يسعى المؤمن دائمًا لراحة قلبه وطمأنينة نفسه، ولا يوجد سبيل لذلك أعظم من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء الصادق؛ فهو الذي يزيل الهموم، ويفرّج الكروب، ويمنح السكينة والرضا.
أدعية صحيحة من السنة النبوية لراحة القلب
إن خير ما يدعو به العبد هو ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة وثابتة المصدر، ومن هذه الأدعية:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا.
المصدر: سنن ابن ماجه، وصححه الألباني (حديث صحيح)..
- دعاء لطلب محبة الله:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَهْلِي، وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ.
المصدر: سنن الترمذي (حديث حسن)..
آيات قرآنية وأدعية تبعث الطمأنينة في القلب
القلب إذا اطمأن بذكر الله، عاش صاحبه بعيدًا عن القلق والهموم، ويبقى أقوى أسباب راحة القلب والروح هو التقرب إلى الله عز وجل بالدعاء والمناجاة والذكر المستمر، فالله تعالى هو القائل:
الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
المصدر: [سورة الرعد: 28]
وهذا تأكيد على أن ذكر الله هو مفتاح السكينة وباب الطمأنينة، ونلمس هذا المعنى أيضًا في قوله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار:
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ
المصدر: [سورة التوبة: 40]
أمثلة على أدعية عامة للطمأنينة وشرح الصدر
- اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، (هذا الدعاء جزء من حديث صحيح، وهو من أعظم ما يُقال لإذهاب الهم).
- اللَّهُمَّ ارزُقْنِي قَلْبًا شَاكِرًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِسَانِي عَامِرًا بِذِكْرِكَ، وَقَلْبِي بِخَشْيَتِكَ، وَسِرِّي بِطَاعَتِكَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي.
- اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، (دعاء نبوي صحيح).
أدعية نبوية صحيحة لإزالة الهم وتفريج الكرب
تمر على الإنسان لحظات تشتد فيها الكروب وتضيق فيها الصدور، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أدعية عظيمة تُقال في هذه الأوقات، ومنها:
- دعاء الكرب:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم..
- دعاء الهم والحزن:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.
المصدر: صحيح البخاري..
- دعاء من أصابه هم أو حزن:
اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي.
المصدر: مسند أحمد، وصححه الألباني (حديث صحيح)..
- دعاء المكروب:
اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.
المصدر: سنن أبي داود (حديث حسن)..
صيغ وأدعية عامة شائعة لراحة النفس
يتداول الناس بعض الصيغ الدعائية التي لم ترد بنصها في السنة النبوية، ولكن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، يمكن للمسلم أن يدعو بها وبغيرها ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، مع اليقين بأن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة.
- اللَّهُمَّ يَا خَالِقَ الْخَلْقِ، وَيَا مُدَبِّرَ الْأَمْرِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْرَحَ صَدْرِي، وَتَمْلَأَ قَلْبِي بِالسَّكِينَةِ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي مَا أَهَمَّنِي.
- اللَّهُمَّ يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْنَا الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، فَلَا مُوَسِّعَ لَنَا إِلَّا رَحْمَتُكَ، فَأَزِلْ مَا يُثْقِلُ قُلُوبَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ أَنْتَ مَلَاذِي، أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ أَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي كُلَّ ضِيقٍ، حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبِي، فَلَا يَخَافُ إِلَّا مِنْكَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ إِلَّا بِكَ، أَجِرْنِي يَا اللهُ.
- رَبِّ، إِنَّ الضَّعْفَ قَدْ أَصَابَنِي، وَقَلَّتْ حِيلَتِي، وَأَحَاطَتْ بِي الْكُرُوبُ، فَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ وَقُدْرَتِكَ أَنْ تَرْفَعَ عَنِّي هَذَا الْبَلَاءَ، وَتَكْشِفَ عَنِّي الْكَرْبَ، فَإِنَّهُ لَا يُعْجِزُكَ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
حكم الدعاء بصيغ لم ترد في السنة النبوية
تنبيه هام: الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ومع ذلك، أجاز العلماء الدعاء بصيغ لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم بشرطين:
- أن تكون معانيها صحيحة ولا تخالف العقيدة الإسلامية.
- ألا يعتقد الداعي أن لهذه الصيغة فضلًا خاصًا أو أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فباب الدعاء واسع، ويمكن للمسلم أن يسأل الله حاجته بما يفتح الله عليه من كلام، مع الحرص على أن يكون الأدب وحسن الظن بالله أساس دعائه.
أدعية من القرآن الكريم لشفاء الصدور
القرآن الكريم هو الشفاء التام لجميع الأدواء القلبية والبدنية، وهو رحمة للمؤمنين، كما قال تعالى:
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا
المصدر: [سورة الإسراء: 82]
ومن الأدعية القرآنية التي تبعث السكينة في القلب:
- دعاء سيدنا موسى عليه السلام:
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)
المصدر: [سورة طه: 25-26].
- دعاء سيدنا يونس عليه السلام في بطن الحوت (دعاء ذي النون):
لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
المصدر: [سورة الأنبياء: 87]، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، (رواه الترمذي وصححه الألباني)..
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
المصدر: [سورة البقرة: 201]، وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم..
المصادر والمراجع
- سورة الرعد، الآية 28.
- سورة التوبة، الآية 40.
- سورة الإسراء، الآية 82.
- سورة طه، الآيتان 25-26.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- الأحاديث النبوية المذكورة تم التحقق من صحتها عبر موسوعات حديثية معتمدة مثل موسوعة الدرر السنية.
- كتاب حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء لراحة القلب؟
أفضل الأدعية هي تلك الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لأنها جامعة للخير ومباركة، ومن أجمعها دعاء “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ…” ودعاء الكرب “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ…”.
هل يجوز لي أن أدعو بلغتي وبأسلوبي الخاص؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بلغته وبما يفتح الله عليه من كلام، يسأله حاجته ويتضرع إليه، طالما أن محتوى الدعاء لا يخالف الشريعة الإسلامية، لكن يبقى الدعاء بالمأثور (من القرآن والسنة) هو الأفضل والأكمل.
ما هو الوقت الأفضل للدعاء؟
الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.




