إن من آداب الشريعة الإسلامية أن يفتتح المسلم أموره بذكر الله تعالى والدعاء الصادق، ويشمل ذلك العلاقة الزوجية التي هي من أعظم نعم الله، فالدعاء في هذه الأحوال له أثر عظيم في تحصين الزوجين، وجلب البركة والسكينة، وحفظ النسل من الشيطان، وعندما يقترن هذا الفعل بالنية الخالصة، يتحول إلى عبادة ورجاء في رحمة الله، حيث يتضرع الزوجان إلى الله تعالى ليسألاه من فضله أن يرزقهما الذرية الصالحة المباركة، وأن يثبت قلوبهما على المودة والرحمة.
الدعاء المأثور الصحيح قبل الجماع
ورد في السنة النبوية الشريفة دعاء محدد يُستحب للزوج أن يقوله قبل مباشرة أهله، وهو من أهم أسباب حفظ الولد من الشيطان، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا”.
المصدر: متفق عليه (رواه البخاري ومسلم).
هذا الدعاء هو الأصل الشرعي في هذا الباب، وهو كافٍ ومبارك، ويُرجى لمن قاله بصدق وإخلاص أن يحفظ الله له ذريته.
أدعية من القرآن الكريم لطلب الذرية الصالحة
القرآن الكريم مليء بأدعية الأنبياء والصالحين الذين تضرعوا إلى الله ليرزقهم الذرية الطيبة، وهذه الأدعية هي من أفضل ما يُدعى به لبركتها وعظيم معانيها:
- دعاء زكريا عليه السلام:
“رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ” [آل عمران: 38].
.
- دعاء زكريا عليه السلام أيضاً:
“رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ” [الأنبياء: 89].
.
- دعاء عباد الرحمن:
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74].
.
- دعاء امرأة عمران: وهو دعاء عظيم في إخلاص النية لله قبل الحمل.
“رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” [آل عمران: 35].
.
أدعية عامة ومشروعة لطلب الحمل
بالإضافة إلى ما ورد في القرآن والسنة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع، ما دامت تتضمن معاني التوحيد والافتقار إلى الله، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها لطلب نعمة الإنجاب:
- اللَّهُمَّ يَا وَهَّابُ، يَا رَزَّاقُ، يَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، ارْزُقْنِي وَزَوْجِي الذُّرِّيَّةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تُقِرُّ بِهَا أَعْيُنُنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
- رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي نِعْمَةَ الأُمُومَةِ وَالأُبُوَّةِ، وَهَبْ لِي مِنْ رَحْمَتِكَ مَا يَجْبُرُ قَلْبِي.
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ أَمْرُهُ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ، إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، ارْزُقْنِي حَمْلاً مُبَارَكًا، وَاجْعَلْهُ تَامَّ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ.
صيغ شائعة تُنسب للحمل بتوأم وحكمها
ينتشر بين بعض الناس أدعية بصيغ معينة يعتقدون أنها مخصصة لطلب الحمل بتوأم، من أمثلة هذه الأدعية العامة التي قد تُستخدم لهذا الغرض:
- “يا رب بحق رحمتك التي وسعت كل شيء ارزقني من فضلك الواسع ذرية صالحة توأماً مباركاً ينفعني وينفع الأمة.”.
- “اللهم يا من تعلم ما في الأرحام، ارزقني توأماً صالحاً بواسع فضلك وجودك الذي لا ينقطع.”.
- “يا رب بلغني أُمنيتي ورجائي الذي ملأ قلبي، فأنت الوهاب القادر على كل شيء، هب لي توأماً تقر به عيني.”.
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية:
هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس اجتهاداً منهم، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية وشاملة ومباركة.
ما هو الحكم الشرعي للدعاء بطلب التوأم؟
الدعاء بطلب إنجاب توأم هو أمر جائز شرعاً ولا حرج فيه، لأنه من طلب الخير والمباح من الله تعالى، والله على كل شيء قدير، لكن الخطأ يكمن في اعتقاد أن هناك صيغاً معينة أو أدعية خاصة ورد بها الشرع لتحقيق ذلك، الصواب هو أن يدعو المسلم ربه بحاجته بشكل عام، فيقول مثلاً: “اللهم ارزقني توأماً صالحاً” دون أن ينسب صيغة معينة إلى السنة.
الدعاء بعد العلاقة الزوجية
لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص يُقال بعد إتمام العلاقة الزوجية، ولكن يُستحب للزوجين أن يكونا دائمي الذكر والدعاء في كل أحوالهما، فيمكنهما بعد الاغتسال والتطهر أن يحمدا الله ويثنيا عليه، وأن يستمرا في الدعاء بطلب الذرية الصالحة والبركة في حياتهما، باستخدام الأدعية القرآنية أو الأدعية العامة المذكورة سابقاً.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6388، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 1434، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سورة آل عمران، الآية 38.
- سورة الأنبياء، الآية 89.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة آل عمران، الآية 35.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو الدعاء الصحيح الذي يقال قبل الجماع؟
الدعاء الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو:
“بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا”
وهو حديث متفق عليه.
هل يجوز الدعاء للحمل بتوأم؟
نعم، يجوز الدعاء بطلب الحمل بتوأم، فهو من طلب الخير المباح من الله تعالى، ولكن لا توجد صيغة دعاء محددة وثابتة في السنة لهذا الغرض، بل يدعو المسلم بحاجته بالصيغة التي تناسبه.
ما هي أفضل أوقات الدعاء لطلب الذرية؟
يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، فالدعاء في هذه الأوقات أرجى للقبول بإذن الله.
هل هناك دعاء مأثور بعد العلاقة الزوجية؟
لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص يُقال بعد العلاقة الزوجية مباشرة، والأمر في ذلك واسع، فيمكن للزوجين الدعاء بما يشاءان من خير الدنيا والآخرة في أي وقت.

