شرع اللهُ سبحانه وتعالى الزواج وجعله آيةً من آياته العظيمة، فهو الميثاق الذي تقوم عليه الأسرة، وتُبنى به المجتمعات، إنَّه علاقةٌ إنسانيةٌ فريدة أساسها السكينة والمودة والرحمة، كما قال تعالى في كتابه الكريم:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الروم: 21].
وقد جعل الإسلام لهذه الرابطة مكانةً سامية، فهي ليست مجرد علاقة اجتماعية، بل عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، وتقوم على أسس متينة من الحقوق والواجبات المتبادلة، فالزوج مسؤول عن القوامة والرعاية والإنفاق، والزوجة مسؤولة عن حفظ بيتها ورعاية أبنائها، وهذا التكامل هو سر استقرار الأسرة وسعادتها.
أدعية من القرآن والسنة لصلاح الزوج والأسرة
إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والكفاية، ومن هذه الأدعية المباركة:
- دعاء قرآني جامع لصلاح الأهل والذرية: وهو من أعظم الأدعية التي يسأل فيها العبد ربه صلاح زوجه وذريته، وهو دعاء عباد الرحمن:
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74].
.
- دعاء شامل لخير الدنيا والآخرة: هذا الدعاء من أجمع الأدعية التي كان يكثر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نافع للأسرة كلها:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].
.
- دعاء لتحصين الأبناء: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحسن والحسين بهذا الدعاء، وهو من أسباب الحفظ والوقاية بإذن الله:
“أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ” (رواه البخاري، حديث صحيح).
شرح موجز: (هَامَّةٍ): كل ما له سمٌّ أو أذى من الحشرات والزواحف، (عَيْنٍ لَامَّةٍ): العين الحاسدة التي تُصيب بالسوء.
صيغ وأدعية عامة يتداولها الناس لصلاح الزوج
تنتشر بين الناس بعض صيغ الأدعية التي لم ترد في السنة النبوية، ولكنها تحمل معاني طيبة، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم دون اعتقاد أنها سنة متبعة أو أن لها فضلاً خاصاً.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وفيها الخير كله.
- “اللَّهُمَّ احْفَظْ لِي زَوْجِي بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَأَبْعِدْ عَنْهُ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَاغْنِهِ بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.”.
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْ زَوْجِي مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَدِمْ بَيْنَنَا الْوُدَّ وَالرَّحْمَةَ، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ مَا يُعَكِّرُ صَفْوَ حَيَاتِنَا.”.
- “رَبِّ اجْعَلْنِي قُرَّةَ عَيْنٍ لِزَوْجِي، وَاجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي، وَبَارِكْ لَنَا فِي بَيْتِنَا، وَارْزُقْنَا الذُّرِّيَّةَ الصَّالِحَةَ.”.
- “اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَ زَوْجِي، وَسَخِّرْهُ لِي، وَأَبْعِدْ عَنْهُ رُفَقَاءَ السُّوءِ، وَاجْعَلْهُ لِي كَمَا أُحِبُّ، وَاجْعَلْنِي لَهُ كَمَا يُحِبُّ.”.
ما حكم تخصيص أدعية بصيغ معينة لحفظ الزوج؟
الأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في الكتاب والسنة، فهذا هو الأكمل والأفضل، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي لا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم، لكن لا يجوز تخصيص صيغ معينة من الأدعية لم ترد بها السنة، واعتقاد أن لها فضلاً خاصاً أو أنها تحقق أمراً بعينه، لأن ذلك قد يدخل في باب الابتداع، الأفضل دائماً هو لزوم السنة، أو الدعاء بجوامع الكلم وبأدعية عامة تشمل صلاح الزوج والذرية والبيت المسلم.
أدعية قصيرة وجامعة للزوج
يمكن للزوجة أن تدعو لزوجها بأدعية قصيرة ومباركة في كل وقت، خاصة في أوقات الإجابة:
- اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي زَوْجِي، وَاحْفَظْهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ.
- اللَّهُمَّ وَفِّقْ زَوْجِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَسَدِّدْ خُطَاهُ.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْ زَوْجِي الرِّزْقَ الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ.
- اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي زَوْجِي، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا عَلَى خَيْرٍ.
- رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِزَوْجِي وَلِوَالِدَيْنَا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.
أهمية الزواج ومكانته في الإسلام
للزواج في الإسلام فوائد عظيمة تتجاوز الفرد لتشمل استقرار المجتمع بأسره:
- مصدر للسكينة والاستقرار النفسي: يوفر الزواج بيئة آمنة من المودة والرحمة، يجد فيها كل من الزوجين السكن والطمأنينة، مما يساعدهما على مواجهة تحديات الحياة.
- وسيلة للعفة وصون النفس: الزواج هو الطريق المشروع الذي يحصّن به الإنسان نفسه من الوقوع في الحرام، ويحفظ به دينه وخلقه.
- تكوين أسرة مسلمة: هو السبيل لتكوين الأسر التي هي نواة المجتمع، وتنشئة جيل صالح يعبد الله ويعمر الأرض.
- مصدر للبركة وتوسعة الرزق: وعد الله تعالى بإغناء من يسعى للزواج طلباً للعفاف، فالزواج من أسباب البركة في الرزق والعمر.
المصادر والمراجع
- سورة الروم، الآية 21.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة البقرة، الآية 201.
- صحيح البخاري، حديث رقم 3371، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية الزوج
هل توجد صيغة دعاء محددة لجعل الزوج يحب زوجته؟
لم يرد في السنة النبوية صيغة دعاء مخصصة لهذا الغرض، ولكن يمكن للمرأة أن تدعو الله بأدعية عامة، مثل دعاء “ربنا هب لنا من أزواجنا…”، وأن تسأل الله بصدق أن يؤلف بين قلبها وقلب زوجها وأن يرزقهما المودة والرحمة.
ما هو أفضل وقت للدعاء للزوج والأسرة؟
يستجاب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات وأحوال تكون فيها الإجابة أرجى، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، الدعاء في هذه الأوقات للزوج والأسرة من أعظم أسباب التوفيق والبركة.
هل يجوز الدعاء باللغة العامية بدلاً من الأدعية المأثورة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما في قلبه وبلهجته العامية، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في الصدور ويستجيب لمن دعاه بصدق، ولكن، لا شك أن الدعاء بالأدعية الواردة في القرآن والسنة أفضل وأكمل وأعظم أجراً، لأنها جامعة للمعاني وفيها كمال الأدب مع الله.
