إنَّ الظلم من أعظم الذنوب والكبائر التي حذّر منها الله سبحانه وتعالى في كتابه، ونهى عنها نبيه ﷺ في سنته الشريفة، لما له من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، وقد تكفّل الله عز وجل بنصرة المظلوم، وجعل دعوته مستجابة ليس بينها وبينه حجاب.
وقد جاء في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى:
“يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا” (رواه مسلم).
كما توعّد الله الظالمين في القرآن الكريم فقال:
“وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ” [إبراهيم: 42].

أدعية مأثورة من القرآن والسنة للمظلوم
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والكفاية، ومن الأدعية الصحيحة الثابتة التي يمكن للمظلوم أن يدعو بها:
- دعوة المظلوم التي ليس لها حجاب:
أعظم ما يستنصر به المظلوم هو دعاؤه الصادق، وقد ضمن الله إجابته، قال رسول الله ﷺ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن:“وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ” (متفق عليه).
.
- دعاء نبي الله موسى على فرعون وملئه:
وهو دعاء عظيم من القرآن الكريم على الطغاة المتجبرين، قال تعالى:“وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ” [يونس: 88].
.
- دعاء النبي ﷺ على الأحزاب:
وهو دعاء يُقال عند مواجهة عدو قوي أو ظالم متسلط.“اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ” (متفق عليه).
.
- دعاء جامع لطلب النصرة والعون:
وهو من الأدعية النبوية الصحيحة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة.“رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ” (رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).
.

صيغ وأدعية عامة يمكن للمظلوم الدعاء بها
بالإضافة إلى الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ لا تخالف الشرع، تجمع بين الشكوى إلى الله وطلب النصرة، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يتداولها الناس:
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا رَبِّي، أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، وَمَظْلُومٌ فَخُذْ لِي حَقِّي، يَا رَبِّ، قَدْ قَلَّ صَبْرِي وَضَاقَتْ حِيلَتِي، وَانْغَلَقَتْ عَلَيَّ المَذَاهِبُ إِلَّا إِلَيْكَ، فَأَنْتَ حَسْبِي وَنِعْمَ الوَكِيلُ.”.
- “يَا رَبِّ، أَنْتَ الحَكَمُ العَدْلُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَأَنْتَ القَوِيُّ القَهَّارُ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ ظَلَمَنِي وَتَجَبَّرَ، أَرِنِي فِيهِ عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ، وَخُذْهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعْجِزُكَ.”.
- “حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ فِيمَنْ آذَانَا وَظَلَمَنَا، اللَّهُمَّ يَا جَبَّارُ يَا مُنْتَقِمُ، اجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَتَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ، وَاشْغَلْهُ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَلَا تَجْعَلْ لَهُ سُلْطَانًا عَلَيْنَا.”.

تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
إخلاء مسؤولية: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس كأدعية عامة، ورغم أن معانيها قد تكون صحيحة في مجملها، إلا أنها لم تثبت بلفظها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.
ما حكم الدعاء على الظالم؟
أجمع أهل العلم على جواز دعاء المظلوم على من ظلمه بقدر مظلمته، وذلك استناداً لأدلة كثيرة منها إقرار النبي ﷺ لدعوة المظلوم، ومع ذلك، فإن العفو والصفح والدعاء للظالم بالهداية هو مرتبة أعلى وأعظم أجراً عند الله، وهو من شيم الأنبياء والصالحين، قال تعالى:
“وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” [الشورى: 40].
فمن دعا على ظالمه فقد استوفى حقه، ومن عفا وأصلح فأجره على الله.

المصادر والمراجع
- سورة إبراهيم، الآية 42.
- سورة يونس، الآية 88.
- سورة الشورى، الآية 40.
- صحيح مسلم، حديث رقم 2581، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 4426؛ صحيح مسلم، حديث رقم 2599، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 2933؛ صحيح مسلم، حديث رقم 1742، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 1552؛ سنن الترمذي، حديث رقم 3551، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء على الظالم
ما هو أفضل وقت للدعاء على الظالم؟
دعوة المظلوم مستجابة في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر.
هل الأفضل الدعاء على الظالم أم العفو عنه؟
الدعاء على الظالم حق مشروع للمظلوم ليأخذ حقه، أما العفو والصفح، فهو درجة إيمانية أعلى وأعظم أجراً عند الله، لمن قدر عليه رجاء ثواب الله، فكلا الأمرين جائز، والثاني أفضل.
ما هو أقوى دعاء للمظلوم؟
أقوى دعاء هو ما خرج من قلب صادق ومضطر وموقن بالإجابة، والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، مثل دعاء النبي ﷺ: “رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ…”، مع استحضار معنى الحديث “اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ”.