فقدُ الأحبّةِ من أقدارِ اللهِ المؤلمة، وهو ابتلاءٌ يختبرُ صبرَ المؤمنِ ويُذكِّرُهُ بحقيقةِ الدنيا، ومع قُربِ المواسِمِ المباركةِ كشهرِ رمضان، يتجدَّدُ الشوقُ والحنينُ لمن كانوا يشاركوننا فرحةَ قدومِه، ويبقى الدعاءُ أعظمَ صِلةٍ وجسرًا ممتدًا من الرحمةِ والوفاء، نُرسِلُ عبرهُ أصدقَ المشاعرِ لمن سبقونا إلى الدارِ الآخرة.
أدعية مأثورة من السنة النبوية للميت
الأصلُ في الدعاء للميت هو الالتزام بما وردَ في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تشمل جوامع الخير للمتوفى، من أصح هذه الأدعية وأشملها ما ورد في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، أنه صلى على جنازة فدعا بهذا الدعاء:
«اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ».
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 963.
أدعية عامة للمتوفى مع قدوم رمضان
إلى جانب الأدعية الثابتة في السنة النبوية، يمكن للمسلم أن يدعو للميت بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي تحمل معاني الرحمة والمغفرة، خاصة في الأوقات المباركة مثل استقبال شهر رمضان، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الدعاء بها:
- اللَّهُمَّ مع قُربِ شهرِ رمضان، ارحم أرواحًا عزيزةً رحلت ولم تُبلِّغنا هذا العام، اللَّهُمَّ اجعل قبورَهم روضةً من رياضِ الجنَّة، ولا تجعلها حفرةً من حُفَرِ النيران.
- يَا رَبِّ، كانوا ينتظرون رمضانَ معنا ويفرحون بقدومِه، فاجعل لهم نصيبًا من رحمتِكَ ومغفرتِكَ في هذا الشهرِ الفضيل، واجعل رمضانَهم في الجنَّةِ أجمل.
- اللَّهُمَّ أنِر قبورَ من فارقونا، واجعلهم في بطونِ الألحادِ آمنين مُطمئنِّين، وبلِّغهم منّا السلامَ والدعاء، واجمعنا بهم في جناتِ النعيم.
- يَا كَرِيمُ، يا واسعَ المغفرة، اغفر لأحبتنا الراحلين، وأبدلهم دارًا خيرًا من دارهم، وأهلًا خيرًا من أهلهم، وأدخلهم الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ ولا سابقةِ عذاب.
- اللَّهُمَّ كما بلَّغتنا رمضان، نسألك أن ترحمَ من لم يُكتب لهم بلوغُه، وأن تجعلَ لهم في كلِّ دعوةٍ منّا رحمةً ونورًا وسرورًا إلى يومِ يُبعثون.
فضل الدعاء للميت وحكمه في رمضان
الدعاء للميت من أعظم الأعمال التي يصل ثوابها إليه، وهو مشروع ومستحب في كل وقت وحين، ويتأكد استحبابه في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان وأوقات إجابة الدعاء، لم يرد في الشرع دعاء مخصص للميت عند دخول رمضان، ولكنَّ الدعاء له في هذا الوقت من صور البر والوفاء، وهو داخل في عموم قوله تعالى:
“وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ” [الحشر: 10]
كما أن الدعاء للميت يعتبر من العمل الذي لا ينقطع بعد موته، كما ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له.”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 1631.
المصادر والمراجع
- سورة الحشر، الآية 10.
- صحيح مسلم، حديث رقم 963، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 1631، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء للميت
هل يصل دعائي للميت؟
نعم، بإجماع أهل العلم يصل ثواب الدعاء والصدقة وغيرهما من الأعمال الصالحة إلى الميت، وينتفع بها بإذن الله تعالى.
ما هو أفضل وقت للدعاء للميت؟
الدعاء للميت مشروع في كل وقت، ويُستحب تحري أوقات الإجابة مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وفي شهر رمضان، وعند نزول المطر.
هل يجوز تخصيص دعاء للميت عند رؤية هلال رمضان؟
لا يوجد دعاء مخصص وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم للميت عند رؤية هلال رمضان، ولكن الدعاء له في هذا الوقت الفضيل أمر حسن، فهو من الأوقات التي يُرجى فيها قبول الدعاء.


