لا حول ولا قوة إلا بالله للزواج من شخص معين

يلجأ المؤمن إلى الله تعالى في كل شؤونه، متضرعًا بالدعاء وراجيًا منه التوفيق والسداد، ويُعد الزواج من القرارات المصيرية الهامة التي تتطلب عونًا وتيسيرًا من الله سبحانه، حتى يكون الاختيار صائبًا ومبنيًا على أسس سليمة تحقق السكينة والمودة.

فضل ذكر “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّٰهِ” وأثره في تيسير الأمور

إن قول “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّٰهِ” من الأذكار العظيمة التي ورد فضلها في السنة النبوية الصحيحة، ومعناها هو إعلان العبد عن عجزه وتبرئه من حوله وقوته، وإسناد الحول والقوة الكاملين لله وحده، فهو إقرار بالتوحيد وتفويض الأمر كله لله، وهذا من أعظم أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور.

وقد ثبت فضلها في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:

“أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟” فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ”.

(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم)، والإكثار من هذا الذكر المبارك مع استحضار معناه يعين المسلم على الاستعانة بالله في كل أموره، ومنها السعي للزواج.

أدعية ثابتة من القرآن والسنة لطلب الزواج الصالح

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة مباركة، ومنها ما يناسب طلب الزواج الصالح:

1، دعاء نبي الله موسى عليه السلام

عندما خرج نبي الله موسى عليه السلام إلى مدين، دعا الله تعالى بكلمات عظيمة تنم عن افتقاره إلى خير الله، فكانت الإجابة سريعة بتيسير الزواج والمأوى له، قال تعالى:

“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”

[سورة القصص: 24]، وهو دعاء جامع يناسب كل من يطلب من الله أي خير، بما في ذلك الزوج أو الزوجة الصالحة.

2، دعاء عباد الرحمن

وصف الله تعالى عباده الصالحين بأجمل الصفات، وذكر من دعائهم هذا الدعاء المبارك الذي يجمع بين صلاح الأسرة والذرية:

“وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”

[سورة الفرقان: 74].

3، دعاء الاستخارة

صلاة الاستخارة ودعاؤها هي المنهج النبوي الصحيح عند الإقدام على أي أمر ذي بال، ومن أعظمها قرار الزواج، وهي طلب الخيرة من الله ليسير لك الأفضل، نص الدعاء كما ورد في الحديث الصحيح:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -ويسمي حاجته- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ”.

(رواه البخاري).

صيغ دعاء عامة يمكن الاستئناس بها لتيسير الزواج

يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ تجمع خيري الدنيا والآخرة، ما دامت لا تحتوي على محظور شرعي، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها بنية تيسير الزواج:

  • اللَّهُمَّ بِقُدرَتِكَ التي قدرت بها على كل شيء، وبِرحمتِكَ التي وسِعَت كل شيء، أسألك أن تُيَسِّر لي أمري، وتَرزُقني الزوج الصالح (أو الزوجة الصالحة) الذي يكون لي عونًا على طاعتك.
  • يا رب، أسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، أن تُقدِّر لي الخير، وتبارك لي في حياتي، وتهب لي من لدنك زوجًا صالحًا (أو زوجة صالحة) تقر به عيني.
  • اللهم يا مُدَبِّر الأمور، دَبِّر لي أمري فإني لا أُحسِن التدبير، واختر لي ولا تُخيِّرني، وارزقني شريك حياة صالحًا يُعينني في ديني ودنياي.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بأدعية عامة لا تخالف الشرع.

الحكم الشرعي في تخصيص ذكر معين بنية تيسير الزواج

إن ذكر “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّٰهِ” له فضل عام في الاستعانة بالله وتيسير الأمور كلها، لكن تخصيص هذا الذكر أو غيره بعدد معين، أو بصيغة معينة، أو الاعتقاد بأن له أثرًا خاصًا في “تسريع الزواج” تحديدًا، هو أمر لم يرد به دليل شرعي، والصواب هو الإكثار منه ومن سائر الأذكار بنية عامة لطلب العون من الله في كل الأمور، مع الدعاء المباشر لتيسير الزواج.

فضل ذكر لا حول ولا قوة إلا بالله في تيسير أمور الزواج

أسس ومعايير اختيار الشريك المناسب

إلى جانب الدعاء والتوكل على الله، لا بد من الأخذ بالأسباب والسعي لاختيار الشريك المناسب وفق معايير تضمن بناء حياة مستقرة، ومن أهم هذه الأسس:

الدين والأخلاق

  • وهو المعيار الأهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ” (رواه الترمذي وحسنه الألباني)، فالصلاح في الدين هو أساس استقامة الحياة الزوجية.

دعم الأحلام والطموحات

  • من المهم أن يكون الشريك داعمًا لأحلامك وطموحاتك المشروعة، وأن يكون مُحفزًا ومساندًا لك، لا عائقًا أمام تحقيق أهدافك.

التوافق الفكري

  • التقارب الفكري يُعد عاملاً أساسياً في بناء علاقة متينة، إذ يُساهم في تحقيق التفاهم والانسجام، بينما يؤدي غياب هذا التوافق إلى تحديات قد تزيد من صعوبة التفاهم.

التوافق الاجتماعي والتعليمي

  • التقارب في المستوى الاجتماعي والتعليمي يُساعد في تقليل الفجوات بين الطرفين ويُسهم في خلق بيئة حوار متوازنة، وإن لم يكن شرطًا لازمًا، إلا أنه عامل مساعد على الاستقرار.

القبول والارتياح النفسي

  • الشعور بالقبول والارتياح تجاه الشريك من العوامل الأكثر أهمية، فلا ينبغي أن يكون الاختيار ناتجاً عن ضغوط، بل يجب أن يكون قائمًا على قناعة شخصية وشعور بالاطمئنان.

الدعاء بـ لا حول ولا قوة إلا بالله للزواج من شخص معين

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء لتيسير الزواج؟

أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن والسنة، مثل دعاء نبي الله موسى “رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”، ودعاء “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا…”، والأهم من الصيغة هو صدق النية والإخلاص في الدعاء.

هل قول “لا حول ولا قوة إلا بالله” يسرّع الزواج؟

هذا الذكر كنز من كنوز الجنة وهو سبب عظيم للاستعانة بالله وتيسير الأمور بشكل عام، وفضله لا يقتصر على الزواج وحده، ولا يوجد دليل على أنه “يسرّع” الزواج تحديدًا، إنما بركته تأتي من تحقيق التوكل وتفويض الأمر لله، مما يجعله سببًا في تيسير كل خير للعبد، ومنه الزواج.

هل يجوز الدعاء للزواج من شخص معين؟

نعم، يجوز الدعاء بالزواج من شخص معين، ولكن الأكمل والأفضل هو تفويض الأمر لله، كأن يقول: “اللهم إن كان في زواجي من فلان خيرًا لي في ديني ودنياي فيسره لي، وإن كان فيه شر فاصرفه عني واصرفني عنه”، وصلاة الاستخارة هي أفضل وسيلة في هذا الموقف.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات