ورد يوم السبت مكتوب كامل

إن من أعظم نعم الله على عبده أن يوفقه لذكره وشكره وحسن عبادته، فالمسلم الذي يجعل ذكر الله جزءاً لا يتجزأ من يومه، يجد في قلبه سكينة وطمأنينة، ويُحفَظ بإذن الله من الشرور والآثام، فالأذكار والأدعية هي الحصن الحصين الذي يأوي إليه المؤمن، والصلة المباشرة التي تصله بخالقه، فتزيل عن قلبه الهموم والأحزان، وتعينه على مواجهة تحديات الحياة بثبات ويقين، وتُذكّره بعظمة الله وقدرته الواسعة ورحمته التي وسعت كل شيء.

إن المداومة على ذكر الله، سواء بتلاوة القرآن الكريم، أو التسبيح، أو الاستغفار، أو الدعاء، تمنح القلب شعوراً عميقاً بالقرب من الله عز وجل، وتشحن النفس بطاقة إيمانية إيجابية، وهذه العبادات، حين تتأصل في حياة المسلم، تصبح مصدراً دائماً للثقة والرضا واليقين بفضل الله وكرمه.

حكم تخصيص يوم السبت بأدعية معينة

من المهم التنبيه على أن العبادات في الإسلام، ومنها الدعاء والذكر، هي أمور توقيفية، أي أنها تُفعل بالكيفية والوقت والمكان الذي حدده الشرع، لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة ما يفيد بتخصيص يوم السبت، أو غيره من أيام الأسبوع (عدا ما ورد فضله كيوم الجمعة)، بأدعية أو أذكار محددة، فالأصل أن المسلم يذكر الله ويدعوه في كل وقت وحين.

وعليه، فإن تخصيص أدعية معينة ليوم السبت واعتقاد أن لها فضلاً خاصاً في هذا اليوم هو أمر لا أصل له في الشرع، ولكن، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة في أي يوم وفي أي وقت، دون أن ينسب هذا الدعاء كوظيفة خاصة بيوم السبت.

أدعية جامعة من القرآن والسنة النبوية

الأدعية الواردة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي خير ما يدعو به المسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، ومباركة لأنها وحي من الله أو نطق بها من لا ينطق عن الهوى، ومن هذه الأدعية العظيمة التي يمكن للمسلم أن يلهج بها في كل أيامه:

  • دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    (سورة البقرة، الآية 201).

  • سيد الاستغفار: وهو أفضل صيغ الاستغفار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

    “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”

    (رواه البخاري، حديث صحيح).

  • دعاء سؤال العفو والعافية:

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”

    (رواه أبو داود وصححه الألباني، حديث صحيح).

أدعية إسلامية مأثورة لطلب المغفرة والرحمة من الله

صيغ وأدعية عامة يمكن الدعاء بها

بالإضافة إلى الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من حاجاته وبأسلوبه الخاص، ما لم يكن في الدعاء إثم أو قطيعة رحم، وهذه بعض الصيغ العامة التي تجمع معاني الخير والبركة، ويمكن الدعاء بها في كل وقت:

  • اللَّهُمَّ يَا مَالِكَ الْمُلْكِ، اجْعَلْ قُلُوبَنَا عَامِرَةً بِذِكْرِكَ، وَأَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، وَوَفِّقْنَا لِسُبُلِ الطَّاعَةِ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
  • اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْقَنَاعَةَ وَالرِّضَا بِمَا قَسَمْتَ، وَالْعَافِيَةَ الدَّائِمَةَ، وَجَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَارْزُقْنَا مِنْ خَيْرِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
  • اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَثَبِّتْ أَلْسِنَتَنَا عِنْدَ الْمَوْتِ بِـ “لا إِلَهَ إِلا الله”، وَاغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَامْلأ قُلُوبَنَا نُورًا وَإِيمَانًا وَرِضًا، اللَّهُمَّ أَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
  • اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، نَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا أَنْ تُؤَلِّفَ بَيْنَ قُلُوبِنَا عَلَى طَاعَتِكَ، وَأَنْ تَجْمَعَنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.

فضل الدعاء والتقرب إلى الله بالأذكار الصحيحة

أهمية المداومة على الذكر والاستغفار

يشعر المسلم بسعادة حقيقية وراحة نفسية عند قربه من الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك من خلال التوبة الصادقة، والمواظبة على ذكر الله، والابتعاد عن كل ما يغضبه، ومن المستحب أن يخصص المسلم لنفسه وردًا يوميًا من الأذكار وقراءة القرآن، ليبقى قلبه حيًا بنور الإيمان.

  • يا رب، اجعلني من عبادك المتقين، وارزقني قلبًا سليمًا مطمئنًا بالإيمان، وطهّرني من هموم الدنيا وأحزانها، واكتب لي زيارة بيتك الحرام، وأرشدني إلى طريق الحق والصلاح.
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا.
  • اللَّهُمَّ اسْتُرْ عُيُوبِي، وَاغْفِرْ خَطَايَايَ، وَتَقَبَّلْ أَعْمَالِي، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ فِي الْجَنَّةِ، كُنْ لِي عَوْنًا وَسَنَدًا فِي كُلِّ أَمْرِي يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
  • يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ.

إن المسلم يجد في ذكر الله صباحًا ومساءً طمأنينة قلبية لا مثيل لها، وعندما يداوم على تلاوة القرآن الكريم والأذكار الصحيحة والاستغفار، يجد البركة في وقته، والراحة في نفسه، والعون من ربه في كل شؤونه، فينال بذلك خير الدنيا، ويطمع في رضا الله وعفوه في الآخرة.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل هناك أدعية مخصصة ليوم السبت في الإسلام؟

لا، لم يرد في السنة النبوية الصحيحة ما يثبت تخصيص يوم السبت بأدعية أو أذكار معينة، والأصل هو أن المسلم يدعو الله ويذكره في كل الأوقات دون تخصيص يوم معين إلا ما ورد به الدليل الشرعي (مثل الإكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة).

ما هو أفضل ما يقوله المسلم في يومه؟

أفضل ما يقوله المسلم هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل أذكار الصباح والمساء، وسيد الاستغفار، والأدعية القرآنية الجامعة، والإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من أمور الدنيا والآخرة وبأي صيغة طيبة، بشرط ألا تحتوي على إثم أو اعتداء في الدعاء، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات