نص دعاء يخافه الشيطان ويفر منه مكتوب

إن عداوة الشيطان للإنسان حقيقة راسخةٌ أصلها القرآن الكريم، وقد بدأت منذ أن أمر الله -عز وجل- الملائكة بالسجود لآدم -عليه السلام- تكريماً له، فامتثلوا جميعاً إلا إبليس الذي أبى واستكبر، فاستحق بذلك غضب الله ولعنته إلى يوم الدين، ومنذ تلك اللحظة، أخذ الشيطان على نفسه عهداً بإغواء بني آدم وصدهم عن سبيل الحق.

يسعى الشيطان جاهداً لتزيين المعاصي في أعين الناس عبر الوسوسة، مستغلاً لحظات الغفلة والضعف الإنساني لإبعادهم عن طريق الهدى وإفساد علاقتهم بخالقهم، لذا، كان لزاماً على كل مسلم أن يتحصن بالله ويلجأ إليه بالدعاء والذكر ليكون في مأمن من كيد الشيطان ووساوسه.

أدعية ثابتة من السنة النبوية للتحصن من الشيطان

إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تكفي المسلم وتغنيه، ومن هذه الأدعية الصحيحة:

  • دعاء جامع للحفظ من الشيطان وشره: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل:

    “اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ”.

    المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح.

  • دعاء لإبعاد الوسوسة وذهاب الهم: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أصاب أحدًا قط همٌّ ولا حزنٌ، فقال:

    اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي.

    إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا”.المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني.

  • دعاء الخروج من المنزل: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “مَنْ قَالَ -يَعْنِي إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ-: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، يُقَالُ لَهُ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ”.

    المصدر: سنن أبي داود وسنن الترمذي، حديث صحيح.

أدعية نبوية صحيحة للحماية من الشيطان ووساوسه

صيغ وأدعية مأثورة وعامة للتحصن من الشيطان

يتداول بعض الناس أدعية وصيغاً للتحصن من الشيطان، بعضها مأثور عن السلف الصالح وبعضها الآخر أدعية عامة حسنة المعنى، ومن الأمثلة على ذلك:

  • دعاء مأثور عن بعض السلف:“اللَّهُمَّ إِنَّكَ سَلَّطْتَ عَلَيْنَا عَدُوًّا عَلِيمًا بِعُيُوبِنَا، يَرَانَا هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا نَرَاهُمْ، اللَّهُمَّ آيِسْهُ مِنَّا كَمَا آيَسْتَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَقَنِّطْهُ مِنَّا كَمَا قَنَّطْتَهُ مِنْ عَفْوِكَ، وَبَاعِدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَحْمَتِكَ وَجَنَّتِكَ.”.
  • أدعية عامة يمكن الدعاء بها:
    • “اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل سلطان شديد، ومن شر شيطان مريد، ومن شر كل جبار عنيد، ومن شر قضاء السوء، ومن كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.”.
    • “يا رب، يا مدبر كل الأمور، ويا شافي الصدور، كما تجير بين البحور، أجرني من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور.”.
    • “اللَّهُمَّ طهّر قلبي من النفاق، وعملي من الرياء، ولساني من الكذب، وعيني من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.”.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه (المأثورة عن السلف والعامة) هي مما يتداوله بعض الناس، وهي حسنة المعنى في مجملها، ولكنها لم تثبت بسند صحيح متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيها الكفاية والبركة والخير العظيم.

يجوز للمسلم أن يدعو بأدعية من إنشائه أو بما أُثر عن الصالحين، بشرط ألا تحتوي على محظور شرعي وألا يعتقد أنها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويبقى الأفضل والأكمل هو لزوم الأدعية النبوية الموثوقة.

كيفية التحصن من وساوس الشيطان: خطوات عملية

للتخلص من وساوس الشيطان والوقاية من شره، يُنصح باتباع هذه الخطوات العملية المستمدة من الكتاب والسنة:

  • الاستعاذة بالله: أول وأهم خطوة هي اللجوء الصادق إلى الله بقول: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، فالله وحده القادر على حمايتك منه.
  • قراءة المعوذتين: المداومة على قراءة سورتي الفلق والناس، فهما حصن منيع من وسوسة الشيطان والعين والحسد.
  • قراءة آية الكرسي: فهي أعظم آية في القرآن، ومن قرأها حين يمسي أُجير من الشيطان حتى يصبح، ومن قرأها حين يصبح أُجير منهم حتى يمسي، كما ورد في الحديث الصحيح.
  • تلاوة سورة البقرة: فالبيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله شيطان، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
  • قراءة آخر آيتين من سورة البقرة: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”.

    (متفق عليه)، ومعنى “كفتاه” أي كفتاه من كل سوء ومن شر الشيطان.

  • الذكر اليومي: المحافظة على قول: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” مائة مرة في اليوم، فهي حرز من الشيطان في ذلك اليوم.
  • ملازمة ذكر الله: الاستمرار في ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار يُضعف كيد الشيطان ويجعل القلب عامراً بالإيمان.
  • الالتزام بالعبادات: المحافظة على الصلوات والطاعات، والابتعاد عن المعاصي التي هي مداخل الشيطان إلى قلب الإنسان.
  • تجاهل الوساوس: عند ورود أي وسواس أو فكرة سلبية، يجب قطعها فوراً وعدم الاسترسال معها، والانشغال بذكر الله أو أي عمل مفيد.

طرق عملية للتحصن من الشيطان بالقرآن والذكر

الشيطان خصم الإنسان الأزلي

الشيطان عدو دائم للإنسان، يتربص به في أوقات ضعفه وغفلته ليصرفه عن الصراط المستقيم، ومع ذلك، يجب على المسلم أن يدرك أن كيد الشيطان ضعيف كما وصفه الله تعالى، وأن النفس الأمّارة بالسوء قد تكون دافعاً رئيسياً للمعصية، لذا، تقع المسؤولية على الإنسان في مجاهدة نفسه ومقاومة وساوس الشيطان.

لقد كرّم الله الإنسان بالعقل الذي يميز به بين الحق والباطل، وحمله مسؤولية أفعاله واختياراته، لذلك، يجب أن يبقى المسلم على يقين بأن الشيطان عدوه الأول، وأن يقوّي صلته بالله تعالى ليكون في حصن منيع من كيده، وذلك بالتقوى والعمل الصالح والابتعاد عن خطواته ومداخله.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو أفضل وقت لهذه الأدعية والأذكار؟
أفضل وقت لأذكار التحصين هو في الصباح بعد صلاة الفجر، وفي المساء بعد صلاة العصر أو المغرب، كما يُشرع قولها في مناسباتها الخاصة مثل دعاء الخروج من المنزل، وعند الشعور بالوسوسة.

هل كل الأدعية المذكورة في المقال صحيحة وثابتة؟
المقال يوضح الفرق بين الأدعية الثابتة في السنة النبوية الصحيحة (وهي الأفضل والأكمل)، وبين الأدعية المأثورة عن السلف أو الأدعية العامة، وقد تم بيان حكم كل نوع بوضوح في قسم “تنبيه هام” لضمان الموثوقية.

ما هو أقوى سلاح ضد الشيطان؟
أقوى سلاح ضد الشيطان هو الإخلاص لله تعالى، وقوة الإيمان، وملازمة ذكره، وتلاوة القرآن الكريم بتدبر، والالتزام بالطاعات، واللجوء إلى الله بالدعاء والاستعاذة الصادقة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات