دعاء الاستغاثة من موت الغفلة والموت المفاجئ

إنَّ تذكُّر الموت والاستعداد له من أعظم العبادات التي تُصلح قلب المؤمن وتُقوِّم سلوكه، فالحياة الدنيا دار ممر، والآخرة هي دار القرار، وقد حثَّنا الشرع الحنيف على الإكثار من ذكر “هاذم اللذات” والاستعاذة بالله من ميتة السوء والغفلة، واللجوء إليه سبحانه بقلبٍ خاشع ليرزقنا حُسن الخاتمة والثبات عند الممات.

أدعية ثابتة من القرآن والسنة للثبات وحسن الخاتمة

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، ومن الأدعية الصحيحة المتعلقة بالاستعاذة من ميتة السوء وطلب الثبات وحسن الختام ما يلي:

1، دعاء الاستعاذة من ميتة السوء

كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من أسباب الميتات السيئة التي قد تأتي فجأة، وهو دعاء عظيم يحفظ العبد بإذن الله.

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَالْهَدْمِ، وَالْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا”.

المصدر: سنن أبي داود وسنن النسائي، وصححه الألباني، وهو من أصح ما ورد في هذا الباب.

  • شرح موجز: في هذا الدعاء، يستعيذ المسلم بالله من الموت نتيجة السقوط من مكان عالٍ (التردي)، أو الموت تحت الأنقاض (الهدم)، أو الغرق والحرق، كما يستعيذ من تسلط الشيطان عند سكرات الموت، ومن الموت فارّاً من الجهاد، أو الموت بلدغة سامة، وهو دعاء شامل للحماية من أنواع ميتات السوء.

2، دعاء سؤال الله خير الحياة وخير الممات

علّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نفوّض الأمر كله لله، ونسأله أن يختار لنا الأفضل في حياتنا ومماتنا.

“اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي”.

المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم.

3، أدعية قرآنية للثبات على الدين

الثبات على الحق حتى الممات هو أساس حسن الخاتمة، وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى أدعية عظيمة لسؤال الله الثبات.

“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ” [آل عمران: 8].

“رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [البقرة: 250].

دعاء اللهم إني أعوذ بك من موت الفجأة مكتوب بالتشكيل

صيغ وأدعية عامة شائعة لطلب حسن الخاتمة

يتداول الناس بعض الصيغ الدعائية التي تحمل معاني طيبة في طلب حسن الخاتمة والنجاة من موت الغفلة، يمكن للمسلم أن يدعو بها وبغيرها مما يفتح الله عليه، ما دام معناها صحيحاً ولا تخالف الشرع، ومن هذه الصيغ المنتشرة:

  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ، اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ.
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ فِي سَاعَةِ الْغَفْلَةِ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَخْتِمَ لَنَا بِخَيْرٍ وَأَنْ تَجْعَلَ خَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا.
  • يَا رَبِّ، خُذْ رُوحِي وَأَنْتَ رَاضٍ عَنِّي، وَاحْشُرْنِي مَعَ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْ آخِرَ كَلَامِي مِنَ الدُّنْيَا “لَا إِلَهَ إِلَّا الله”.
  • اللَّهُمَّ احْفَظْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَقِهِمْ مِيتَةَ السُّوءِ، وَاهْدِهِمْ إِلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ.
  • اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَآنِسْ وَحْشَتَنَا فِي الْقُبُورِ، وَاجْعَلْ قُبُورَنَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بلفظها المحدد بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بأدعية لم ترد ما دامت معانيها صحيحة، ولكن لا يجوز نسبتها إلى الشرع أو اعتقاد فضل خاص لها لم يرد به دليل.

أدعية مأثورة لطلب حسن الخاتمة والنجاة من الغفلة

أسباب معينة على حسن الخاتمة

إلى جانب الدعاء، هناك أعمال صالحة هي من أعظم أسباب التوفيق لحسن الخاتمة بإذن الله، منها:

  • المحافظة على الفرائض: أداء الصلوات الخمس في وقتها، والالتزام ببقية أركان الإسلام.
  • التوبة المستمرة: الإكثار من الاستغفار والتوبة من جميع الذنوب، صغيرها وكبيرها.
  • العمل الصالح: المداومة على عمل صالح يرجو العبد أن يُقبض عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عَسَّلَهُ”، قيل: وما عَسَّلَهُ؟ قال: “يفتح له عملًا صالحًا قبل موته، ثم يقبضه عليه”، (رواه الترمذي وصححه الألباني).
  • الصحبة الصالحة: مرافقة أهل الخير الذين يذكرونك بالله ويعينونك على طاعته.

نص دعاء لطلب حسن الخاتمة والنجاة من موت الغفلة

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل ورد دعاء بلفظ محدد للحماية من “موت الفجأة”؟

لم يرد حديث بلفظ “أعوذ بك من موت الفجأة” تحديداً، ولكن ورد ما هو أعم وأشمل، وهو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَالْهَدْمِ، وَالْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ…”، وهو استعاذة من أسباب الموت المفاجئ وميتات السوء بشكل عام، وهو الدعاء الأفضل في هذا الباب لثبوته وصحته.

ما هو أفضل ما يفعله المسلم ليُرزق حسن الخاتمة؟

أفضل ما يفعله هو الاستقامة على أمر الله، والمداومة على الطاعات، والإكثار من التوبة والاستغفار، والحرص على عمل صالح يداوم عليه، مع الإلحاح على الله بالدعاء الثابت في القرآن والسنة بأن يثبته على الحق ويرزقه حسن الختام.

هل يجوز الدعاء بالصيغ العامة المنتشرة؟

نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة تحمل معنى صحيحاً ولا تخالف الشرع، كأن يقول المسلم “اللهم ارزقني حسن الخاتمة”، لكن لا ينبغي أن يعتقد أن لهذه الصيغ فضلاً خاصاً أو أنها من السنة النبوية ما لم يثبت ذلك بدليل، والأكمل والأفضل دائماً هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات