إن إظهار المحبة في الله من أعظم القربات وأوثق عرى الإيمان، وقد حثّنا الشرع الحنيف على التعبير عن هذه المشاعر الصادقة، وقد ورد في السنة النبوية ما يؤكد هذا المبدأ العظيم:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلًا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل، فقال: يا رسول الله، إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَعْلَمْتَهُ؟»، قال: لا، قال: «أَعْلِمْهُ»، فلحقه، فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له.
(رواه أبو داود وصححه الألباني)، هذا التوجيه النبوي يُبرز أن المحبة عمل قلبي يكتمل أثره بالتعبير عنه، مما يعزز روابط الأخوة ويقوي أواصر المودة بين المسلمين، وفي عصرنا الحالي، سهّلت وسائل الاتصال الحديثة إيصال هذه الرسائل الإيمانية، سواء عبر الرسائل النصية أو التطبيقات المختلفة، ليبقى المقصد الأسمى هو صدق النية وابتغاء الأجر من الله تعالى.
أدعية للشخص الغالي: أدعية مأثورة وصيغ عامة
الدعاء للغير بظهر الغيب من أجلّ العبادات، فهو دليل على صدق المحبة وكمال الإيمان، يمكن للمسلم أن يدعو لأخيه بما ورد في الكتاب والسنة، وهي أفضل الأدعية وأجمعها للخير، كما يمكنه أن يدعو بصيغ عامة تحمل معاني الخير ما لم تخالف الشرع.
أمثلة على صيغ الدعاء العامة لشخص عزيز
فيما يلي بعض الصيغ التي يمكن الاستئناس بها عند الدعاء لشخص عزيز، مع التنبيه على أنها ليست من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنصها، وإنما هي من الأدعية العامة التي تحمل معاني طيبة.
- أسألُ اللهَ أن يُحَصِّنَكَ بالقرآنِ الكريمِ، وأن يَصرِفَ عنكَ كلَّ شرٍ ووساوسِ الشيطانِ، وأن يُيَسِّرَ لكَ الأعمالَ التي تَرفَعُكَ إلى أعلى درجاتِ القُربِ منه، وأن يَغمُرَكَ بنفحاتٍ من الإيمانِ، ويُلبِسَ جسدَكَ عافيةً دائمةً، ويرزقَكَ رزقًا واسعًا من رضاهُ، ويُكرِمَنا وإياكَ بلقاءٍ في أعلى منازلِ الجنةِ بفضلِهِ ورحمتِه.
- يا ربِّ، بقدرتِكَ التي أنجيتَ بها نبيَّكَ يونسَ من بطنِ الحوتِ، وبرحمتِكَ التي شفيتَ بها عبدَكَ أيوبَ، أسألُكَ أن تدفعَ عن هذا الشخصِ كلَّ كربٍ وضيقٍ ومرضٍ، وأن تُفرِّجَ همَّهُ، وتُبدِلَ حُزنَهُ فرحًا، وإن كانَ في حاجةٍ فلا تَكِلْهُ إلا إليكَ يا كريمُ، واحفظهُ بحفظِكَ ورعايتِك.
- اللهمَّ اجعلْ قلبَهُ عامرًا برضاكَ، مُطمئنًا بهُداكَ، وارزقهُ حلاوةَ حُبِّكَ وخشيتَكَ، واغفرْ لهُ برحمتِكَ، وأكرمهُ بدخولِ جنتِكَ يا أرحمَ الراحمين.
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة هي مما يتداوله بعض الناس ويحمل معانٍ طيبة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة.
رسائل دعاء لشخص عزيز يمر بمحنة أو حزن
من حقوق الأخوة في الإسلام الوقوف بجانب من نحب في أوقات الشدة والمحنة، ومواساتهم والدعاء لهم بتفريج الكروب وزوال الهموم، فالمحبة الصادقة تدفعنا للشعور بآلامهم والسعي في التخفيف عنهم، وأعظم ما يمكن تقديمه في هذه المواقف هو اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء الصادق.
فيما يلي أمثلة لصيغ دعاء يمكن إرسالها لمواساة شخص يمر بمحنة:
- اللهمَّ يا من أنعمتَ عليَّ بصحبةِ من أُحِبُّ، أسألكَ أن تجمعنا دائمًا على طاعتِكَ، وأن لا تحرمنا لقاءً في جنتِكَ يا أكرمَ الأكرمين.
- اللهمَّ املأ قلبَهُ سعادةً، وأيامَهُ خيرًا، ويسِّر لهُ كلَّ عسيرٍ، وحقِّق لهُ ما يتمنى، واغمرْ حياتَهُ بالسكينةِ والطمأنينةِ، واجعلِ الفردوسَ الأعلى دارهُ وقرارهُ.
- اللهمَّ يا سامعَ الدعاءِ، ويا عالمًا بما في القلوبِ، اجعلْ لهُ في كلِّ ضيقٍ مخرجًا، وفي كلِّ همٍّ فرجًا، وكنْ لهُ سندًا ومعينًا، واحفظهُ بحفظِكَ الذي لا يرام.
- اللهمَّ خفِّفْ كلَّ ما يُثقِلُ قلبَهُ، واملأ حياتَهُ نورًا وسكينةً، وارزقهُ فرحةً تُنسيهِ مرارةَ ما مرَّ بهِ، وكُنْ لهُ أنيسًا وجليسًا، فأنتَ حسبُهُ ونعمَ الوكيل.
- اللهمَّ افتحْ لهُ أبوابَ الخيرِ، ووفّقْهُ في كلِّ خطوةٍ، وامنحهُ الصحةَ والعافيةَ، واحفظْ لهُ أحبابهُ، واجمعنا بهِ في جناتِ النعيم.
- اللهمَّ إن كانَ في قلبِهِ حزنٌ فبدِّلهُ فرحًا، وإن كانَ في جسدِهِ ألمٌ فامنحهُ الشفاءَ، وإن كانَ في نفسِهِ ضيقٌ فأنزلْ عليهِ رحمتَكَ وسكينتَكَ، فأنتَ القادرُ على كلِّ شيء.
- اللهمَّ اجعلْ منامَهُ راحةً، ويقظتَهُ طمأنينةً، وأيامَهُ مليئةً بما يُحِبُّ، واصرفْ عنه كلَّ همٍّ وشرٍّ، واستودعناكَ إياهُ يا من لا تضيعُ ودائعُه.
رسائل دعاء بالتوفيق لشخص تحبه
التوفيق من الله وحده، وهو غاية كل ساعٍ ومراد كل مجتهد، وقد علّمنا القرآن الكريم أن ننسب التوفيق إلى مسببه سبحانه وتعالى، كما جاء على لسان نبي الله شعيب عليه السلام:
…وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
[هود: 88]
هذه الآية الكريمة أصل عظيم في أن التوفيق بيد الله وحده، وأن مفتاحه هو التوكل الصادق عليه، لذا، فإن الدعاء بالتوفيق لمن نحب هو من أصدق صور المحبة، حيث نسأل الله أن يأخذ بأيديهم إلى كل خير ونجاح.
أمثلة لصيغ الدعاء بالتوفيق:
- اللهمَّ إنّي أُحبُّهُ فيكَ حبًّا صادقًا، فأسألكَ يا ربِّ بقدرِ محبتي لهُ أن ترزقَهُ التوفيقَ، وتُذلِّلَ لهُ الصعابَ، وتحقِّقَ آمالَهُ، وتحفظَهُ برعايتِكَ التي لا تغيب.
- اللهمَّ ارزقهُ من عطائِكَ الذي لا ينقطعُ، ويسِّر لهُ أسبابَ النجاحِ، وافتحْ أمامهُ أبوابَ رضاكَ، واملأ حياتَهُ بالأملِ والتوفيقِ، واستجبْ دعواتِهِ يا كريم.
- يا ربِّ، أوصيكَ بهذا العبدِ العزيزِ على قلبي، فقرّبهُ من كلِّ خيرٍ، وسدِّد خُطاهُ، ووفّقْهُ في جميعِ أمورِهِ، واجعلهُ من السعداءِ في الدارين.
- اللهمَّ باركْ لهُ في أيامهِ، واجعلهُ من الشاكرينَ لنعمائِكَ، الصابرينَ على بلائِكَ، واجعلِ التوفيقَ حليفَهُ، وحقِّق لهُ ما يسعى إليهِ من خير.
- يا ربِّ، يسِّر لهُ كلَّ عسيرٍ، وسهِّل لهُ طريقَ النجاحِ، واجعلِ التوفيقَ رفيقَهُ في كلِّ خطوةٍ، واحفظهُ من كلِّ شرٍّ، وسخِّر لهُ أسبابَ الفلاحِ.
أدعية لصديق عزيز بالسعادة والطمأنينة
الصديق الصالح نعمة عظيمة ورزق من الله، والدعاء له بالسعادة والطمأنينة من أوفى ما يقدمه الصديق لصديقه، خاصة في زمن كثرت فيه الهموم والمشتتات.
- يا ربِّ، أنتَ أعلمُ بمدى محبتي لهذا الصديقِ، ففرِّج عنهُ كلَّ كربٍ، ويسِّر لهُ كلَّ عسيرٍ، واغمرْ حياتَهُ بنورِ الفرحِ والسلامِ، وامنحهُ من خيرِكَ ما يملأ قلبَهُ سعادةً.
- اللهمَّ اجعلْ قلبَ صديقي مُطمئنًا بذكرِكَ، وسهِّل عليهِ أمورَهُ، واحفظهُ من كلِّ ألمٍ وحزنٍ، وأسكِنِ الفرحَ في قلبِهِ، واجعلِ الابتسامةَ لا تفارقُ محياهُ.
- اللهمَّ يا واسعَ الرحمةِ، لا تردَّ دعائي، وأسعدْ قلبَ صديقي، وامنحهُ ما يتمنى من الخيرِ، واجعلِ القرآنَ ربيعَ قلبِهِ، ونورَ صدرِهِ، وجلاءَ حزنِهِ، وذهابَ همِّه.
- اللهمَّ احفظْ صديقي من كلِّ مكروهٍ، واسكبْ في أيامهِ البهجةَ والسرورَ، وأدِمْ على وجهِهِ نورَ السعادةِ، وضحكةً لا تزول.
- يا ربِّ، أسألُكَ أن تُبعِدَ عن هذا الصديقِ كلَّ ما يُكدِّرُ خاطرهُ، وأن تبارك له في عُمُرِهِ ورزقِهِ، وأن تقرّبَ إليهِ كلَّ خيرٍ، وتملأ أيامَهُ بالسرورِ وتحقيقِ الأمنيات.
رسائل ودعاء لشخص له مكانة خاصة في القلب
- يا ربِّ، إنَّكَ تعلمُ أنَّهم من أحبِّ الناسِ إلى قلبي، فأسألُكَ أن تُديمَ المودةَ بيننا، وأن ترزقنا مغفرةً بلا عذابٍ، وجنةً بلا حسابٍ، ودعوةً لا تُرَدُّ.
- اللهمَّ ارزقهُ من حلالِكَ ما يُغنيهِ عن حرامِكَ، وبفضلِكَ عمَّن سواكَ، اللهمَّ لا تُرِني فيهِ بأسًا يُبكيني، وافتحْ لهُ أبوابَ الخيرِ، وذلِّل لهُ الصعابَ، وخذْ بيدِهِ إلى ما تُحِبُّ وترضى.
- اللهمَّ احفظهم بآياتِ كتابِكَ الكريمِ، واصرفْ عنهم وساوسَ الشيطانِ، واجعلْ أعمالَهم سببًا في رفعةِ درجاتِهم عندَكَ، وأفضْ عليهم من نفحاتِ الإيمانِ والعافيةِ والرضا، واجمعنا بهم في جناتِ النعيم.
- يا ربِّ، إن كانَ في قلبِهِ همٌّ فبدِّلْهُ فرحًا، وإن مسَّهُ مرضٌ فاشفِهِ شفاءً لا يغادرُ سقمًا، وإن شعرَ بضيقٍ فاجبرْهُ بقوتِكَ، وكُنْ لهُ معينًا ونصيرًا يا أرحمَ الراحمين.
- اللهمَّ أكرمْ قلبَهُ برحمتِكَ، وزيِّن أيامهُ بذكرِكَ وشكرِكَ، وامنحهُ حفظًا لدينِهِ، وسعةً في رزقِهِ، وسعادةً لا تنتهي، وراحةَ بالٍ لا تزول.
المصادر والمراجع
- سورة هود، الآية 88.
- سنن أبي داود، حديث رقم 5125، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما حكم الدعاء لشخص بصيغ من إنشاء الداعي؟
يجوز للمسلم أن يدعو لأخيه المسلم بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء، بشرط أن تكون معانيها صحيحة ولا تخالف الشريعة الإسلامية، كأن تشتمل على اعتداء في الدعاء أو شرك، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
ما هو أفضل دعاء يمكن أن أدعو به لمن أحب؟
أفضل الدعاء هو ما ورد في الكتاب والسنة، ومن أعظم الأدعية أن تدعو لأخيك بظهر الغيب، فقد ورد في الحديث الصحيح عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ”
(رواه مسلم)، فادعُ له بما يحتاجه من خير الدنيا والآخرة كالمغفرة والرحمة والعافية والتوفيق.
هل الأحاديث المذكورة في المقال صحيحة؟
نعم، نحرص في هذا المقال على الاستشهاد بالأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ذكر مصدرها ودرجة صحتها، وذلك لضمان تقديم محتوى موثوق ومبني على الدليل الشرعي الصحيح.
 
		
