تُعد الأضحية من أعظم شعائر الإسلام التي يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى في عيد الأضحى المبارك، ومن تمام هذه العبادة معرفة الأحكام والآداب المتعلقة بها، وعلى رأسها الدعاء المشروع عند الذبح، والذي يتساءل الكثيرون عن صيغته الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
دعاء ذبح الأضحية الصحيح الوارد في السنة النبوية
الأصل في دعاء ذبح الأضحية هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الصيغ هي المعتمدة عند عامة المسلمين بمختلف مذاهبهم، حيث إنها تجمع بين ذكر الله وتوجيه النية الخالصة له سبحانه، والصيغة الكاملة المستحبة تجمع بين آيات من القرآن الكريم ودعاء مأثور، وهي كالتالي:
عند توجيه الذبيحة إلى القبلة وقبل الذبح مباشرة، يُستحب للمضحي أن يقول:
“إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ”، [الأنعام: 79 و 162-163]
ثم عند الشروع في الذبح يقول:
“بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ”.
صيغ أخرى مشروعة ومأثورة
كما يجوز للمضحي أن يضيف بعد التسمية والتكبير أدعية أخرى ثبتت في السنة أو جرى عليها العمل، وكلها تدور حول معنى الإخلاص والقبول من الله، ومن هذه الصيغ:
- “بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، هَذَا عَنِّي”. وإن كان يذبح عن غيره قال: “هَذَا عَنْ فُلانٍ”.
- “اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ”..
- “اللَّهُمَّ هَذِهِ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي”..
تنبيه مهم: الأساس الواجب عند الذبح هو قول: “بِسْمِ اللهِ”، وما زاد على ذلك من التكبير والدعاء فهو من السنن والمستحبات التي يُثاب فاعلها وتزيد من أجر القربة، ولا تبطل الأضحية بتركها.
شروط وضوابط الأضحية في الإسلام
لكي تكون الأضحية صحيحة ومقبولة شرعًا، يجب الالتزام بمجموعة من الشروط والضوابط العامة التي اتفق عليها الفقهاء، ومن أهمها:
- النية: يجب أن تكون النية خالصة لله تعالى عند الذبح، بقصد التقرب إليه بهذه الشعيرة.
- الذابح: يُشترط أن يكون الذابح مسلمًا، بالغًا، عاقلًا، ويُستحب أن يذبح المضحي أضحيته بنفسه إن كان قادرًا، ويجوز له أن يوكل مسلمًا آخر للقيام بذلك نيابة عنه.
- نوع الأضحية: يجب أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، أو البقر، أو الغنم (الضأن والماعز).
- سلامة الأضحية من العيوب: يجب أن تكون الأضحية سليمة من العيوب التي تمنع إجزاءها، مثل العور البيّن، أو المرض الواضح، أو العرج الشديد، أو الهزال الذي يزيل المخ.
- ملكيتها: يجب أن تكون الأضحية مملوكة للمضحي بطريقة شرعية، فلا تصح التضحية بحيوان مغصوب أو مسروق.
- وقت الذبح: يبدأ وقت الذبح من بعد صلاة عيد الأضحى، ويمتد حتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق (أي يوم 13 من ذي الحجة).
العمر الشرعي المطلوب في الأضحية
يُعد بلوغ السن المحدد شرعًا شرطًا أساسيًا لصحة الأضحية، ويختلف العمر المطلوب باختلاف نوع بهيمة الأنعام، وذلك على النحو التالي:
- الإبل: يجب أن تكون قد أتمت خمس سنوات ودخلت في السادسة.
- البقر: يُشترط أن تكون قد أتمت سنتين ودخلت في الثالثة.
- الماعز: لا بد أن تكون قد أكملت سنة واحدة ودخلت في الثانية.
- الضأن (الشاة): يجب أن تكون قد بلغت ستة أشهر ودخلت في السابع.
آداب مستحبة عند ذبح الأضحية
إلى جانب الشروط الواجبة، هناك مجموعة من الآداب التي يُستحب للمسلم مراعاتها عند الذبح، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإحسانًا إلى الذبيحة:
- الإحسان إلى الذبيحة: التعامل معها برفق ولين، وتجنب جرها بعنف.
- شحذ السكين: يجب أن تكون أداة الذبح حادة جدًا لضمان سرعة القطع وتقليل ألم الحيوان، مع عدم إظهار السكين له قبل الذبح.
- استقبال القبلة: توجيه الذبيحة نحو القبلة عند إضجاعها على جانبها الأيسر.
- التسمية والتكبير: الجهر بقول “بسم الله، والله أكبر” عند الذبح.
- سرعة الذبح: إمرار السكين بقوة وسرعة لقطع الحلقوم والمريء والودجين (العرقان المحيطان بالحلقوم) لضمان خروج الروح بسهولة.
- عدم التعجيل بالسلخ: الانتظار حتى تسكن حركة الذبيحة تمامًا وتفارقها الروح قبل البدء في سلخها أو كسر عنقها.
- عدم ذبحها أمام أخرى: يُكره ذبح الأضحية بحضرة حيوان آخر.
كيفية تقسيم لحوم الأضحية وحكم ادخارها
يُستحب تقسيم لحم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، وهو ما جرى عليه عمل الكثير من السلف الصالح ويحقق مقاصد هذه الشعيرة من إطعام الأهل وإهداء الأقارب والجيران والتصدق على الفقراء:
- ثلث للمضحي وأهل بيته: ليأكلوا ويتوسعوا في يوم العيد.
- ثلث للإهداء: يُهدى للأقارب والأصدقاء والجيران، ولو كانوا أغنياء، لتقوية الروابط الاجتماعية.
- ثلث للصدقة: يُعطى للفقراء والمحتاجين، وهو من أعظم مقاصد الأضحية.
أما بالنسبة لحكم ادخار لحم الأضحية، فالأصل جوازه، وقد كان النهي عن الادخار فوق ثلاثة أيام في بداية الإسلام لسبب معين (وهو كثرة الفقراء في عام من الأعوام)، ثم نُسخ هذا الحكم، لذا، يجوز للمضحي أن يدخر من نصيبه ما يشاء، وإن كان الأفضل هو المسارعة في توزيعها لتحقيق النفع الأوسع.
مكانة وفضل الأضحية في الإسلام
تعتبر الأضحية من أحب الأعمال إلى الله في يوم النحر، وهي سنة مؤكدة عن النبي إبراهيم عليه السلام، وأحياها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى تأكيدًا على مشروعيتها:
“فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ” [الكوثر: 2]
، وهي وسيلة للتقرب إلى الله، وشكر لنعمه، وتوسعة على الأهل والفقراء في يوم العيد.
المصادر والمراجع
- سورة الأنعام، الآية 79.
- سورة الأنعام، الآيتان 162-163.
- سورة الكوثر، الآية 2.
- حديث دعاء الذبح “اللهم منك ولك” رواه أبو داود والترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول دعاء الأضحية وأحكامها
ما هو أقل ما يُجزئ قوله عند الذبح؟
أقل ما يجب قوله عند الذبح هو “بسم الله”، فإن تركها عمدًا لم تحل الذبيحة عند جمهور الفقهاء، وإن تركها نسيانًا حلت، أما الزيادة كالتكبير والدعاء فهي من السنن المستحبة.
هل يختلف دعاء ذبح الأضحية بين المذاهب الإسلامية؟
لا يوجد اختلاف جوهري، الصيغ المذكورة أعلاه، والمأخوذة من القرآن والسنة الصحيحة، هي المعتمدة عند عامة المسلمين، قد توجد بعض الأدعية الإضافية المنقولة في بعض المذاهب، لكن الأصل المتبع هو السنة النبوية.
ما حكم من لا يستطيع الذبح بنفسه؟
من لا يحسن الذبح أو لا يستطيعه، يجوز له شرعًا أن يوكل مسلمًا آخر ليذبح عنه، ويُستحب له أن يحضر أضحيته ويشهدها.
هل يجوز إعطاء الجزار من لحم الأضحية كأجرة له؟
لا يجوز إعطاء الجزار أجرته من لحم الأضحية أو جلدها، تُعطى له أجرته من مال المضحي الخاص، ويمكن إعطاؤه من اللحم على سبيل الهدية أو الصدقة بعد دفع أجرته كاملة.
