تُعَدُّ سورة الكهف من السور ذات الأهمية الكبيرة في القرآن الكريم، وهي سورة مكية تتميز بمحتواها الغني بالقصص والعبر، وهي إحدى السور الخمس التي تبدأ بالحمد لله: (الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر)، وفي ذلك إبراز لعظمة الله وتمجيده.

تتضمن سورة الكهف أربع قصص رئيسية تحمل دروساً عميقة للمسلم: (قصة أصحاب الكهف) عن فتنة الدين، (قصة صاحب الجنتين) عن فتنة المال، (قصة موسى عليه السلام والخضر) عن فتنة العلم، و(قصة ذي القرنين) عن فتنة السلطة، هذه القصص ليست مجرد روايات، بل هي منارات هداية تُرسِّخ الإيمان وتلهم المسلم للدعاء والتضرع إلى الله، استلهاماً من بركات هذه السورة العظيمة.

الفضائل الثابتة لسورة الكهف في السنة النبوية

لسورة الكهف مكانة خاصة، وقد ورد في فضلها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مما يجعل قراءتها والعمل بها من الأمور المستحبة، ومن أبرز هذه الفضائل:

• النور بين الجمعتين: قراءتها يوم الجمعة سبب لنور يضيء للمسلم ما بين الجمعتين، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
  

  “مَن قرأَ سورةَ الكَهفِ في يومِ الجمعةِ أضاءَ لَهُ منَ النُّورِ ما بينَ الجمعتينِ”

  (حديث صحيح، صححه الألباني في صحيح الجامع).

• العصمة من فتنة المسيح الدجال: حفظ أوائل آياتها يعصم من فتنة الدجال، وهي من أعظم الفتن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ”

  (رواه مسلم).

الأدعية الصحيحة الواردة في سورة الكهف

تحتوي سورة الكهف على أدعية قرآنية عظيمة، وهي أفضل ما يُدعى به لثبوتها في كلام الله تعالى، الدعاء بهذه الآيات هو اقتداء بالصالحين الذين ذكرهم الله فيها.

1، دعاء أصحاب الكهف (لطلب الرحمة والهداية)

هذا هو الدعاء الذي لجأ به الفتية إلى ربهم حين فروا بدينهم، وهو دعاء جامع لطلب الرحمة وتيسير الأمور إلى الصواب والرشاد.

“إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا” [الكهف: 10].

2، توجيه إلهي عند نسيان المشيئة

ليست دعاءً بالمعنى المباشر، ولكنها توجيه رباني للمؤمن بأن يربط أموره المستقبلية بمشيئة الله، وأن يذكره عند النسيان، راجياً الهداية لما هو أقرب صوابًا.

“وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا” [الكهف: 23-24].

صيغ شائعة للدعاء يُمكن الاستئناس بها

يتداول الناس بعض الأدعية التي ينسبونها لبركة سورة الكهف أو يدعون بها بعد قراءتها لقضاء الحوائج وتفريج الكروب، هذه الأدعية في مجملها تحمل معاني طيبة، ويمكن الدعاء بها كأدعية عامة في أي وقت، نذكر هنا بعض الأمثلة منها:

• اللَّهُمَّ يا ربَّ العرشِ العظيمِ، نسألك برحمتك الواسعة أن تقضي حاجتي، وتيسِّر لي أمري، وتفرِّج عني همِّي يا أرحم الراحمين.
• نسألُكَ يا الله بجلالِكَ وعظيم سلطانك، وببركة سورة الكهف، أن تغفِرَ لنا زلاتِنا، وتتجَاوَزَ عن خطايانا، وتُدخلنا جناتِكَ دون حساب ولا سابقة عذاب.
• يا ربِّ، لا تؤاخذنا بذنوبِنا، ولا تُحاسبْنا بزلَّاتِنا، فإن رحمتَكَ وسِعت كلَّ شيء.
• اللهم اقضِ عني الدَّين، وأغنني من الفقر، وفرّج كربي، ويسّر لي كل عسير برحمتك يا أرحم الراحمين.
• اللهم إني أستعيذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال.

تنبيه هام وحكم تخصيص السورة بأدعية معينة

تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أنها خاصة بسورة الكهف أو تُقال بعدها على وجه التحديد، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي لا تخالف الشرع بعد قراءة القرآن، ولكن دون أن يعتقد أن لهذه الصيغ فضلاً خاصاً مرتبطاً بسورة الكهف.

معلومات شاملة حول سورة الكهف

قبل الخوض في الدروس المستفادة من السورة، إليك ملخص لأهم المعلومات المتعلقة بها:

العبر والمواعظ المستخلصة من سورة الكهف

سورة الكهف بحر من الحكم والدروس التي تبني شخصية المسلم، ومن أبرزها:

• أهمية الصحبة الصالحة: كما في قوله تعالى:.

“وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ” [الكهف: 28]

• الفرار بالدين عند الفتن: قصة أصحاب الكهف تعلمنا أن اعتزال بيئة الفساد للحفاظ على الدين هو من أعظم القربات.
• خطر فتنة المال والجاه: قصة صاحب الجنتين تحذر من الغرور بالنعمة ونسيان شكر المُنعم.
• التواضع في طلب العلم: قصة موسى عليه السلام مع الخضر تُظهر أن فوق كل ذي علم عليم، وتؤكد على أهمية الصبر في رحلة التعلم.
• التمكين في الأرض بالعدل والإيمان: قصة ذي القرنين مثال للحاكم الصالح الذي يستخدم قوته في نصرة المظلوم وإقامة العدل.
• ربط الأمور بمشيئة الله: التوجيه الرباني بقول “إن شاء الله” يعلّم المسلم التوكل على الله وتفويض الأمر إليه.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو الدعاء الصحيح الوارد في سورة الكهف؟

أبرز دعاء صحيح وثابت في نص السورة هو دعاء أصحاب الكهف:

“رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا” [الكهف: 10]

، وهو دعاء عظيم لطلب الرحمة والهداية والصواب في الأمور كلها.

هل توجد أدعية مخصصة لسداد الدين من سورة الكهف؟

لم يرد في السنة النبوية أو في نصوص السورة نفسها دعاء مخصص لسداد الدين، ولكن يمكن للمسلم قراءة السورة بنية طلب العون من الله، ثم الدعاء بأدعية قضاء الدين العامة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو الدعاء بما يفتح الله عليه بقلب خاشع.

ما هو أفضل وقت لقراءة سورة الكهف؟

أفضل وقت لقراءتها هو يوم الجمعة، لورود الحديث النبوي الشريف في فضل ذلك، تبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس وتنتهي بغروب شمس يوم الجمعة.

هل يجب قراءة السورة كاملة للحصول على فضلها؟

نعم، الأحاديث التي وردت في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة (كنور ما بين الجمعتين) تشير إلى قراءة السورة كاملة، أما فضل العصمة من الدجال، فقد ورد في الحديث أنه يتحقق بحفظ عشر آيات من أولها.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر