كلمة الحمد لله دائما وابداً بالتشكيل مزخرفة

إنَّ حمد الله تعالى وشكره والثناء عليه بما هو أهله من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، فقول “الحمدُ للهِ” ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو إقرارٌ بفضل الله، واعترافٌ بنعمه الظاهرة والباطنة، وشعورٌ بالامتنان يملأ قلب المؤمن في السراء والضراء، فالمؤمن الحق هو الذي يلهج لسانه بذكر ربه، حامدًا شاكرًا في كل أحواله، إيمانًا منه بأنَّ كل ما يأتي من الله فهو خير، وبذلك ينال رضا الله والفوز بجنته.

ويدرك المسلم أن ذكر الله هو الحصن المنيع الذي يحميه من وساوس الشيطان ومكائده، فالقلب العامر بذكر الله وحمده يكون أكثر ثباتًا ويقينًا، وأبعد عن الغفلة التي هي مدخل الشيطان إلى النفس، لذا، فإن المداومة على الحمد والشكر ليست فقط شكرًا على النعم، بل هي عبادةٌ مستمرةٌ تقوي الإيمان وتصقل القلب وتزيد العبد قربًا من خالقه.

فضل الحمد ومكانته في الإسلام

لقد ورد في فضل الحمد والثناء على الله تعالى نصوصٌ كثيرةٌ من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مما يدل على عظيم مكانة هذه العبادة، فالله سبحانه وتعالى افتتح بها كتابه الكريم، وجعلها خاتمة دعاء أهل الجنة.

  • افتتاحية القرآن الكريم: أول آية في المصحف بعد البسملة هي قول الله تعالى:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”

    [الفاتحة: 2].

  • أحب الكلام إلى الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    “أَحَبُّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ”

    (صحيح مسلم).

  • تملأ الميزان: وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عظيم أجرها فقال:

    “الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآَنِ -أَوْ تَمْلأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ”

    (صحيح مسلم).

صيغ الحمد الثابتة في القرآن والسنة

الأصل في العبادات هو الاتباع، وأفضل صيغ الحمد والشكر هي تلك التي وردت في كتاب الله تعالى أو صحت عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة للمعاني العظيمة ومباركة، ومن هذه الصيغ:

1، من القرآن الكريم:

  • قوله تعالى في افتتاحية كتابه:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”

    [الفاتحة: 2].

  • دعاء أهل الجنة:

    “وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”

    [يونس: 10].

2، من السنة النبوية الصحيحة:

  • عند الاستيقاظ من النوم:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”

    (صحيح البخاري).

  • بعد الأكل والشرب:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ”

    (حديث حسن، سنن الترمذي).

  • عند رؤية ما يُسر به: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ”

    (حديث حسن، سنن ابن ماجه).

  • عند رؤية ما يكره: كان يقول صلى الله عليه وسلم:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ”

    (حديث حسن، سنن ابن ماجه).

عبارة الحمد لله دائماً وأبداً مكتوبة بخط جميل

صيغ عامة شائعة في حمد الله وشكره

يتداول الناس بعض الصيغ الحسنة التي تعبر عن معاني الشكر والثناء على الله، وهي وإن لم ترد بلفظها في السنة، إلا أن معناها صحيح وجيد، ومن أمثلة ذلك:

  • الحَمْدُ للهِ دائمًا وأبدًا، على ما نحنُ فيهِ من حالٍ وأقدارٍ كتبها الله لنا، حمدًا طيبًا مباركًا فيه.
  • الحَمْدُ للهِ على ما مضى، والحَمْدُ للهِ على ما نحنُ فيه، والحَمْدُ للهِ على ما هو آتٍ، الحَمْدُ للهِ على كل حالٍ وفي كل حين.
  • اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ كما ينبغي لجلالِ وجهكَ وعظيمِ سُلطانك.
  • الحَمْدُ للهِ على نِعمٍ لا تُحصى ولا تُعد، الحَمْدُ للهِ على سترهِ وكرمهِ ولطفهِ الذي لا ينقطع.
  • ربَّنا لكَ الحَمْدُ والشُكر ملءَ السماواتِ والأرضِ وملءَ ما بينهما، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعد.

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، وهي حسنة المعنى، ولكن لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الألفاظ المحددة، الدعاء والذكر عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.

الحكم الشرعي في الدعاء بصيغ عامة

يجوز للمسلم أن يحمد الله ويثني عليه ويدعوه بصيغ من عنده، بشرط ألا تحتوي على محذور شرعي، وألا يعتقد أنها سنة واردة بلفظها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أن لها فضلًا خاصًا مرتبطًا بصيغتها، فباب الثناء على الله واسع، ولكن الأكمل والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية والأذكار المأثورة الصحيحة.

تصميم لعبارة الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى

من فضائل شكر الله تعالى وأهميته

الشكر لله تعالى ليس مجرد قول، بل هو عبادة قلبية وقولية وعملية، وهو من أعظم أسباب حفظ النعم وزيادتها، ومن فضائله:

  • سبب لزيادة النعم: وعد الله الشاكرين بالمزيد من فضله، فقال سبحانه:

    “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”

    [إبراهيم: 7].

  • صفة الأنبياء والمؤمنين: وصف الله تعالى أنبياءه بالشكر، فقال عن نوح عليه السلام:

    “إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا”

    [الإسراء: 3]، وقال عن إبراهيم عليه السلام:

    “شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ”

    [النحل: 121].

  • أمان من العذاب: بيَّن الله تعالى أن الشكر والإيمان يمنعان من عذابه، فقال:

    “مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ”

    [النساء: 147].

  • سبب لرضا الله تعالى: يرضى الله سبحانه عن عباده الشاكرين، كما قال:

    “وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ”

    [الزمر: 7].

  • نيل الأجر العظيم: للشاكرين أجر عظيم عند الله، فهم من القلة الذين مدحهم الله في كتابه، وهم أهل الجزاء الحسن في الدنيا والآخرة.

عبارات عن الحمد والشكر لله في تصميم بصري

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة

ما هي أفضل صيغة لحمد الله؟

أفضل الصيغ وأكملها هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل قول “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”، و “سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ”، والأدعية المأثورة في مناسبات مختلفة كبعد الطعام وعند الاستيقاظ.

هل يجوز أن أحمد الله بكلمات من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يثني على الله ويحمده بأي صيغة حسنة لا تخالف الشرع، ما دام لا يعتقد أنها سنة متبعة أو أن لها فضلًا خاصًا، والأولى دائمًا هو الاقتداء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما هو الفرق بين الحمد والشكر؟

الحمد أعم من الشكر، فالحمد يكون باللسان ثناءً على المحمود بصفاته الجميلة، سواء كان ذلك مقابل نعمة أم لا، أما الشكر فيكون مقابل نعمة، ويكون بالقلب (اعترافًا)، وباللسان (ثناءً)، وبالجوارح (طاعةً وعملاً).

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات