العمرة من الشعائر الإسلامية العظيمة، وهي زيارة بيت الله الحرام للطاعة والعبادة في غير وقت الحج، ولأن الدعاء هو مخ العبادة، يحرص المعتمر على تحري الأدعية الصحيحة والمأثورة التي تزيد من روحانية هذه الرحلة المباركة.

أدعية العمرة الصحيحة من الكتاب والسنة

الأصل في العبادات هو الاتباع، وخير الهدي هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فيما يلي الأدعية الثابتة التي وردت في مناسك العمرة، مع ذكر مصادرها لضمان الموثوقية والأصالة.

1، التلبية

وهي أول ما يلهج به المعتمر عند الإحرام من الميقات، ويستمر بترديدها حتى يبدأ بالطواف، صيغتها كما وردت في السنة النبوية:

“لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ”

المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 1549.

2، الدعاء عند الطواف

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص بكل شوط من أشواط الطواف السبعة، للمعتمر أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، ويقرأ القرآن، ويذكر الله، إلا أنه قد ورد دعاء مأثور يُستحب الإكثار منه بين الركن اليماني والحجر الأسود في كل شوط:

“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

المصدر: سورة البقرة، الآية 201، وقد ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله بين الركنين (سنن أبي داود، حديث حسن).

3، الدعاء عند الصفا والمروة

عندما يبدأ المعتمر السعي ويقترب من الصفا، يُسن له أن يقرأ قول الله تعالى:

“إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ”

المصدر: سورة البقرة، الآية 158، ثم يقول: “أبدأ بما بدأ الله به”.
وعندما يرقى على الصفا ويستقبل الكعبة، يُسن له أن يوحد الله ويكبره ويدعو ثلاث مرات، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما دنا من الصفا قرأ الآية، ثم رقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره وقال:

“لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ”

ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، يفعل على المروة كما فعل على الصفا.

المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 1218.

أمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها

إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمعتمر أن يدعو بما فتح الله عليه من الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، خاصة في مواطن إجابة الدعاء كالطواف والسعي، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها:

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي، (هذا الدعاء من أذكار الصباح والمساء الثابتة).
• اللهم اجعلها عمرة مقبولة، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً، وعملاً صالحاً متقبلاً، وتجارة لن تبور.
• اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك.
• اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم.

تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة

تنبيه هام: تنتشر بين الناس بعض الأدعية المخصصة لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي، أو أدعية تُنسب لفضل معين دون دليل، هذه الصيغ لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، أو الدعاء بما يفتح الله به على عبده من الخير دون تخصيص صيغة معينة واعتقاد فضلها الخاص.

أركان العمرة الأساسية

تُبنى العمرة على ثلاثة أركان جوهرية لا تصح إلا بها:

1، الإحرام: وهو نية الدخول في النسك من الميقات الشرعي، مصحوباً بالتلبية وارتداء ملابس الإحرام للرجال.

2، الطواف: وهو الدوران حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط، بنية التعبد، مع الطهارة الكاملة.

3، السعي: وهو المشي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، اقتداءً بالسيدة هاجر عليها السلام.

واجبات العمرة

تستند صحة العمرة إلى واجبات لا بد من تأديتها، ومن ترك واجباً منها فعليه فدية:

• الإحرام من الميقات: يجب على كل معتمر أن يُحرم من الميقات المحدد لجهته التي قدم منها.
• الحلق أو التقصير: وهو واجب على الرجال والنساء للتحلل من الإحرام، الحلق للرجال أفضل، والتقصير يجزئ، أما النساء فيقصرن من أطراف شعرهن قدر أنملة.

شروط أداء العمرة

لأداء العمرة شروط لا بد من توافرها في المعتمر، وهي:

• الإسلام: فالعمرة عبادة خاصة بالمسلمين.
• العقل: أن يكون المعتمر مدركاً لما يقوم به من مناسك.
• البلوغ: وهو شرط للوجوب، وتصح من الصغير ويثاب عليها وليه.
• الاستطاعة: القدرة المالية والجسدية على أداء المناسك.
• الحرية: فلا تجب على المملوك.

فضائل أداء العمرة

أداء العمرة من الأعمال المباركة التي تحمل فضائل عظيمة، منها:

• تكفير الذنوب: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا”

  (متفق عليه).

• نفي الفقر والذنوب: قال صلى الله عليه وسلم:
  

  “تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ”

  (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).

• أجرها في رمضان: أداء العمرة في شهر رمضان له فضل خاص، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي”

  (متفق عليه).

محظورات الإحرام

هي الأفعال التي يمتنع عنها المعتمر بمجرد دخوله في النسك، وأبرزها:

• حلق الشعر أو تقليم الأظافر.
• استخدام الطيب أو العطور على البدن أو الثوب.
• تغطية الرأس للرجل بملاصق كالطاقية أو الغترة.
• لبس المخيط للرجل، وهو ما فُصِّل على قدر عضو من أعضاء الجسم.
• عقد النكاح أو الخطبة.
• الجماع ودواعيه.
• صيد البر.

تهنئة للمعتمر

من السنة الدعاء للمعتمر عند عودته بالقبول والبركة، وهذه بعض العبارات المناسبة:

• عمرة مقبولة وذنب مغفور بإذن الله، تقبل الله طاعتكم.
• هنيئًا لك زيارة بيت الله الحرام، نسأل الله أن يتقبل منك صالح الأعمال.
• الحمد لله على سلامتكم، جعلها الله عمرة مباركة تطهر القلوب وتغفر الذنوب.

أسئلة شائعة حول أدعية العمرة

هل هناك دعاء مخصص لكل شوط في الطواف؟

لا، لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء مخصص لكل شوط، للمعتمر أن يدعو بما يشاء من الأدعية العامة ويذكر الله ويقرأ القرآن، مع الإكثار من دعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…” بين الركن اليماني والحجر الأسود.

هل يجوز الدعاء بغير اللغة العربية في العمرة؟

نعم، يجوز للمعتمر الذي لا يتقن اللغة العربية أن يدعو بلغته، فالله سبحانه وتعالى يفهم جميع اللغات ويعلم ما في القلوب، والأفضل هو حفظ الأدعية المأثورة باللغة العربية وفهم معانيها.

ما هو أفضل دعاء يمكن أن أقوله في العمرة؟

أفضل الدعاء هو ما كان جامعاً لخيري الدنيا والآخرة، وما ورد في القرآن والسنة، ويعتبر دعاء “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” من أجمع الأدعية، بالإضافة إلى طلب المغفرة والعافية والجنة، والاستعاذة من النار.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر