- رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
- اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَتَيِ الْحَقِّ وَالدِّينِ.
- اللَّهُمَّ كُنْ عَوْنًا لِإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا صَلَاةً فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى قَبْلَ الْمَمَاتِ.
- اللَّهُمَّ يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، ارْحَمْنَا رَحْمَةً تُغْنِينَا بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ.
- اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَاجْعَلْ قُبُورَهُمْ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ.
- اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا.
- اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ.
تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس وتشتمل على معانٍ حسنة، ولكن الكثير منها لم يثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الصياغة المحددة، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، مع جواز الدعاء بما يفتح الله به على العبد من الخير ما لم يكن فيه اعتداء.
نص دعاء صلاة التراويح بصيغة PDF
أثر الدعاء في حياة المسلم
للدعاء أثر بالغ في حياة المسلم، فهو العبادة التي تُعزز الصلة بين العبد وربه، وتجسد افتقار الإنسان إلى خالقه وتوكله عليه في جميع شؤونه، والمواظبة على الدعاء بقلب حاضر من أسباب:
- التوفيق والسداد: فمن لازم الدعاء بصدق وإخلاص، وفقه الله في أموره وفتح له أبواب الخير.
- تفريج الكروب: الدعاء من أعظم أسباب كشف الهموم وتيسير الأمور وزوال الشدائد.
- تحقيق النصر والغلبة: كان الدعاء سلاح الأنبياء والمؤمنين، فبه استنصروا على أعدائهم وبه تحققت لهم الغلبة.
- طمأنينة القلب: مناجاة الله تعالى تورث القلب سكينة وراحة، وتملؤه ثقة ويقينًا بالله عز وجل.

آداب الدعاء وشروط استجابته
للدعاء آداب يُرجى بها القبول، وينبغي للمسلم أن يتحراها ليكون دعاؤه أقرب للإجابة، ومن أهمها:
- الإخلاص لله تعالى: أن يقصد الداعي بدعائه وجه الله وحده.
- البدء بالحمد والثناء على الله والصلاة على نبيه: يُستحب افتتاح الدعاء وختمه بذلك.
- اليقين بالإجابة وحضور القلب: أن يدعو وهو موقن بأن الله سيستجيب له، غير غافل أو لاهٍ.
- الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء وعدم استعجال الإجابة من الآداب العظيمة.
- تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند الإفطار في رمضان.
- أكل الحلال: فإن أكل الحرام من موانع إجابة الدعاء.
- استقبال القبلة ورفع اليدين: وهما من آداب الدعاء المستحبة.
عدد ركعات صلاة التراويح وحكمها
صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، سنّها لأمته في شهر رمضان، وقد ثبت فضله العظيم في قوله ﷺ:
“مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.”
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 37؛ صحيح مسلم، حديث رقم 759)
أما عن عدد ركعاتها، فالأمر فيه سعة، الثابت من فعل النبي ﷺ أنه لم يزد في قيام الليل، لا في رمضان ولا في غيره، على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، ولكن صلى الصحابة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عشرين ركعة، واستمر العمل على ذلك في كثير من بلاد المسلمين، والخلاصة أن الزيادة على إحدى عشرة ركعة جائزة، ولا حرج في صلاتها عشرين ركعة ثم الوتر بثلاث، فالأهم هو أداء الصلاة بخشوع وطمأنينة.

كيفية أداء صلاة التراويح في المنزل
صلاة التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويجوز أداؤها في المنزل لمن لم يتمكن من صلاتها في المسجد، وله أجرها بإذن الله، وطريقتها كالتالي:
- تُصلى بعد أداء فريضة العشاء وسنتها الراتبة.
- تُصلى ركعتين ركعتين، يقرأ المصلي في كل ركعة الفاتحة وما تيسر من القرآن.
- يمكن للمصلي أن يقرأ من المصحف مباشرة إذا لم يكن حافظًا.
- بعد إتمام العدد الذي يريده من الركعات (ثماني ركعات أو عشرين أو غيرها)، يختم صلاته بالوتر، وهو ركعة واحدة، أو ثلاث ركعات، أو أكثر.
- يُكثر من الدعاء في سجوده وفي وتره بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- سورة إبراهيم، الآيتان 40-41.
- صحيح البخاري، حديث رقم 37، 744، 794، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 484، 598، 759، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 284، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 1425، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو حكم صلاة التراويح؟
صلاة التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء في شهر رمضان، وليست واجبة.
هل هناك عدد محدد لركعات صلاة التراويح؟
الأمر فيه سعة، والأفضل هو ما فعله النبي ﷺ وهو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، وتجوز الزيادة على ذلك كما فعل الصحابة، فالأهم هو الخشوع والطمأنينة.
هل يجوز صلاة التراويح في البيت؟
نعم، يجوز أداؤها في البيت، وصلاتها في المسجد مع الجماعة أفضل لمن استطاع.
ما هي أفضل الأدعية التي تقال في صلاة التراويح؟
أفضل الأدعية هي ما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء الاستفتاح، والأدعية في الركوع والسجود، ودعاء القنوت، والأدعية القرآنية الجامعة.