دعاء سكرات الموت مكتوب (اللهم ثبّته بالقول الثابت)

إن لحظة الاحتضار ومفارقة الروح للجسد هي من أشد المواطن التي يمر بها الإنسان، وفيها يكون العبد في أمسّ الحاجة إلى رحمة الله ولطفه، والدعاء للمحتضر وتذكيره بالله من أعظم القربات وأنفع الأعمال له في ساعاته الأخيرة، حيث يرجى أن تكون خاتمته على التوحيد والرضوان.

وفيما يلي بيان لأهم الأدعية والأذكار الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مع توضيح لما ينبغي فعله في هذا الموقف الجليل.

أدعية مأثورة لتخفيف سكرات الموت وتسهيل خروج الروح

الأدعية والأذكار الثابتة عن النبي ﷺ عند الاحتضار

الأصل في العبادات هو الاتباع، وخير الهدي هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وردت في السنة النبوية الصحيحة توجيهات وأدعية محددة تُقال في هذا الموقف.

1، تلقين المحتضر الشهادة (لا إله إلا الله)

وهو أهم ما ينبغي فعله عند المحتضر، لما له من فضل عظيم في حسن الخاتمة، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.

“مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ”.

(رواه أبو داود، وصححه الألباني).

كيفية التلقين: يكون بتذكير المحتضر بالشهادة برفق ولين، كأن يقول من بجانبه: “لا إله إلا الله”، دون إلحاح أو إكراه، حتى لا يتضجر، فإذا قالها مرة، يُمسك عنه، فإن تكلم بكلام آخر، أعاد تذكيره بها ليكون آخر كلامه.

2، الدعاء للمريض في مرضه الذي يسبق الوفاة

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء للمريض عند زيارته، وهذه الأدعية نافعة جداً للمحتضر، ومنها:.

“اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَأْسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”.

(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم).

وكذلك الدعاء له بالمغفرة والرحمة، كما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأعراب يعوده، فقال:.

“لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ”.

(رواه البخاري).

3، الدعاء بعد قبض الروح

بعد التأكد من الوفاة، يُسن الدعاء للميت بما ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شقَّ بصرُه فأغمضه، ثم قال:.

“إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ”، فضجَّ ناسٌ من أهله، فقال: “لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ”، ثم قال: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ”.

(رواه مسلم).

أمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها للمحتضر

إلى جانب ما ورد في السنة، يمكن للمسلم أن يدعو للمحتضر بأدعية عامة تشتمل على طلب الرحمة والمغفرة وتيسير الأمر عليه، وهذه بعض الصيغ التي يتداولها الناس:.

  • اللَّهُمَّ هوِّن عليه سكرات الموت، واجعلها آخر ما يعانيه في هذه الدنيا، واجعل مرضه كفارة لذنوبه.
  • يَا رَبِّ، عاملهُ برحمتك ولطفك لا بعمله، وتجاوز عن سيئاته، فأنت الغفور الرحيم.
  • اللَّهُمَّ ثبّته عند السؤال، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار.
  • اللَّهُمَّ اجعل آخر كلامه من الدنيا شهادة “أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله”.
  • يَا رَبِّ، أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، وهي أدعية عامة بمعناها، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بفضل خاص أو كيفية محددة، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بأدعية عامة لا تخالف الشرع.

ما حكم تخصيص أدعية معينة لتسهيل خروج الروح؟

لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء مخصص لت “تسهيل خروج الروح”، إنما الثابت هو تلقين المحتضر الشهادة، والدعاء له بالرحمة والمغفرة والتثبيت، والاعتقاد بأن صيغاً معينة لها فضل خاص في تيسير خروج الروح دون دليل شرعي هو أمر لا يصح، والأولى للمسلم أن يلتزم بالهدي النبوي، فهو أكمل الهدي وأنفعه.

دعاء مكتوب للمريض في ساعاته الأخيرة يطلب له الرحمة والمغفرة

علامات الاحتضار وما ينبغي على الحاضرين فعله

تظهر على المحتضر عادةً بعض العلامات التي تدل على قرب أجله، وهي من تقدير الله سبحانه، وعند ملاحظتها، ينبغي على من بحضرته القيام ببعض الأمور المستحبة شرعاً:.

  1. تذكيره بالله وتلقينه الشهادة: كما سبق بيانه، برفق ولين.
  2. توجيهه إلى القبلة: يُستحب توجيه المحتضر إلى القبلة، بأن يضطجع على جنبه الأيمن ووجهه للقبلة إن تيسر ذلك.
  3. قراءة القرآن: اختلف العلماء في حكم قراءة القرآن عند المحتضر، فاستحب بعضهم قراءة سورة “يس” لحديث ورد في فضلها، ولكن الحديث ضعيف، ومع ذلك، فالقرآن كله خير وبركة، وقراءته بقصد طلب الرحمة والسكينة للمحتضر أمر حسن.
  4. الدعاء له بالثبات والرحمة: الإكثار من الدعاء له بأن يثبته الله ويغفر له ويرحمه.
  5. بعد الوفاة: بعد التأكد من خروج الروح، يُسن إغماض عينيه، وشد لحييه، والدعاء له بالدعاء المأثور الذي ذكرناه سابقاً.

المصادر والمراجع

  • حديث “من كان آخر كلامه لا إله إلا الله”: رواه أبو داود (3116)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
  • حديث “اللهم رب الناس أذهب البأس”: رواه البخاري (5743) ومسلم (2191)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
  • حديث “لا بأس، طهور إن شاء الله”: رواه البخاري (3616)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
  • حديث دعاء النبي ﷺ لأبي سلمة بعد وفاته: رواه مسلم (920)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).

أسئلة شائعة حول الدعاء للمحتضر

ما هو أفضل ما يقال عند المحتضر؟

أفضل ما يقال هو تلقينه شهادة “لا إله إلا الله” برفق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ”.

هل هناك دعاء صحيح لتسهيل سكرات الموت؟

لم يثبت حديث صحيح مخصص لهذا الغرض، ولكن الدعاء العام للمحتضر بأن يهون الله عليه ويخفف عنه ويرحمه هو أمر مشروع ومستحب، وهو من أعظم ما يقدم له.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي للمحتضر؟

نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة تحمل معاني طلب الرحمة والمغفرة والتثبيت للمحتضر، ما دامت لا تحتوي على مخالفة شرعية، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات