الدعاء عبادة عظيمة وجوهر العبودية، به يتقرب العبد من ربه، ويُظهر افتقاره إليه، ويعبر عن يقينه بأن الخير كله بيد الله وحده، ومن المواطن التي حث الشرع على لزوم الذكر والدعاء فيها، هو عند الخروج من المنزل؛ فالمسلم يستودع الله نفسه وأهله، ويطلب منه الحفظ والتوفيق في سعيه.
إن المداومة على أذكار الخروج من المنزل تربط قلب المسلم بالله، وتحصّنه من الشرور، وتكون سبباً في تيسير أموره وقضاء حوائجه، فهي حصن من الشيطان، وسبب للبركة في الرزق والعمل.
أدعية صحيحة ثابتة عند الخروج من المنزل
ورد في السنة النبوية الشريفة أدعية مأثورة يُستحب للمسلم أن يحافظ عليها عند مغادرة بيته، وهي كافية ومباركة، من أبرز هذه الأدعية الصحيحة:
1، الدعاء الجامع للحفظ والكفاية
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ:
بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ
قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟”.
المصدر: سنن أبي داود وسنن الترمذي، درجة الحديث: حديث صحيح.
- شرح موجز: هذا الدعاء من أعظم الأدعية، ففيه استعانة بالله وتوكل كامل عليه، وإقرار بالعجز إلا بقوته سبحانه، وجزاؤه أن يتولى الله هداية العبد وكفايته ووقايته من كل شر، وأن يبتعد عنه الشيطان.
 
2، دعاء الحماية من الضلال والزلل
عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال:
بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ
المصدر: سنن أبي داود وسنن الترمذي، درجة الحديث: حديث صحيح.
- شرح موجز: في هذا الدعاء استعاذة بالله من كل انحراف سلوكي أو أخلاقي قد يقع فيه الإنسان أو يقع عليه من غيره؛ فهو يطلب من الله العصمة من الضلال، والزلل في القول أو الفعل، والظلم، والجهل (بمعنى السَّفه والطيش).
 
صيغ وأدعية عامة منتشرة
يتداول بعض الناس صيغًا أخرى للدعاء عند الخروج من المنزل، وهي وإن كانت تحمل معاني طيبة، إلا أنه من المهم معرفة حكمها الشرعي ومصدرها، من هذه الصيغ:
- اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا.
 - اللهم إني خارج من بيتي سعيًا وراء رزقك، فارزقني رزقًا طيبًا مباركًا وأغنني بحلالك عن حرامك.
 - بسم الله آمنت بالله واعتصمت بالله، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 - اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، فاحفظنا بما تحفظ به عبادك الصالحين.
 
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
تنبيه وإخلاء مسؤولية: بعض هذه الصيغ، مثل دعاء “اللهم إني أسألك خير المولج…”، ورد في حديثٍ في سنن أبي داود، لكن أهل العلم بالحديث قد ضعفوا سنده، أما باقي الصيغ فهي أدعية عامة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص الخروج من المنزل، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهو الأسلم والأكمل والأكثر بركة.
يجوز للمسلم أن يدعو بأدعية عامة ذات معانٍ صحيحة (مثل طلب الرزق أو استوداع الأهل) ما لم يعتقد أنها سنة مخصصة لهذا الموطن، ويبقى الأفضل والأعظم أجرًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة الصحيحة الواردة أعلاه.
فضل وأهمية المداومة على دعاء الخروج من المنزل
إن المداومة على ذكر الله عند كل حركة وسكنة، ومنها الخروج من المنزل، له فضائل عظيمة وآثار إيجابية على حياة المسلم، ومنها:
- تحقيق التوكل على الله: عندما يبدأ المسلم يومه بالاستعانة بالله وتفويض الأمر إليه، فإنه يحقق معنى التوكل الحقيقي، وهو من أعظم العبادات القلبية.
 - الحفظ والحماية الإلهية: كما ورد في الحديث، فإن من قال الدعاء المأثور “كُفي ووُقي”، أي أن الله يتولى جميع أموره ويحميه من كل مكروه.
 - الوقاية من الشيطان: التصريح بالاستعانة بالله والتوكل عليه يطرد الشيطان ويجعله ييأس من إغواء العبد في يومه.
 - الشعور بالطمأنينة والسكينة: ذكر الله يورث القلب راحة وطمأنينة، ويجعل المسلم يواجه يومه بثقة ويقين، عالمًا أنه في معية الله وحفظه.
 
المصادر والمراجع
- حديث “إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله…”، (رواه أبو داود، حديث رقم 5095، والترمذي، حديث رقم 3426، وصححه الألباني)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل…”، (رواه أبو داود، حديث رقم 5094، والترمذي، حديث رقم 3427، وصححه الألباني)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “اللهم إني أسألك خير المولج…”، (رواه أبو داود، حديث رقم 5096، ضعفه الألباني وغيره من المحدثين لانقطاع في سنده).
 
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء يقال عند الخروج من المنزل؟
أصح وأجمع الأدعية هو ما ورد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: “بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ”، لِما ورد في فضله من الكفاية والوقاية والهداية.
هل يجوز أن أضيف على الدعاء المأثور؟
الأفضل هو الاقتصار على الصيغة النبوية الثابتة، وإن أراد المسلم الزيادة بالدعاء لنفسه أو لأهله، فيمكنه فعل ذلك بعد الانتهاء من الذكر المأثور، دون أن ينسب هذه الزيادة إلى السنة.
متى يقال دعاء الخروج من المنزل؟
يقال هذا الدعاء عند مغادرة عتبة المنزل مباشرة، بنية الاستعانة بالله وطلب الحفظ والتوفيق في كل ما هو قادم عليه خارج بيته.
		
