إن تضحيات شهداء الجيش العراقي الأبرار تظل خالدة في ذاكرة الوطن، فهم الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عن أرضهم وكرامتهم، وأفضل ما يمكن تقديمه لأرواحهم الطاهرة هو الدعاء الصادق، المستمد من هدي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فهو أعظم هدية وأكثرها نفعًا للميت بإذن الله.

في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية المأثورة والأحكام الشرعية المتعلقة بالدعاء للشهيد، ليكون دعاؤنا مبنيًا على أساس صحيح ومقبولًا عند الله تعالى.

مكانة الشهيد في الإسلام

لقد كرّم الله سبحانه وتعالى الشهداء ورفع منزلتهم، وجعل لهم مكانة عليا في الجنة، فهم أحياء عند ربهم يرزقون، كما قال تعالى في كتابه الكريم:

“وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” [آل عمران: 169].

هذه الآية العظيمة تؤكد على فضل الشهادة وعظيم أجر من نالها، وهو ما يجعل الدعاء لهم تعبيرًا عن محبتنا ورجاءً في أن يتقبلهم الله في أعلى عليين.

أدعية صحيحة ومأثورة للدعاء على الميت والشهيد

الأصل في الدعاء للميت، ومنهم الشهيد، هو استخدام الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة، من هذه الأدعية:

• دعاء جامع من السنة النبوية:
  عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول:

  “اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ”.

  (المصدر: صحيح مسلم، حديث صحيح).

• دعاء لرفع الدرجات:
  عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

  “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ”.

  (المصدر: صحيح مسلم، حديث صحيح)، يمكن الدعاء به مع تغيير الاسم.

أمثلة على صيغ دعاء عامة ومنتشرة

يتداول الناس بعض الصيغ العامة للدعاء التي تعبر عن مشاعرهم تجاه شهداء الجيش العراقي، ومنها:

• اللهم ارحم شهداء الجيش العراقي بواسع رحمتك واجعل مثواهم الجنة.
• اللهم اجعل تضحياتهم نورًا يضيء طريق العراق نحو الأمن والسلام.
• اللهم احمِ العراق برجاله الأوفياء وارزقنا السلام والرخاء اللهم آمين.
• اللهم يا من وسعت رحمتك كل شيء..، نسألك برحمتك التي سبقت غضبك أن ترحم شهداء العراق الشرفاء وتغفر لهم وترفع درجاتهم وتجعلهم من أهل الفردوس الأعلى…

تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس للتعبير عن مشاعرهم الصادقة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وأكثر شمولاً للخير.

الحكم الشرعي: يجوز الدعاء للميت بصيغ عامة من إنشاء الداعي، بشرط ألا تحتوي على محظور شرعي أو اعتداء في الدعاء، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من السنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.

نبذة عن تضحيات الجيش العراقي

تأسس الجيش العراقي عام 1921، ومنذ ذلك الحين وهو يمثل درع الوطن الحصين، مر هذا الجيش العريق بمراحل تاريخية حافلة بالتحديات والمواجهات البطولية، بدءًا من مشاركاته في القضايا العربية الكبرى، مرورًا بالحروب التي خاضها، وصولًا إلى تصديه الشجاع للجماعات الإرهابية، وقد قدم خلال مسيرته تضحيات جسيمة، وسقط منه شهداء أبرار رووا بدمائهم الزكية تراب العراق دفاعًا عن سيادته وكرامة شعبه، هذه التضحيات العظيمة هي التي تجعل ذكراهم خالدة وتوجب علينا الدعاء لهم بالرحمة والقبول.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل دعاء يقال للشهيد؟

أفضل الدعاء هو ما ورد في السنة النبوية الصحيحة للدعاء على الميت عمومًا، مثل دعاء صلاة الجنازة: “اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه…”، لأنه دعاء شامل جامع لخيري الدنيا والآخرة علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته.

هل يجوز الدعاء للشهيد بالرحمة والمغفرة؟

نعم، يجوز بل ويُستحب، على الرغم من أن الشهيد يُرجى له المغفرة الكاملة بنص الأحاديث، إلا أن دعاء المسلمين لإخوانهم هو عبادة وقربة إلى الله، وفيه إظهار للمحبة والصلة، وهو مشروع لجميع موتى المسلمين.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة وغير الثابتة؟

البديل الصحيح والأسلم هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة المذكورة في هذا المقال، أو الدعاء بأدعية عامة ذات معنى صحيح، مثل: “اللهم تقبله في الشهداء، وارفع درجته في عليين، واخلفه في أهله بخير، واجمعنا به في جنات النعيم”.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر