يُعدّ الدعاء للزوج المسافر من أعظم صور المودة والاهتمام التي تُقدمها الزوجة، فهو تعبيرٌ عن تعلق قلبها به ورجائها من الله أن يحفظه ويُيسّر أمره، وفي رحلة البحث عن الطمأنينة للزوج الغائب، يبقى الدعاء هو الصلة التي لا تنقطع، والوسيلة المُثلى لطلب الحفظ والتوفيق له في سفره.
نستعرض في هذا المقال الأدعية الصحيحة الواردة في السنة النبوية عند توديع المسافر، بالإضافة إلى أدعية عامة يمكن الاستعانة بها، مع التنبيه على أهمية الالتزام بما هو ثابت وموثوق.
أدعية السفر الصحيحة من السنة النبوية
الأصل في العبادات، ومنها الدعاء، هو الاتباع والالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أرشدتنا السنة النبوية الشريفة إلى أدعية محددة تُقال عند توديع المسافر، وهي تحمل أعظم معاني البركة والخير، يمكن للزوجة أن تدعو لزوجها بهذه الأدعية المأثورة:
- الدعاء الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلًا قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر فأوصني، قال:
“عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ”، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ: “اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ”.
(رواه الترمذي، وقال: حديث حسن)، يمكن للزوجة أن تدعو له بالشق الأخير من الحديث فتقول: “اللهم اطوِ له الأرض وهوّن عليه السفر”.
 - الدعاء الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ، إني أريدُ سفرًا فزوِّدْني، قال:
“زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى”، قال: زِدْني، قال: “وَغَفَرَ ذَنْبَكَ”، قال: زِدْني بأبي أنتَ وأُمِّي، قال: “وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ”.
(رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
 - الدعاء الثالث (دعاء الاستيداع): وهو من أجمع الأدعية وأعظمها بركة، حيث تستودع الزوجة دين زوجها وأمانته، وهما أغلى ما يملك، عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول للرجل إذا أراد سفرًا: ادنُ مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا، فيقول:
“أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ”.
(رواه الترمذي وأبو داود، حديث صحيح).
 
أدعية عامة من القرآن والسنة للحفظ والتوفيق
إلى جانب الأدعية المخصصة للسفر، يمكن للزوجة أن تدعو لزوجها بأدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية تطلب فيها له الحفظ والرزق والتوفيق في كل وقت وحين.
- دعاء من القرآن الكريم: الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
 - دعاء نبوي للحفظ والعافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”.
(رواه أبو داود وابن ماجه، حديث صحيح).
 
صيغ وأدعية عامة يمكن الدعاء بها للزوج المسافر
يتداول الناس بعض الصيغ للدعاء للزوج المسافر، وهي وإن كانت تحمل معاني طيبة، إلا أنه من المهم معرفة حكمها الشرعي، يمكن للزوجة أن تدعو بما يفتح الله عليها من كلمات طيبة ما لم تتضمن محذورًا شرعيًا، ومن أمثلة هذه الأدعية العامة:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ زَوْجِي، فَاحْفَظْهُ بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَرُدَّهُ إِلَيَّ سَالِمًا غَانِمًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
 - اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَى زَوْجِي سَفَرَهُ، وَيَسِّرْ لَهُ أَمْرَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِي وَقْتِهِ وَرِزْقِهِ، وَاصْرِفْ عَنْهُ كُلَّ سُوءٍ.
 - يَا رَبِّ، إِنَّ زَوْجِي قَدْ خَرَجَ طَلَبًا لِلرِّزْقِ، فَكُنْ لَهُ مُعِينًا وَنَصِيرًا، وَافْتَحْ لَهُ أَبْوَابَ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
 - اللَّهُمَّ قَوِّ عَزِيمَتَهُ، وَاشْرَحْ صَدْرَهُ، وَأَبْعِدْ عَنْهُ هُمُومَ الْغُرْبَةِ وَمَشَاقَّ السَّفَرِ، وَاجْعَلْ قَلْبَهُ مُطْمَئِنًّا بِذِكْرِكَ.
 - اللَّهُمَّ بَارِكْ لِزَوْجِي فِي عَمَلِهِ، وَارْزُقْهُ الرِّزْقَ الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَأَغْنِهِ بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، وَأَعِدْهُ إِلَيْنَا مَجْبُورَ الْخَاطِرِ.
 
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
تنبيه هام: الصيغ المذكورة في القسم السابق هي مما يتداوله بعض الناس، وهي أدعية عامة بمعانٍ حسنة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح كنص مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، والأفضل دائمًا هو التحري واستخدام الأدعية المأثورة الثابتة.
نصائح للحفاظ على العلاقة الزوجية أثناء سفر الزوج
للحفاظ على استقرار العلاقة الزوجية وقوتها أثناء غياب الزوج، يُنصح بالاهتمام بالجوانب التالية لتقوية الروابط رغم المسافات:
- التواصل الدائم: الحرص على التواصل المستمر عبر الوسائل المتاحة للاطمئنان المتبادل ومشاركة تفاصيل الحياة اليومية، مما يخفف من الشعور بالوحدة والبعد.
 - تحمل المسؤولية: يظل الزوج مسؤولًا عن رعاية أسرته ماديًا ومعنويًا، وعليه التأكد من توفير احتياجاتهم الأساسية دون تقصير.
 - تقليل فترة الغياب: من المهم السعي لتقليل مدة السفر قدر الإمكان، فالغياب الطويل قد يؤثر على استقرار الأسرة والعلاقة العاطفية.
 - التعبير عن الاهتمام: يمكن تعويض الغياب المادي بلمسات معنوية، كإرسال الهدايا البسيطة أو التعبير عن الشوق والتقدير، مما يعزز الروابط ويُشعر الطرف الآخر بأهميته.
 - الثقة المتبادلة: بناء جسر من الثقة المتبادلة هو أساس العلاقة الناجحة، خاصة مع وجود المسافات، وذلك من خلال الصراحة والوضوح وتجنب ما يثير الشكوك.
 
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
 - حديث “عليك بتقوى الله…”، (يمكن مراجعته في سنن الترمذي على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “زودك الله التقوى…”، (يمكن مراجعته في سنن الترمذي على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “أستودع الله دينك…”، (يمكن مراجعته في سنن الترمذي وسنن أبي داود على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “اللهم إني أسألك العافية…”، (يمكن مراجعته في سنن أبي داود وسنن ابن ماجه على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة حول الدعاء للزوج المسافر
ما هو أفضل دعاء للزوج المسافر؟
أفضل الأدعية هي المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأعظمها دعاء الاستيداع: “أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ”، لأنه يجمع طلب الحفظ للدين والدنيا معًا.
هل يجوز أن أدعو لزوجي بكلماتي الخاصة؟
نعم، يجوز للمرأة أن تدعو لزوجها بما تشاء من الأدعية الطيبة التي تحمل معاني الخير، مثل طلب الرزق والحفظ والتوفيق، بشرط ألا يكون في الدعاء اعتداء أو إثم.
ما هي الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، فالدعاء في هذه الأوقات أرجى للقبول بإذن الله.
		
