يُعد دعاء “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ” من الأدعية النبوية الجامعة التي تعبر عن افتقار العبد إلى ربه، وحاجته الدائمة لحفظ نعمه وعافيته، هذا الدعاء المبارك ثابت في السنة النبوية الصحيحة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلهج به، ليعلّم أمته كيفية اللجوء إلى الله تعالى للاستعاذة من تقلب الأحوال وفقدان الخيرات.

إن شكر النعم والحفاظ عليها مقصد شرعي عظيم، دل عليه قول الله تعالى:

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]

ويأتي هذا الدعاء كترجمة عملية لهذا المفهوم، حيث يجمع بين شكر النعمة والخوف من زوالها، والتوكل على الله وحده في حفظها وإدامتها.

النص الكامل للدعاء ومصدره من السنة النبوية

النص الصحيح للدعاء كما ورد في السنة النبوية المطهرة هو كالآتي:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»

المصدر: هذا الدعاء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكر الدعاء)، (رواه مسلم في صحيحه، رقم 2739).

الحكم على صحة حديث “اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك”

هذا الحديث النبوي هو حديث صحيح باتفاق أهل العلم والمحدثين، وروده في “صحيح مسلم” يجعله من أعلى درجات الصحة، حيث يُعد كتاب صحيح مسلم، مع صحيح البخاري، أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، لذلك، فإن هذا الدعاء ثابت لا شك في صحته، ويُشرع للمسلم أن يدعو به ويجعله من أذكاره اليومية اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.

شرح مفصل لمعاني الدعاء

يشتمل هذا الدعاء الجامع على أربعة مطالب عظيمة، تمثل أركان الحفظ والأمان في الدنيا والآخرة، وفيما يلي شرح موجز لكل منها:

• “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ”: هنا يستجير المسلم بالله من فقدان النعم التي أنعم بها عليه، سواء كانت نعمًا دينية كالإيمان والهداية، أو دنيوية كالصحة والرزق والأمن، وأعظمها نعمة الإسلام، فالدعاء بثباتها هو أعظم المطالب.
• “وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ”: العافية هي السلامة في الدين والبدن، ومعنى “تحولها” هو تغير الحال من الصحة إلى المرض، ومن الغنى إلى الفقر، أو من الطاعة إلى المعصية، فالمسلم يسأل الله أن يديم عليه عافيته وألا يبدلها بما يسوؤه.
• “وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ”: أي من العقوبة والبلاء الذي يأتي فجأة دون سابق إنذار، كموت الفجأة أو المصائب المفاجئة التي لا يكون الإنسان مستعدًا لها، فالبلاء الذي يأتي بغتة يكون وقعه أشد على النفس.
• “وَجَمِيعِ سَخَطِكَ”: هذه العبارة جامعة لكل ما سبق، فهي استعاذة شاملة من كل سبب يؤدي إلى سخط الله وغضبه، سواء كان من الأقوال أو الأفعال، الظاهرة أو الباطنة، فمن رضي الله عنه، فقد فاز فوزًا عظيمًا.

الترجمة الإنجليزية للدعاء

للمسلمين غير الناطقين بالعربية، يمكن فهم معنى الدعاء من خلال الترجمة التالية:

O Allah, I seek refuge in You from the withdrawal of Your blessing, from the change of Your protection, from the suddenness of Your wrath, and from all of Your displeasure.

نص الدعاء مكتوبًا ومشكولًا (جاهز للنسخ)

لتسهيل قراءة الدعاء ومشاركته، إليك نصه بالتشكيل الكامل:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما صحة حديث “اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك”؟

الحديث صحيح، وهو من أعلى درجات الصحة، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم 2739.

ما هو أفضل وقت لقول هذا الدعاء؟

هذا الدعاء من الأدعية المطلقة التي لم يحدد لها وقت معين، فيمكن للمسلم أن يدعو به في أي وقت شاء، كأوقات الإجابة في السجود، أو دبر الصلوات المكتوبة، أو ضمن أذكار الصباح والمساء، أو عند تذكر نعم الله عليه.

ما معنى “فُجاءة نقمتك”؟

المقصود بها العقوبة أو البلاء الذي ينزل على الإنسان فجأة وبغتة، دون مقدمات أو إنذار، مما يجعله أشد وقعًا وأعظم أثرًا على النفس.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر